ما يحدث الآن علي أرض مصر الطاهرة عملية انتحار ممنهجة للتيار الإسلامي بكل ألوانه وتنظيماته، بشكل أوضح قتل متعمد لفكرة الإسلام السياسي وهي عملية قديمة منذ فجر الإسلام الأول بدأت بوادرها مع اختيار الخليفة الأول عشية وفاة سيدنا رسول الله([) واختلف الصحابة رضي الله عنهم وإن مرت الخلافة الأولي والثانية لأبي بكر وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ثم احتدمت الأزمة في خلافة الصاحبين عثمان وعلي رضي الله عنهما علي نحو تقرؤه موسعا في الكتب وتأكدت النتيجة أن الدين في السياسة فساد عريض وأن ضبط الدين لخطوات السياسة أمر مهم حتي لاتكون سياسة الكذب والتضليل والخداع ، ثم كان عصر معاوية بن أبي سفيان وولده يزيد نقلة نوعية في الدولة اختلطت السياسة بالدين علي نحو بمقتضاه تفرقت الأمة وتمذهب الصحابة والمسلمون بين شيعة لعلي، ومشايعين لمعاوية، وخوارج عليهما، ومعتزلة خشية الولوغ في دم حرام وتحول الحكم إلي دولة دنيوية مع يزيد بن معاوية فاحتدم الصراع السياسي بين يزيد والحسين رضي الله عنه حتي بلغ الدم للركب في صراع سياسي لاعلاقة له بالدين أصلا، ومازال التيار المتأسلم يجنح إلي العنف والتفجير والقتل متذرعا بفتاوي تجيز له القتل بأي وسيلة وفي أي مكان وزمان وهي فتاوي طائشة مجهولة باطنها الغدر وظاهرها من قبلهم العذاب لأنها تزهق أنفسا بريئة بغير حق ونسوا قول الله تعالي"قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده". إذن غاب التفكير وتقدم التفجير في غياب العقل والورع بدافع من شهوة الانتقام في ظل سياسة نجسة ولو كان في هؤلاء رجل رشيد لوقف خطيبا ينادي لا دين في السياسة ولكفّ هؤلاء عن شططهم ولأوقفوا خططهم ومخططاتهم الجهنمية حقنا لدماء المصريين الأبرياء وحفظا لحاضر مصر ومستقبلها ودرءا لتهمة الإسلام إرهابي - والإسلام كله رحمة - مازلت أنتظر كل يوم شيخا أوشيوخا أو ذا صفة من التيار أو الإخوان يتقدمون بمبادرة يعتذرون عن الدماء التي سالت ويؤكدون توبتهم عن تعاطي السياسة وعودتهم إلي صفوف الشعب المصري العظيم جنود عمل وإنتاج من أجل الدين والوطن.