»النقاب سجن للمرأة ولا يجوز ارتداؤه أمام الأطفال«.. قنبلة جديدة فجرها الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العالم للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية ليعيد من جديد هذا اللغط الذي لا ينتهي حول هذا الملف الشائك ويطرح تلك التساؤلات المكررة عما إذا كان النقاب فريضة أقرها الدين الإسلامي أم مجرد عادة بدوية جاهلية قديمة لا تمت لأصل الدين وروحه بصلة، وبخلاف ذلك فهناك النقطة الخلافية الأكبر والأهم حول ما إذا كان من حق الدول والحكومات منع النقاب تماما كما فعلت بعض الدول الأوروبية كفرنسا وبلجيكا أو بصفة استثنائية لأسباب أمنية في المدارس والجامعات كما حدث في بعض الدول العربية، أم أن عليها أن تبيحه وتسمح به كنوع من الحق المكتسب والحرية الشخصية. التصريحات التي أطلقها الدكتور الجندي مؤخرا تضمنت هجوما شديدا علي النقاب باعتباره نوعاً من الكبت لحرية المرأة والسجن لها كما أنه يتسبب في عزلها عن المجتمع الذي يحيطها، كما أكد أن ارتداءه أمام الأطفال يصيبهم بالحزن والاكتئاب، وقد أثارت هذه التصريحات حفيظة بعض العلماء الذين اعتبروا أنه من غير اللائق وصف النقاب بهذه الصورة، فقال الشيخ فرحات المنجي عضو مجمع البحوث الإسلامية أنه حتي لو كان هناك انتقادات كثيرة توجه إلي ارتداء النقاب فلا يجوز وصفه بالسجن مؤكدا علي إنه عادة وليس عبادة، وأنه ليس من السنة وفي نفس الوقت ليس فريضة إسلامية. من المعروف أن ارتداء النقاب يثير خلافا كبيرا بين علماء الدين، فمنهم المؤيد له بشدة ومنهم المعارض حيث اعتبره البعض فريضة علي المرأة؛ فمنهم من يقول بوجوبه كجزء من الزي الشرعي للمرأة، ومنهم من مال إلي استحبابه، ومنهم من لا يراه فرضا. وقد منع هذا الزي في كثير من الدول الأوروبية باعتباره رمزا دينيا يخالف علمانية بعض هذه الدول. ويعد النقاب فريضة عند ثلاثة من الأئمة الأربعة وهم أبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل ولايري فرضيته الإمام مالك وحده، وينتشر النقاب بصفة عامة في كل من اليمن ودول الخليج العربي بشكل كبير. وقد كانت المرأة في العصر الجاهلي قبل الإسلام تقوم بتغطية شعرها بما يشبه (الطرحة) ولكنها كانت تقوم بجعلها تتدلي إلي الخلف ويبدو منها الوجه والصدر والعنق والجيب . ولعل آخر الدعاوي التي تطالب بحظر النقاب في مصر القرار الذي أصدره شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي بمنع النقاب داخل المعاهد الأزهرية، وهو قرار لقي علي الفور تأييداً رسمياً واقتبسته خمس من كبري الجامعات المصرية وهي القاهرة وعين شمس وطنطا وبنها والإسكندرية فمنعت المنقبات من الإقامة في سكن الطالبات، الأمر الذي أثار غضبهن فتظاهرن أمام مقار هذه الجامعات. وقد أشار د. المنجي إلي أن النقاب أمر شخصي وللمرأة الحق في اختيار ارتدائه من عدمه ، وأبدي اعتراضه علي بعض الحالات الاستثنائية التي تحدث حيث يقوم بعض الرجال بارتداء النقاب والسير في الشوارع ويقومون بارتداء أعمال منافية للآداب من خلال ذلك ، بهدف الغش والتدليس . وأكد علي أن الفقهاء أجمعوا علي أن عورة المرأة في كل جسمها ما عدا الوجه والكفين ، مشيرا إلي أن النقاب لم يرد إلينا إلا منذ سنوات قليلة عندما سافر المسلمون إلي بلاد معينة ،وأخذوا عادة النقاب من هذه البلاد علي الرغم من أنها تناسب عادات هذه الدول ولا تتناسب مع الأوضاع في مصر . وأوضح أن هذه العادة تنتشر في بعض البلاد ذات الطابع البدوي والصحراوي ، ولا تتناسب مع أوضاعنا الحالية في مصر. ورفض وصفه بأنه عادة يهودية ،لأنه لا يجوز أن نقبح الأمر إلي هذه الدرجة ، فيمكن لنا أن نرفض ارتداء المرأة للنقاب ولكن لا يجوز إهانة هذا الزي. وأكدت د.آمنة نصير – أستاذ العقيدة والفلسفة – علي أن النقاب هو معركة مطولة من قبل بعض المرتزقة ، وأكدت علي أن النقاب تنبع جذوره إلي العادات اليهودية مدللة علي ذلك بما ذكر في فقه التكوين . وعندما جاء الإسلام وانتشر بين القبائل في الجاهلية لم يرفضه ولكنه أعطي الحرية لمن يشاء سواء بارتدائه أو بعدمه. فالقضية لا تحتاج إلي هذه الزوبعة لأن إثارتها أوجدت ريبة داخل المجتمع ، خاصة في ظل استغلال الكثيرين من المفسدين النقاب للإفساد في الأرض ، وطالما هناك ريبة منه فرفع الريبة أفضل من وجودها .فلا أري منفعة من ارتدائه خاصة أنه يثير حالة من الجدل بين الناس وأبدت استياءها من كل الانتقادات التي وجهت إليها بسبب وصفها النقاب بأنه عادة يهودية ، مؤكدة أن هذا لا ينتقص من قيمته ، ولكنها حقائق علمية بيما يري د. أحمد السايح – مفكر إسلامي- أن النقاب ليس له علاقة بالإسلام لأن الله كرم المرأة وجعلها في نفس واحدة مع الرجل فالمرأة مخلوق كوني أمره الله أن يتزين بما يحجب عنها النظرات ، وليس النقاب من الإسلام في شيء ، فلو كانت المرأة منقبة فهي تمنع الآية القرآنية التي تنص علي غض البصر . وعلي صعيد آخر ، يري د. عبد الحكيم الصعيدي – أستاذ بجامعة الأزهر – أن النقاب عادة من العصور الوسطي لحجب جمال المرأة عن الأنظار خاصة إذا كانت رائعة الجمال ولكننا لا نستطيع أن نقول إن الأمر متعلق بالإسلام في شيء ، فالإسلام لم يأمر المرأة بارتداء النقاب ولكن هذا لا يمنع أنه متفق مع الشريعة الإسلامية حتي لا تكون المرأة فتنة. النقاب بعيد عن اضطرابات الأطفال وعلي صعيد آخر ، أبدي علماء نفسيون انتقاداتهم لوصف النقاب بكونه يمكن أن يؤدي إلي حالة اكتئاب لدي الأطفال، مؤكدين علي أن هناك عدداً كبيراً من الأمور التي قد تؤدي إلي إصابتهم بالاكتئاب أكثر من ارتداء النقاب يقول د.أنور عطية – أستاذ علم الاجتماع – إن الطفل قد يصاب باكتئاب من عدد كبير من المؤثرات البيئية من حوله ، ربما يصاب بذلك نتيجة سوء معاملة الوالدين له، أو انفصال الوالدين في سن الصغير، أو غيرها من المتغيرات الأخري من حوله أكثر من إصابته بالاكتئاب من ارتداء النقاب. وأشار إلي أن النقاب لا ينتشر في مصر بصورة مزعجة ، وأن الأم حتي لو كانت تردتدي النقاب فهي لا ترتديه طوال اليوم ، وإنما هي ترتديه وهي خارج المنزل فقط ، أما وهي في بيتها فلا ترتدي النقاب ، وبالتالي فهي لا تقضي طوال الوقت أمام طفلها وهي ترتديه وبالتالي فهو لا يتسبب في ضرر نفسي للأطفال بشكل كبير واتفقت مع الرأي السابق ، الدكتورة نادية رضوان – أستاذة علم الاجتماع – مؤكدة علي أن الملابس ليست بالعامل الكبير في التأثير النفسي علي الأطفال في سلوكياتهم ، ولكن التأثير الأكبر من خلال تصرفات الأب والأم مع هذا الطفل وليس زيهم ، خاصة أن ارتداء النقاب من عدمه هو سلوكيات خاصة بالمرأة