تجربة انتخابات حزب الوفد الديمقراطية باتت في مهب الريح، بعد أن تزايدت حدة الخلافات مؤخراً لدرجة قد تصل بها إلي المحاكم قريباً.. بسبب التعديلات التي يريد السيد البدوي رئيس الحزب إجراءها علي اللائحة الداخلية رغم رفض الهيئة العليا للحزب ثم دعوته للجمعية العمومية للتصويت عليها وما تلا ذلك من حرب البيانات التي اندلعت بينه وبين محمد سرحان عضو الهيئة العليا وأحد المقربين من محمود أباظة الرئيس السابق للحزب. علي وجه اليقين لا أحد يعلم إلي أين تسير هذه الخلافات ومن سيعلن كلمته النهائية وإن كان هناك تخوف واضح من أن تسير هذه الخلافات بالحزب نحو النفق المظلم بعد أن تحدث الشارع السياسي كله عن ديمقراطية الوفد ومستقبلة السياسي المنتظر ..فحدة المشاحنات وعدم حسم أي من الطرفين لها اعادت شبح المواجهات المسلحة عام2006 بين نعمان جمعة والوفديين إلي الأذهان. الكثيرون أرجعوا أسباب الصراع إلي تخوف رجال أباظة من استبعادهم في ترشيحات الحزب في انتخابات الشعب القادمة وكذلك استبعادهم من التشكيلات الداخلية للحزب وأيضا تخوفهم من العضويات الجديدة التي تأخذ أدوارهم داخل الحزب خاصة لصالح رجال البدوي الجدد وهو ما يفسر ثورتهم علي البدوي حينما بدأ يسعي إلي تغيير الهيئة العليا للتخلص منهم لصالح المنضمين الجدد للحزب ودفعه هذا التخوف إلي الاتصال بأعضاء الجمعية العمومية للحزب من أجل التحرك لرفض هذه التعديلات وهو ما يهدد الجمعية العمومية القادمة بالانفجار . لكن المؤكد أن هناك تحركات محمومة تجري داخل الحزب يقوم بها عدد من قيادات حزب الوفد من بينهم محمود أباظة رئيس الحزب السابق وبهاء أبوشقة عضو الهيئة العليا في للتدخل من أجل إطفاء نيران الأزمة والتمسك بمباديء الوفد ضد رغبات أي شخص . ويسعي البدوي من وراء عقد الجمعية العمومية يوم الجمعة القادم للتصويت علي عدة اقتراحات من بينها تشكيل الهيئة العليا كل4 سنوات كما كانت تقضي اللائحة قبل التعديل الأخير الذي جعل انعقاد العليا كل خمس سنوات، وفي حالة الموافقة علي اقتراح البدوي سيتم إعادة انتخاب الهيئة العليا في يناير المقبل. كما يدعو البدوي إلي انعقاد الهيئة الوفدية سنويا لترسيخ مبدأ المحاسبة والمراجعة وإعداد تقرير مالي وسياسي كل عام لتقييم أداء الحزب، وكذلك إعادة تنظيم وتشكيل المكتب التنفيذي ومراقبة أدائه. البدوي طرح اقتراحا بانتخاب أعضاء المكتب التنفيذي للحزب سنوياً بعد استشارته عددا من قيادات الحزب، أبرزهم المستشار مصطفي الطويل، الرئيس الشرفي للوفد، لكنه في الوقت ذاته طرح مقترحا آخر يؤدي إلي منح الهيئة العليا حق سحب الثقة من أعضاء المكتب التنفيذي، بدعوي أن الهيئة العليا لها حق سحب الثقة من رئيس الحزب شخصياً. جبهة أباظة اعتبرت أن تعديلات البدوي تسعي إلي تصفية وجودهم من داخل المناصب القيادية للحزب، حتي يحل محلهم مجموعة الأعضاء الجدد الذين انضموا إلي الحزب مؤخراً بعد فوز البدوي بالانتخابات، مثل رامي لكح وسفير نور، وهو ما أكده محمد سرحان، نائب رئيس الحزب، مشيراً إلي أن البدوي يسعي بهذه التعديلات إلي فرض سيطرته علي أعضاء الهيئة العليا وإرهابهم بالانتخابات من وقت لآخر مشيرا إلي أنه علي ثقة في أن الجمعية العمومية سترفض إجراء تعديل في اللائحة قبل انتخابات مجلس الشعب، لافتا إلي أن إصرار البدوي علي موقفه ومخالفته للمكتب التنفيذي يهدد استقرار الحزب وينذر بعودة الخلافات والأزمات مهددا بأن عدم تلافي المشاكل القانونية في دعوة الجمعية العمومية ستدفعه للقضاء من أجل الطعن علي مشروعية عقدها . وكان سرحان قد أصدر بيانا وصف فيه دعوة الدكتور السيد البدوي للجمعية العمومية ب"اللعبة" التي تهدف لتعديل اللائحة الداخلية للحزب في الخفاء واتهم البدوي بالسعي لضرب قواعد الحزب في جميع المحافظات وفرض الهيمنة وإثارة الصراعات والفتن وإدخال الحزب إلي نفق الديكتاتورية مطالبا الوفديين بعدم إعطاء ما أسماه ب"شيك علي بياض" لرئيس الحزب. كما ضاعف سرحان من انتقاداته لرئيس الحزب في بيان له عما أسماه"صدمته" تجاه بيان البدوي الذي نشر بجريدة الوفد قبل أيام وقال فيه إن هناك قلة تعرقل مسيرة الوفد داخل الهيئة العليا وهيئة المكتب معتبرا أن التعديلات التي اقترحها رئيس الحزب ستؤدي إلي ضرب قواعد الحزب في جميع المحافظات نظرا لأن اللائحة نظمت قدرا متساويا لكل مركز بعدد 7 أصوات هم هيئة المكتب الذين يشكلون لجنة المحافظة العامة مضافا إليهم لجنتا الشباب والمرأة بأحد عشر مقعدا لكل منهم. من جانبه أكد فؤاد بدراوي نائب رئيس الحزب واحد أنصار البدوي أن الحزب ليس به خلافات وأن هناك اختلافات في وجهات النظر، مشيرا إلي أن استعدادات الحزب للانتخابات لن تتأثر في حال الموافقة علي خوضها. الدعاوي القضائية ستستند إلي عدة نقاط، أهمها أن جدول أعمال الجمعية العمومية لم يتم الإعلان عنه في صحيفة الحزب الرسمية قبل موعد الانعقاد ب14 يوماً، وفقا لما نصت عليه اللائحة الداخلية للحزب، كما استند أيضاً إلي أن المكتب التنفيذي للحزب لم يوافق علي عقد الجمعية العمومية في آخر اجتماع له في 30 أغسطس الماضي. وعن احتمالية طرح الأسماء حديثة العهد في الوفد في الانتخابات القادمة أكد بدراوي أن أي عضو في الحزب من حقه أن يبدي الرغبة في خوض الانتخابات ويقوم بتقديم الأوراق مع سيرته الذاتية ولجان المحافظات تنظر هذه الطلبات وتقوم بفرزها والحزب يوافق علي 95% من الطلبات التي توافق عليها لجان المحافظات فيما عدا إذا كان هناك أكثر من مرشح فإن المكتب التنفيذي هو الذي يفصل بينهم وفقاً لمعايير محددة. وقال عصام شيحة عضو الهية العليا للوفد إن هناك مساعي محمومة داخل الوفد من أجل تدارك الموقف قبل تفاقمة وظهور تأثيراته السلبية علي الوفد خلال الفترة القادمة معربا عن تفاؤلة بجلسات التفاهم مع البدوي والتي طرحت فيها إعادة صياغة التعديلات وتأجيل النظر في تعديل صلاحيات الهيئة العليا . وأكد شيحة أن هناك تخوفا حقيقيا داخل الوفد من التعديلات التي طرحها البدوي لأن بها مواد كثيرة تعيد الحزب إلي ديكتاتورية عهد نعمان جمعة التي ثارت من أجلها دماء الوفديين مؤكدا أن الوفد كله قرر أنه لاعودة إلي هذه الفترة لافتا إلي أن اللائحة الداخلية للحزب الحالية تضمن توازن القوي بين سلطات رئيس الحزب وسلطات الهيئة العليا وتمنع أيا من السلطتين من الهيمنة علي الحزب وهو مكسب كبير للوفد ونحن غير مستعدين للتنازل عنه. وأكد شيحة أن أعضاء الحزب يعرفون جيدا أن الفترة القادمة فترة حاسمة في الحزب لأنها ستشهد انتخابات اللجان الداخلية عقب انتخابات الشعب وأيضا فتح باب الانتخابات في الهيئة العليا لمرشحي الانتخابات الرئاسية القادمة . ورفض شيحة فكرة صراع رجال أباظة والبدوي داخل الحزب أو أن رجال الأول هم من يعرقلون مسيرة الثاني مؤكدا أن الجميع داخل الوفد لديهم ولاء للحزب فقط ومحمود أباظة قاد الوفد لفترة زمنية ثم جاء البدوي بعد أربع سنوات من الغياب لينجح في الانتخابات ويقود الوفد . وأوضح شيحة أن العضويات الجماعية تتزايد في الحزب لأول مرة في تاريخ الحياة السياسية المصرية وهو مؤشر جيد يدفعنا للتفاؤل بمستقبل الحزب وبالتالي نسعي جميعا لوأد هذة الأزمة التي يمكن أن تعطل هذة المسيرة . فيما شن النائب الوفدي طارق سباق هجوما عنيفا ضد محمود أباظة رئيس حزب الوفد السابق، واتهمه بأنه يقود بنفسه حملة اتصالات بأعضاء الهيئة الوفدية في المحافظات لتحريضهم علي رفض تعديلات اللائحة وقال إن هؤلاء جثموا علي قيادة الوفد لمدة 4 سنوات ولم يفعلوا شيئا سوي الذهاب للسفارة الأمريكية للحصول علي تمويل للجمعيات التي يعملون فيها وعندما جاء السيد البدوي تكتلوا ضده لمحاربته وتدمير الحزب. وأكد سباق أن حملة الاتصالات التي أجرتها جبهة محمود أباظة لاقت رفضا شديدا من أعضاء الوفد بالمحافظات وتوقع أن تصل نسبة التصويت لصالح مقترحات البدوي لتعديل اللائحة إلي 80٪ مشيرا إلي أنه تبين له من خلال الاتصالات التي أجراها بأعضاء الحزب في المحافظات أنهم مقتنعون تماما بأن مقترحات البدوي ستؤدي إلي تعميق الممارسة الديمقراطية بالحزب. وحول المعلومات التي أشارت إلي عزم جبهة أباظة تحريك دعاوي قضائية للطعن علي قرار بدعوة الجمعية العمومية أكد سباق أنه لا يجوز الطعن علي قرار رئيس الحزب بدعوة الجمعية العمومية، نظرا لأن اللائحة الداخلية تمنحه هذا الحق في أي وقت، موضحا أن الدعوة تم الإعلان عنها بالإضافة إلي جدول الأعمال في جريدة الحزب يوم 2 سبتمبر أي قبل موعد الجمعية العمومية ب15 يوما وهو ما يؤكد أن البدوي لم يخالف اللائحة. وحول مستقبل الصراع بين البدوي وأباظة في الوفد قال الدكتور عمرو هاشم الخبير بمركز الدراسات الاستراتيجية إن السيد البدوي فاز برئاسة حزب الوفد بنسبة 56 في المائة وهذة النتائج لها دلالات عديدة أولها أن هناك نحو 44 في المائة من الجمعية العمومية لا تساند وجوده وعليه أن يتبع سياسة المُساومات في تمرير ما لديه من سياسات حزبية في المرحلة المقبلة. وأكد هاشم أن مشكلة البدوي الحقيقية تكمن في أن الهيئة العليا لحزب الوفد والمنبثق عنها اللجنة التنفيذية للحزب ليست موالية له وعليه أن ينتهج سياسة غير صِدامية تقوم علي المواءمة مع تلك المجموعة حتي إجراء انتخابات الهيئة العليا في العام المقبل وما ستسفر عنه من تغييرات إن حدث. وأوضح هاشم أن وجود انشقاقات بداخل الوفد في المرحلة المقبلة أمر وارد الحدوث مشيراً إلي أن مثل هذه الانشقاقات ستحدث في حالة لجوء البدوي إلي تشكيل لجنة تنفيذية جديدة من خلال الجمعية العامة بعيداً عن الهيئة العليا وهو ما سيرفضه أعضاء هذه الهيئة الأمر الذي قد يسفر عن كوارث علي غرار ما حدث بين نعمان جمعة ومحمود أباظَة.