هىام عباس تتوسط »نادىن لبكى« »ولبنى زبال« بطلتى الفىلم المغربى »روك القصبة« أيام.. وليال.. مغزولة ومضفرة بالمتعة والفن والثقافة.. هي زمن مهرجان دبي الذي أمضيت فيه عشرة أيام.. هي الحصاد الجميل لنهاية عام 2013.. التي كانت شديدة القسوة عليّ.. تعرضت فيها لمتاعب صحية جمة.. وأزمات نفسية.. رأيت فيها الموت بعيني لولا أن نجاني الله بفضله علي أيدي إنسان مصري أصيل وشهم هو (مناضل عنتر) الذي لم أكن أعرفه من قبل.. لكني أصبحت مدينة له بحياة وعمر جديد بعدما أنقذني من حادثة »المصعد« في الجزائر.. الذي كاد أن يسقط بي من الدور الرابع.. وبالمناسبة هذا المصري الجميل هو مخرج ومصمم فرقة الرقص الحديث في الأوبرا التي كانت تشارك في مهرجان الرقص الحديث بالجزائر.. وهو أيضا مخرج ومصمم عرض »مولانا« المستوحي من كتاب »إبراهيم عيسي« الذي عرض بنجاح باهر في الأيام الماضية.. وللأسف الشديد لم استمتع برؤيته حيث كنت في دبي. في مهرجان دبي السينمائي لا تجد نفسك مستمتعا بكنوز وأعمال من العالمية أو العربية فقط التي تعرض للمرة الأولي.. لكن أفلام من آسيا وأفريقيا.. حتي يصبح »اللهاث« وراء الأعمال الجيدة المعروضة من أنحاء العالم.. هو السمة التي تلازم عددا كبيرا من نقاد العالم العربي والأوروبي الذين باتوا يحرصون بشدة علي متابعة المهرجان لتميزه عاما بعد عام.. حتي أنه يعد حاليا من أفضل المهرجانات العربية ومتفوقا علي العديد من المهرجانات العالمية. في مهرجان دبي كانت الصحبة الرائعة لمجموعة من الأصدقاء.. قد لا نلتقي كثيرا بهم في زحام الحياة.. لكنهم في القلب دوما.. علي رأسهم الصديق والأخ العزيز »أنطوان خليفة« مدير العلاقات الدولية بالمهرجان الذي يندر الزمن أن يجود بإنسان مثله.. وهو العاشق لمصر والسينما المصرية. وقد أدار »أنطوان« أكثر من ندوة كانت عبارة عن حلقة تثقيفية رائعة عكست الصورة الإنسانية والفنية لعدد من الشخصيات السينمائية من بينهم »ليلي مراكشي«.. والفنانة القديرة »راوية« التي حصلت علي شهادة تقدير من لجنة التحكيم الدولية لأفضل ممثلة.. والمخرج الشاب توفيق الذي يعيش في فرنسا وله العديد من التجارب السينمائية والمسرحية وهو بالمناسبة بطل الفيلم الفرنسي »مولود في مكان ما«. وسط مجموعة من أفضل ما أنتج في السينما العربية تزيد عن السبعين فيلما.. كنا نحن المصريين نشعر بالفخر الشديد (بمحمد خان) هذا المخرج المصري الأصيل الذي لا أدري كيف لاتكرمه الدولة وتعطيه أرفع الأوسمة وهو الذي طالما رفع اسم مصر عاليا في المحافل والمهرجانات الدولية.. والمؤسف أنه حتي الآن لم يحصل علي الجنسية المصرية مع أنه مصري حتي النخاع.. ورغم أنه كانت هناك حملة من قبل بعض الزملاء الأفاضل الذين طالبوا بحصوله علي »الجنسية« ورغم تصريحات الرئاسة بإعطائها له.. فإنه حسبما علمت لم يتصل به أحد من الرئاسة وهو عيب جدا جدا. »محمد خان« قدم في دبي فيلمه الجديد »فتاة المصنع« الذي ساهم برنامج »إنجاز« المنبثق عن دبي في دعمه.. ليري هذا الفيلم النور وقد حصل علي جائزة »الفيبرس« النقاد الدولية.. بالإضافة لحصول »ياسمين« بطلة الفيلم علي جائزة أحسن ممثلة من لجنة التحكيم الدولية. فتاة المصنع .. ومولد نجمة معادلة صعبة.. لايستطيع سوي »محمد خان« هذا المخرج العبقري.. وقليلين في السينما المصرية تحقيقها.. وهي تضفير قسوة الواقع اليومي لحياة الفقراء في مصر.. مع إضافة البهجة لهذه الحياة القاسية التي تشبه معركة من أجل البقاء.. وسرقة الضحكة والفرحة من الزمن. فالرضا عما يعيشون فيه لايمنعهم من الحلم البسيط المشروع.. لكن »قسوة« الناس وظلمهم قادران علي »وأد« أجمل الأحلام علي قدر بساطتها »الحب« وكسر نفس صاحبها.. وما أقصر الحياة بنفس مكسورة. بحرفية شديدة نقل »خان« واقعا قاسيا لمجموعة من الفتيات الفقيرات في حي »الأباجية«.. واحد من أكثر أحياء القاهرة فقرا وشعبية.. ونموذج مثالي يدرس للعشوائيات.. واختراقا لخصوصيات البشر.. أو بمعني أدق حيث لا خصوصيات علي الإطلاق.. حيث يستطيع الجار الاستماع لكل ما يدور في شقة جاره.. وبمعني أدق ما يحدث في إحدي الشقق يكون ملكا »عاما« للحارة كلها. محمد خان مهموم بمصر وأهلها.. وبالطبقات الكادحة.. وبالمرأة المصرية خاصة في الطبقات الفقيرة.. وذلك من خلال »هيام« التي تعمل في مصنع لصناعة الملابس هي وشقيقتها الصغري.. تقع »هيام« في حب المهندس الشاب الذي ينتمي للطبقة المتوسطة في حدها الأدني.. بمعني ليس بأيسر منها بكثير.. لكنه يتنكر لهذا الحب.. خاصة عندما تنتشر إشاعة بأنها حامل.. هيام لا تحاول الدفاع عن نفسها.. تعامل بقسوة شديدة من قبل الجميع وفي مشهد لبشاعة القسوة تضع جدتها قدمها علي وجهها وتقوم بقص شعرها.. الظلم والقهر الذي تشعر به وتقاومه بصلابة شديدة.. لكن في لحظة ضعف وثورة لكبريائها وكرامتها لرفضها أن يجبر المهندس علي الزواج منها تقدم علي الانتحار.. لكنها تنجو.. وليكتشف الجميع أنها عذراء وليست حاملا. لقد أدت »ياسمين رئيس« دور هيام وهي ممثلة قديرة وموهوبة وسوف تفرض نفسها في السنوات القادمة لو استمرت في حسن اختيار أدوارها.. إنها ممثلة موهوبة ورائعة استحقت بجدارة أن تفوز بجائزة أفضل ممثلة من قبل لجنة التحكيم الدولية. إن اختيار أبطال الفيلم كل منهم في دوره »سلوب خطاب« في دور الأم.. أثبتت أنها ممثلة رائعة لكنها فقط تحتاج لمن يضعها في الدور المناسب.. كذلك »سلوي محمد علي« في دور الخالة.. دور يحسب لها ويعد علامة فارقة في مشوارها السينمائي.. وكذلك »هاني عادل« أحد أعضاء فرقة وسط البلد.. الذي أدي دوره بإتقان شديد.. وذلك بعد حضوره المتميز من قبل في فيلم »ميكروفون« لأحمد عبدالله. إن »محمد خان« مازال يثبت للجميع أنه فنان أصيل وأفضل من يقدم شخصية المرأة المصرية المكافحة المعيلة لكثير من العائلات. إن السيناريو الذي قدمته السيناريست اللامعة الموهوبة القديرة »وسام سليمان« التي أمضت في أحد مصانع النسيج فترة متنكرة تستيقظ فيها في السادسة صباحا وتعمل لمدة 21 ساعة يوميا.. كعاملة تحت التدريب استطاعت خلالها أن تلتقط أدق تفاصيل الشخصيات لتخرج لنا بهذا السيناريو الرائع الممتلئ بكافة التفاصيل الدقيقة لكل الشخصيات التي نسجتها بدقة ونعومة شديدة، ليقوم »خان« يتفصيلها علي ممثليه.. فكانت الصورة وكأنها حقيقة تعبر عن عمل ممتاز فنيا وإنسانيا. وهو شيء ليس بغريب عن محمد خان. وفي هذا الصدد يستحق منتج العمل »محمد سمير« التحية لإقدامه علي هذه التجربة.. خاصة أنه سعي للحصول علي دعم مؤسسات عديدة من بينها مهرجان دبي.. ليخرج العمل في صورته النهائية الرائعة. روك القصبة في الكثيرين منا بعض من الأسرار.. ومناطق حمراء ممنوعة.. لايحب الغوص فيها أو البوح بها. »خزانة الأسرار« لن تظل مغلقة للأبد.. مهما كانت درجة التكتم عليها.. فقد تفتح في يوم من الأيام.. فماذا يفعل أصحابها أو من يحيطون بهم.. حيث يتغير واقع وتتبدل مصائر.. ومن حسن الحظ أن الله أعطانا القدرة علي المغفرة والتسامح.. ففي التسامح تصالح مع النفس وتوافق. وهذا ما حدث مع أبطال فيلم »روك القصبة« للمخرجة المغربية »ليلي مراكشي« في ثاني فيلم روائي طويل لها بعد فيلمها الأول »موروكو«.. الفيلم شارك فيه نخبة من أهم ممثلي العالم العربي علي رأسهم الفنان المصري الكبير »عمر الشريف« في ظهور له شديد التميز.. والفلسطينية القديرة هيام عباس واللبنانية الرائعة »نادين لبكي«.. والمغربية »لبني زبال« والفنانة المغربية الرائعة »راوية« التي استحقت بجدارة شهادة تقدير خاصة من قبل لجنة التحكيم عن دوريها في هذا الفيلم.. وفيلم »سرير الأسرار«. عندما يتوفي الأب تجتمع الأسرة الأم وبناتها الثلاث وشقيق الأب المتوفي.. رحيل الأب وأثناء العزاء يكشف مدي ديكتاتوريته عليهن وتحكمه في حياتهن علي الرغم من حبه الشديد لهن.. اختلاف شخصيات البنات والمواجهة بينهن.. وروح الأب التي تحوم في المكان تشاهد كل ما يحدث حولها.. مع اكتشاف السر الخطير في حياة الرجل.. ومعرفة زوجته الحقيقة وكتمانها السر عن الجميع يدل علي أن هناك مأساة حقيقية في حياة هذه الأسرة.. لكن التسامح والمغفرة والقدرة علي احتواء أخطاء الآخرين.. يجعل الأسرة أكثر تماسكا وارتباطا. لقد نجحت »ليلي« في تقديم فيلم شديد الجمال يضاهي الأفلام العالمية.. وفي الندوة التي أدارها الصديق العزيز »أنطوان خليفة« باقتدار شديد.. سألتها عن »عمر الشريف« وكيف تم التعامل معه خاصة أن هناك إشاعات بأنه يعاني من الألزاهايمر.. وكم كانت رائعة عندما أجابتني: ليس المهم كيف كانت كواليس التصوير المهم هي الصورة النهائية له في الفيلم وقد كانت الصورة أكثر من رائعة لفنان مصري عالمي كبير. في وداع مانديلا مات رمز السلام العالمي.. رحل من فرض مبادئه وعقائده علي العالم أجمع.. العظيم الزعيم »نلسون مانديلا« فبكاه العالم أجمع.. رحل وكلماته تنير الطريق للآخرين.. وأفعاله وأقواله المأثورة التي تعتبر مثالا يحتذي بها الشرفاء الثائرون في هذا العالم. رحل الذي عرف معني التسامح، مترجم المعني الحقيقي للغة الأفريقية »أوبنتو«.. ومعناها »اللطف بالآخرين«.. وقد كان لطيفا بأعدائه عندما كان لديه المقدرة علي سحقهم.. مانديلا الذي قال للعالم إننا »نتسامح.. لكن لن ننسي« حتي لا يضيع منا الطريق ونحيد عن مبادئنا.. لأنه كما كان يؤمن بأنه إذا لم يترك كل الغضب والكراهية والمرارة وراءه.. فإنه سيبقي في السجن.. بمعناه المجازي أي سجين غضبه ونفسه.. مانديلا هذا الزعيم خالد الذكر الذي حرر جنوب أفريقيا من الاضطهاد العنصري.. والتمييز اللوني.. وقاد شعبه بحكمة وسلام من المقاومة المسلحة العنيفة إلي المقاومة المسالمة دون أن يتنازل عن شيء. ولقد احتفي به مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته العاشرة بعرض أحدث فيلم يتناول سيرته الذاتية الذي توافق عرضه يوم تشييع جنازته.. وقد حرص المهرجان علي إلغاء كافة الاحتفالات في هذا اليوم.. وأضيئت السجادة الحمراء بالشموع المضاءة.. فكان مظهرا جليلا مهيبا. »مانديلا: درب الحرية الطويل« الذي يروي قصة الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا.. أو »ماديبا« كما كان يطلق عليه صغيرا المقربون منه.. الفيلم إخراج »جاستن شادويك« البريطاني.. وبطولة كل من »إدريس ألبا«، »نعومي هاريس« »توني كجوروجه«. وهو يروي قصة هذا الزعيم منذ كان طفلا صغيرا متميزا حتي أصبح »مناضلا« وزعيما أجله العالم كله واحترمه وقدره. لعل أجمل ما في هذا الفيلم أن مخرجه لم يقدم »مانديلا« فوق البشر.. بل قدم خطاياه ونزواته الإنسانية كإنسان عادي له من الأخطاء البشرية. إن الفيلم ملحمة لحياة هذا الرجل الذي آمن ببلاده وقضي ثلاثين عاما في السجن بعدما تم تخفيفه من عقوبة الإعدام هو ورفاقه. »مانديلا« الذي لم يفقد إيمانه أبدا ببلده وبحريته.. وعندما أتيح له أن يعقد مصالحة، لم يتردد عن تنفيذها والعفو عن الكثيرين من أعدائه.. وترك مكانا »للبيض« في أفريقيا بجوار سكانها الأصليين.. لأنهم كانوا يشكلون جزءا أساسيا من نسيج السكان. وعندما أصبح رئيسا للجمهورية لم يتردد لحظة في ألا يترشح مرة ثانية فأعطي درسا للعالم عن زهد الكرسي والمنصب. »مانديلا« هذا الرجل الحنون الذي لم يستطع أن يحضر جنازة ابنه.. هو نفسه الذي طلق رفيقة دربه زوجته الثالثة »ويني« بعد خروجه من السجن.. واختلافه معها في الرؤي السياسية.. إن شخصية مانديلا وتقدير العالم أجمع له يعطينا درسا في احترام العظماء وليس تأليههم.. وهو ما نجيد فعله مع زعمائنا.. معتقدين أنهم آلهة أو أنبياء ناسين أنهم مجرد بشر. أيام.. وليال.. مغزولة ومضفرة بالمتعة والفن والثقافة.. هي زمن مهرجان دبي الذي أمضيت فيه عشرة أيام.. هي الحصاد الجميل لنهاية عام 2013.. التي كانت شديدة القسوة عليّ.. تعرضت فيها لمتاعب صحية جمة.. وأزمات نفسية.. رأيت فيها الموت بعيني لولا أن نجاني الله بفضله علي أيدي إنسان مصري أصيل وشهم هو (مناضل عنتر) الذي لم أكن أعرفه من قبل.. لكني أصبحت مدينة له بحياة وعمر جديد بعدما أنقذني من حادثة »المصعد« في الجزائر.. الذي كاد أن يسقط بي من الدور الرابع.. وبالمناسبة هذا المصري الجميل هو مخرج ومصمم فرقة الرقص الحديث في الأوبرا التي كانت تشارك في مهرجان الرقص الحديث بالجزائر.. وهو أيضا مخرج ومصمم عرض »مولانا« المستوحي من كتاب »إبراهيم عيسي« الذي عرض بنجاح باهر في الأيام الماضية.. وللأسف الشديد لم استمتع برؤيته حيث كنت في دبي. في مهرجان دبي السينمائي لا تجد نفسك مستمتعا بكنوز وأعمال من العالمية أو العربية فقط التي تعرض للمرة الأولي.. لكن أفلام من آسيا وأفريقيا.. حتي يصبح »اللهاث« وراء الأعمال الجيدة المعروضة من أنحاء العالم.. هو السمة التي تلازم عددا كبيرا من نقاد العالم العربي والأوروبي الذين باتوا يحرصون بشدة علي متابعة المهرجان لتميزه عاما بعد عام.. حتي أنه يعد حاليا من أفضل المهرجانات العربية ومتفوقا علي العديد من المهرجانات العالمية. في مهرجان دبي كانت الصحبة الرائعة لمجموعة من الأصدقاء.. قد لا نلتقي كثيرا بهم في زحام الحياة.. لكنهم في القلب دوما.. علي رأسهم الصديق والأخ العزيز »أنطوان خليفة« مدير العلاقات الدولية بالمهرجان الذي يندر الزمن أن يجود بإنسان مثله.. وهو العاشق لمصر والسينما المصرية. وقد أدار »أنطوان« أكثر من ندوة كانت عبارة عن حلقة تثقيفية رائعة عكست الصورة الإنسانية والفنية لعدد من الشخصيات السينمائية من بينهم »ليلي مراكشي«.. والفنانة القديرة »راوية« التي حصلت علي شهادة تقدير من لجنة التحكيم الدولية لأفضل ممثلة.. والمخرج الشاب توفيق الذي يعيش في فرنسا وله العديد من التجارب السينمائية والمسرحية وهو بالمناسبة بطل الفيلم الفرنسي »مولود في مكان ما«. وسط مجموعة من أفضل ما أنتج في السينما العربية تزيد عن السبعين فيلما.. كنا نحن المصريين نشعر بالفخر الشديد (بمحمد خان) هذا المخرج المصري الأصيل الذي لا أدري كيف لاتكرمه الدولة وتعطيه أرفع الأوسمة وهو الذي طالما رفع اسم مصر عاليا في المحافل والمهرجانات الدولية.. والمؤسف أنه حتي الآن لم يحصل علي الجنسية المصرية مع أنه مصري حتي النخاع.. ورغم أنه كانت هناك حملة من قبل بعض الزملاء الأفاضل الذين طالبوا بحصوله علي »الجنسية« ورغم تصريحات الرئاسة بإعطائها له.. فإنه حسبما علمت لم يتصل به أحد من الرئاسة وهو عيب جدا جدا. »محمد خان« قدم في دبي فيلمه الجديد »فتاة المصنع« الذي ساهم برنامج »إنجاز« المنبثق عن دبي في دعمه.. ليري هذا الفيلم النور وقد حصل علي جائزة »الفيبرس« النقاد الدولية.. بالإضافة لحصول »ياسمين« بطلة الفيلم علي جائزة أحسن ممثلة من لجنة التحكيم الدولية. فتاة المصنع .. ومولد نجمة معادلة صعبة.. لايستطيع سوي »محمد خان« هذا المخرج العبقري.. وقليلين في السينما المصرية تحقيقها.. وهي تضفير قسوة الواقع اليومي لحياة الفقراء في مصر.. مع إضافة البهجة لهذه الحياة القاسية التي تشبه معركة من أجل البقاء.. وسرقة الضحكة والفرحة من الزمن. فالرضا عما يعيشون فيه لايمنعهم من الحلم البسيط المشروع.. لكن »قسوة« الناس وظلمهم قادران علي »وأد« أجمل الأحلام علي قدر بساطتها »الحب« وكسر نفس صاحبها.. وما أقصر الحياة بنفس مكسورة. بحرفية شديدة نقل »خان« واقعا قاسيا لمجموعة من الفتيات الفقيرات في حي »الأباجية«.. واحد من أكثر أحياء القاهرة فقرا وشعبية.. ونموذج مثالي يدرس للعشوائيات.. واختراقا لخصوصيات البشر.. أو بمعني أدق حيث لا خصوصيات علي الإطلاق.. حيث يستطيع الجار الاستماع لكل ما يدور في شقة جاره.. وبمعني أدق ما يحدث في إحدي الشقق يكون ملكا »عاما« للحارة كلها. محمد خان مهموم بمصر وأهلها.. وبالطبقات الكادحة.. وبالمرأة المصرية خاصة في الطبقات الفقيرة.. وذلك من خلال »هيام« التي تعمل في مصنع لصناعة الملابس هي وشقيقتها الصغري.. تقع »هيام« في حب المهندس الشاب الذي ينتمي للطبقة المتوسطة في حدها الأدني.. بمعني ليس بأيسر منها بكثير.. لكنه يتنكر لهذا الحب.. خاصة عندما تنتشر إشاعة بأنها حامل.. هيام لا تحاول الدفاع عن نفسها.. تعامل بقسوة شديدة من قبل الجميع وفي مشهد لبشاعة القسوة تضع جدتها قدمها علي وجهها وتقوم بقص شعرها.. الظلم والقهر الذي تشعر به وتقاومه بصلابة شديدة.. لكن في لحظة ضعف وثورة لكبريائها وكرامتها لرفضها أن يجبر المهندس علي الزواج منها تقدم علي الانتحار.. لكنها تنجو.. وليكتشف الجميع أنها عذراء وليست حاملا. لقد أدت »ياسمين رئيس« دور هيام وهي ممثلة قديرة وموهوبة وسوف تفرض نفسها في السنوات القادمة لو استمرت في حسن اختيار أدوارها.. إنها ممثلة موهوبة ورائعة استحقت بجدارة أن تفوز بجائزة أفضل ممثلة من قبل لجنة التحكيم الدولية. إن اختيار أبطال الفيلم كل منهم في دوره »سلوب خطاب« في دور الأم.. أثبتت أنها ممثلة رائعة لكنها فقط تحتاج لمن يضعها في الدور المناسب.. كذلك »سلوي محمد علي« في دور الخالة.. دور يحسب لها ويعد علامة فارقة في مشوارها السينمائي.. وكذلك »هاني عادل« أحد أعضاء فرقة وسط البلد.. الذي أدي دوره بإتقان شديد.. وذلك بعد حضوره المتميز من قبل في فيلم »ميكروفون« لأحمد عبدالله. إن »محمد خان« مازال يثبت للجميع أنه فنان أصيل وأفضل من يقدم شخصية المرأة المصرية المكافحة المعيلة لكثير من العائلات. إن السيناريو الذي قدمته السيناريست اللامعة الموهوبة القديرة »وسام سليمان« التي أمضت في أحد مصانع النسيج فترة متنكرة تستيقظ فيها في السادسة صباحا وتعمل لمدة 21 ساعة يوميا.. كعاملة تحت التدريب استطاعت خلالها أن تلتقط أدق تفاصيل الشخصيات لتخرج لنا بهذا السيناريو الرائع الممتلئ بكافة التفاصيل الدقيقة لكل الشخصيات التي نسجتها بدقة ونعومة شديدة، ليقوم »خان« يتفصيلها علي ممثليه.. فكانت الصورة وكأنها حقيقة تعبر عن عمل ممتاز فنيا وإنسانيا. وهو شيء ليس بغريب عن محمد خان. وفي هذا الصدد يستحق منتج العمل »محمد سمير« التحية لإقدامه علي هذه التجربة.. خاصة أنه سعي للحصول علي دعم مؤسسات عديدة من بينها مهرجان دبي.. ليخرج العمل في صورته النهائية الرائعة. روك القصبة في الكثيرين منا بعض من الأسرار.. ومناطق حمراء ممنوعة.. لايحب الغوص فيها أو البوح بها. »خزانة الأسرار« لن تظل مغلقة للأبد.. مهما كانت درجة التكتم عليها.. فقد تفتح في يوم من الأيام.. فماذا يفعل أصحابها أو من يحيطون بهم.. حيث يتغير واقع وتتبدل مصائر.. ومن حسن الحظ أن الله أعطانا القدرة علي المغفرة والتسامح.. ففي التسامح تصالح مع النفس وتوافق. وهذا ما حدث مع أبطال فيلم »روك القصبة« للمخرجة المغربية »ليلي مراكشي« في ثاني فيلم روائي طويل لها بعد فيلمها الأول »موروكو«.. الفيلم شارك فيه نخبة من أهم ممثلي العالم العربي علي رأسهم الفنان المصري الكبير »عمر الشريف« في ظهور له شديد التميز.. والفلسطينية القديرة هيام عباس واللبنانية الرائعة »نادين لبكي«.. والمغربية »لبني زبال« والفنانة المغربية الرائعة »راوية« التي استحقت بجدارة شهادة تقدير خاصة من قبل لجنة التحكيم عن دوريها في هذا الفيلم.. وفيلم »سرير الأسرار«. عندما يتوفي الأب تجتمع الأسرة الأم وبناتها الثلاث وشقيق الأب المتوفي.. رحيل الأب وأثناء العزاء يكشف مدي ديكتاتوريته عليهن وتحكمه في حياتهن علي الرغم من حبه الشديد لهن.. اختلاف شخصيات البنات والمواجهة بينهن.. وروح الأب التي تحوم في المكان تشاهد كل ما يحدث حولها.. مع اكتشاف السر الخطير في حياة الرجل.. ومعرفة زوجته الحقيقة وكتمانها السر عن الجميع يدل علي أن هناك مأساة حقيقية في حياة هذه الأسرة.. لكن التسامح والمغفرة والقدرة علي احتواء أخطاء الآخرين.. يجعل الأسرة أكثر تماسكا وارتباطا. لقد نجحت »ليلي« في تقديم فيلم شديد الجمال يضاهي الأفلام العالمية.. وفي الندوة التي أدارها الصديق العزيز »أنطوان خليفة« باقتدار شديد.. سألتها عن »عمر الشريف« وكيف تم التعامل معه خاصة أن هناك إشاعات بأنه يعاني من الألزاهايمر.. وكم كانت رائعة عندما أجابتني: ليس المهم كيف كانت كواليس التصوير المهم هي الصورة النهائية له في الفيلم وقد كانت الصورة أكثر من رائعة لفنان مصري عالمي كبير. في وداع مانديلا مات رمز السلام العالمي.. رحل من فرض مبادئه وعقائده علي العالم أجمع.. العظيم الزعيم »نلسون مانديلا« فبكاه العالم أجمع.. رحل وكلماته تنير الطريق للآخرين.. وأفعاله وأقواله المأثورة التي تعتبر مثالا يحتذي بها الشرفاء الثائرون في هذا العالم. رحل الذي عرف معني التسامح، مترجم المعني الحقيقي للغة الأفريقية »أوبنتو«.. ومعناها »اللطف بالآخرين«.. وقد كان لطيفا بأعدائه عندما كان لديه المقدرة علي سحقهم.. مانديلا الذي قال للعالم إننا »نتسامح.. لكن لن ننسي« حتي لا يضيع منا الطريق ونحيد عن مبادئنا.. لأنه كما كان يؤمن بأنه إذا لم يترك كل الغضب والكراهية والمرارة وراءه.. فإنه سيبقي في السجن.. بمعناه المجازي أي سجين غضبه ونفسه.. مانديلا هذا الزعيم خالد الذكر الذي حرر جنوب أفريقيا من الاضطهاد العنصري.. والتمييز اللوني.. وقاد شعبه بحكمة وسلام من المقاومة المسلحة العنيفة إلي المقاومة المسالمة دون أن يتنازل عن شيء. ولقد احتفي به مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته العاشرة بعرض أحدث فيلم يتناول سيرته الذاتية الذي توافق عرضه يوم تشييع جنازته.. وقد حرص المهرجان علي إلغاء كافة الاحتفالات في هذا اليوم.. وأضيئت السجادة الحمراء بالشموع المضاءة.. فكان مظهرا جليلا مهيبا. »مانديلا: درب الحرية الطويل« الذي يروي قصة الزعيم التاريخي نيلسون مانديلا.. أو »ماديبا« كما كان يطلق عليه صغيرا المقربون منه.. الفيلم إخراج »جاستن شادويك« البريطاني.. وبطولة كل من »إدريس ألبا«، »نعومي هاريس« »توني كجوروجه«. وهو يروي قصة هذا الزعيم منذ كان طفلا صغيرا متميزا حتي أصبح »مناضلا« وزعيما أجله العالم كله واحترمه وقدره. لعل أجمل ما في هذا الفيلم أن مخرجه لم يقدم »مانديلا« فوق البشر.. بل قدم خطاياه ونزواته الإنسانية كإنسان عادي له من الأخطاء البشرية. إن الفيلم ملحمة لحياة هذا الرجل الذي آمن ببلاده وقضي ثلاثين عاما في السجن بعدما تم تخفيفه من عقوبة الإعدام هو ورفاقه. »مانديلا« الذي لم يفقد إيمانه أبدا ببلده وبحريته.. وعندما أتيح له أن يعقد مصالحة، لم يتردد عن تنفيذها والعفو عن الكثيرين من أعدائه.. وترك مكانا »للبيض« في أفريقيا بجوار سكانها الأصليين.. لأنهم كانوا يشكلون جزءا أساسيا من نسيج السكان. وعندما أصبح رئيسا للجمهورية لم يتردد لحظة في ألا يترشح مرة ثانية فأعطي درسا للعالم عن زهد الكرسي والمنصب. »مانديلا« هذا الرجل الحنون الذي لم يستطع أن يحضر جنازة ابنه.. هو نفسه الذي طلق رفيقة دربه زوجته الثالثة »ويني« بعد خروجه من السجن.. واختلافه معها في الرؤي السياسية.. إن شخصية مانديلا وتقدير العالم أجمع له يعطينا درسا في احترام العظماء وليس تأليههم.. وهو ما نجيد فعله مع زعمائنا.. معتقدين أنهم آلهة أو أنبياء ناسين أنهم مجرد بشر.