يتصدر المشهد الآن أحداث الشغب التي يقوم بها طلبة بعض الجامعات المصرية، والتي تمثلت في ارتكابهم للعديد من أعمال العنف التي لا علاقة لها بحق التظاهر السلمي، وتحرص أجهزة الأمن علي الالتزام بأقصي درجات ضبط النفس في التعامل مع الطلبة، إلا أنها تضطر للمواجهة حتي لا تتهم بالتقصير في واجباتها، لكن استمرار هذا الشغب يهدد بعودة الحرس الجامعي الذي تم إلغاؤه بحكم قضائي عقب ثورة يناير 2011 هذا الموضوع يلقي الضوء حول أهم جوانب الأزمة ، ورؤية خبراء الأمن لحلها . يقول نائب مدير أمن سوهاج اللواء أحمد شاهين: الوقت غير مناسب لعودة الأمن الجامعي، لأن إلغاءه كان من مطالب ثورة 25 يناير 2011م، حيث كان يراقب الطلبة ويقمعهم في بعض تصرفاتهم الشخصية وهذا السن للطلبة يحتاج إلي حرية واسعة لا يقيده أحد لأنهم يعتقدون أن كل أفكارهم صحيحة، ويجب علي إدارة الجامعات أن تكون أكثر إلتحاماً بالطلبة لاحتوائهم عند الغضب. ويطالب اللواء شاهين بتخصيص محاضرات لتوعية الطلبة بضرورة الالتزام بالقواعد المنظمة للعملية التعليمية والعقوبات التي يتعرض لها الطالب في حالة مخالفته تلك القواعد..إلخ ، مشيراً إلي أن تواجد الشرطة خارج الجامعات ليس حصاراً لها بل لضمان المناخ الآمن للعملية التعليمية لتكون قريبة من الجامعة في حالة حدوث أعمال شغب بحيث تتدخل في الوقت المناسب لإنهاء هذه الفوضي. يري الخبير الأمني وعضو هيئة التدريس بأكاديمية الشرطة اللواء شوقي صلاح: إن زيادة وتيرة احتجاجات شباب الإخوان بالجامعات خاصة في الآونة الأخيرة ما هي إلا محاولة مستميتة للتغطية علي ما رددته وسائل الإعلام مؤخراً من تفريغ لنصوص التسجيلات الهاتفية التي تمت بين زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري والرئيس السابق محمد مرسي، وذلك إبان فترة حكم الأخير، فالملاحظ أنه بعد هذا النشر لم ينف أي مسئول إخواني صحة ما نشر من تسجيلات، وهي إن تأكد صحتها فستكون لها آثار كارثية علي التنظيم الدولي للإخوان، كما إن الطلبة مرتكبي أحداث الشغب نسبتهم تقل عن 5٪ من إجمالي أعداد طلبة الجامعة، ومع هذا فهم يتسببون في إحداث إزعاج شديد للمجتمع الجامعي، وتبدو المشاهد الأكثر عنفاً في جامعة الأزهر حيث الاتجار بالدين من قبل قيادات بعض التيارات، فذلك أثر بشكل واضح علي من يدرسون الدين الإسلامي ولعل السبب في هذا لا يرجع إلي الدين السمح في ذاته ، فقد أوهموهم أن سلوكهم هذا جهاد! مستغلين اندفاع الشباب الذي يحكم سلوك من هم في هذه السن. ويرجع اللواء صلاح سبب استمرار حالة الشغب بالجامعات إلي أن طلبة الإخوان يحاولون جذب العناصر الثورية إلي جانبهم بدعوي إفراط الشرطة في استخدام القوة، ولعل الطلبة العاديين وهم الغالبية العظمي أول من يدرك هذا الأمر، كما إن اتهام قيادات جامعية للشرطة بقتل طالب كلية الهندسة " محمد رضا " دون أي دليل موقف صادم يرجع لفشل قيادات هذه الجامعة في احتواء الطلبة داخل الحرم الجامعي ورغبتهم في اكتساب شعبية بين الطلبة، وللعلم وتوضيح حقيقة هذا المشهد المقذوفات التي استخرجها الطب الشرعي من جثة الطالب بعد تشريحها لا علاقة لها بتسليح قوات شرطة فض الشغب التي تعاملت مع الأحداث، ولعل هذا الأمر وحده دليل كاف لدفع أي شبهة لتورط الشرطة في مثل هذا الجرم الخسيس، كما أن مهمة معرفة شخص من أصابه تقع بحسب الأصل علي عاتق الأمن الجامعي لأن الطالب سقط بإصابته القاتلة داخل الجامعة فأين تسجيلات كاميرات المراقبة الجامعية خاصة أنه قد تم صرف الكثير من الأموال في هذا السبيل؟! كما لا يوجد أي مبرر لقتل قوات الأمن لهذا الطالب، خاصة أنه لا ينتمي إلي تنظيم الإخوان، فقد انتَقَي القاتل الهدف بعناية لاستقطاب طلبة الجامعة للانضمام إليهم في أعمالهم العدائية تجاه الشرطة. وهنا أنصح أبناءنا الطلبة بالانتباه للأشخاص المحيطين بهم لحظة إطلاق الشرطة قنابل الغاز أو الطلقات التحذيرية فعندها يطلق الطرف الثالث طلقة الغدر لاستباحة دم الأبرياء وهذا المشهد سبق وتكرر في حالات كثيرة مشابهة منها قتل محمد الجندي والشيخ عماد عفت وجيكا..وغيرهم لتأجيج نار الفتنة، مؤكداً أنه لا يحاول تبرئة الشرطة من جرم لم يثبت عليها ويجب أن يعلم الجميع أن وزارة الداخلية لا تتستر علي من يخطئ من أبنائها. ويشير اللواء شوقي إلي أن مطالبة بعض قيادات الجامعات بعودة الحرس الجامعي لإعادة الانضباط إليها وقته غير مناسب وخاصة أن وزارة الداخلية أعلنت عدم رغبتها في ذلك، مطالباً باقتصار تواجد الشرطة بالقرب من الجامعات وتحت طلب القيادات الجامعية، وأن تتدخل في الوقت المناسب لضبط مرتكبي الجرائم وتقديمهم للمحاكمة ليشعر الطلبة المخالفون بقوة القانون، ويبعث برسالة إلي الطلبة المشاغبين وأولياء أمورهم مفاداها "ما تفعلونه ليس ممارسة حق بل إرتكاب لجرائم جنائية، وبهذا فإن مستقبلكم في خطر جسيم فمن يٌحاكم ويدان بعقوبة يتم تسجيله جنائيا، وتؤثر هذه السابقة الجنائية علي مستقبله الوظيفي، بل ولأمانة العرض فإن مستقبل أقربائه يتأثر أيضاً بالنسبة لبعض الوظائف الهامة في الدولة، فوجود ما يشوب الموقف الجنائي للمتقدم لوظيفة يجعل فرصته في القبول فيها أقل من آخرين لا يشوب موقفهم الجنائي شائبة. ويقول الخبير الأمني اللواء محمد ربيع الدويك: الأمن الجامعي نوع من الأمن الخاص يحتاج إلي إمكانيات شخصية أو بشرية خاصة، حيث يعمل هذا النوع من الأمن بخطة أكاديمية تحتاج إلي ضابط الشرطة لتنفيذها لأنه تأمين يحتوي علي عدة عناصر وهي "تأمين المنشآت وتأمين الشخصيات الهامة وهم رئاسة وأعضاء هيئة التدريس، وتأمين الوثائق والمعلومات المتمثلة في غرف أسئلة الامتحانات وكراسات الإجابة والمطبعة السرية الخاصة بكل كلية التي يتم من خلالها طباعة أوراق الأسئلة والإجابات النموذجية، ثم تأمين المعامل والتجارب العلمية الهامة مثل مجالات الذرة والإشعاع وما تحتويه هذه المعامل من مواد تدخل في مكونات المفرقعات مثل نتروالسيليللوز والجلسرين والنترات والزئبق ومعامل الجراثيم والميكروبات، ثم تأمين الطرق والممرات وتأمين التجمعات والحشود الطلابية المتواجدة داخل الحرم الجامعي علي مدار الساعة". ويضيف اللواء الدويك: من الأماكن التي يجب تأمينها أيضاً المدن الجامعية والمطابخ وأماكن الإقامة وأماكن التريض وأماكن المذاكرة إلي جانب قاعات المؤتمرات والندوات العامة والمفتوحة، وكذلك تأمين الشخصيات الهامة التي تتردد علي الجامعة ، كما يجب تأمين الاحتفالات والمؤتمرات الشعبية والسياسية الكبري كل هذا يحتاج إلي ضابط شرطة، ولا نغفل أهمية الجانب الخاص بالمعلومات اللازمة للتأمين ومن ضمنها تجنيد المصادر لإحباط أي محاولات من خلايا ذات انتماءات سياسية وخاصة المنتمين إلي العناصر المتطرفة وأنشطة الإرهاب والتي تحركها القيادات المسجلة في النشاط الإرهابي بالإضافة إلي ما تتمكن منه وسائل المخابرات الأجنبية من تجنيد عناصر طلابية تعمل لصالح أجهزة مخابرات خاصة أنه معروف لدي أجهزة المعلومات دخول تجنيد العناصر الطلابية للعمل المخابراتي وبأساليب خاصة . ويشير اللواء الدويك إلي أنه لا يستطيع أن يقوم بتأمين الجامعات سوي ضابط الشرطة المؤهل بالتنسيق مع أجهزة المعلومات متمثلة في الأمن الوطني والمباحث الجنائية بجميع المحافظات مع التنبه إلي ضرورة تجنب الأخطاء التي وقع فيها الأمن الجامعي من قبل، التي وصلت إلي حد تواجد ضابط وأفراد أمن دولة بصفة مستديمة بالجامعات مما ترتب عليه أن جميع قرارات رئيس الجامعة وقرارات عمداء الكليات وكل الأنشطة داخل الجامعة من تعيين رؤساء الأقسام ووكلاء الكليات ووكلاء رئاسة الجامعة لا تتم إلا بموافقة أمن الدولة مما أدي إلي احتقان جميع قطاعات الجامعات المصرية من الحرس الجامعي ،لأن أنشطة أمن الدولة لا تتم إلا في الخفاء ويظهر في الصورة أمن الجامعة فقط، الذي يتبع إلي مديريات الأمن في شقه الإداري فقط والشق الفني كانت تسيطر عليه أمن الدولة. ويوضح اللواء الدويك أن حدوث تدخلات في نتائج الامتحانات كانت تحدث تحت التأثير غير المباشر مما أدي إلي احتقان الطلاب والأساتذة وكل قطاعات الجامعة، كما أن التدخل وصل إلي المناقشات العلمية لرسائل الماجستير والدكتوراه، وأصبح بالجامعة أساتذة محسوبون علي أمن الدولة والحرس الجامعي وهم بذلك أهل الحظوة في جميع الترقيات والمناصب القيادية، أما الأمن الإداري للجامعة الآن فهو دون مستوي التأمين الحقيقي وتنقصه الخبرة والتجهيز الشخصي والأكاديمي لأداء مهام الأمن الحقيقي، لذلك المفترض الآن هو عودة الأمن الجامعي في صورة معدلة تتجنب أخطاء الماضي وتضع في الحسبان كل متطلبات المستقبل، وأهمية أن مصر في حالة حراك ثوري لطيف وعنيف ولابد من تجنب احتقان بني الإنسان لأنه يؤدي إلي بركان أشد من أي زمان وفي أي مكان. ويقول المرشح الرئاسي السابق أبوالعز الحريري: الطلبة لا يشاغبون، لكن من يقومون بأعمال الشغب تحركهم جماعات إرهابية تندس بين الطلبة، حتي بعض المنتقبات لسن طالبات لكنهن مستأجرات لعمل هذه الاحتجاجات، المشكلة تعود إلي الحكومة التي لا تستعمل القانون لأن الشرطة تستطيع جمع المشاغبين في دقائق، ولا ألقي اللوم علي الشرطة لأن يدها مغلولة تنتظر أوامر الحكومة التي يبدو أنها تخشي من دعوات الإخوان وزعمها باضطهاد الطلبة.