يتحدث خالد محمد خالد عن سلمان الفارسي، وقصة بحثه عن الحقيقة، الذي ولد في أرض فارس وذهب يبحث عن الحقيقة في الشام، ونصحه أحد رهبان الشام، أن يذهب إلي أرض الحجاز حيث رسالة آخر الأنبياء وذهب الرجل وقابل الرسول (صلي الله عليه وسلم) وأعلن إسلامه، وكان الرسول عليه السلام يطري فطنته وعلمه كثيرا كما يطري خلقه ودينه. ويوم الخندق وقف الأنصار يقولون: سلمان منا ووقف المهاجرون يقولون بل سلمان منا، وناداهم الرسول قائلا: »سلمان منا آل البيت» يقول المؤلف: لقد عاش سلمان مع الرسول منذ أن التقي به وآمن مسلما حرا ومجاهدا وعابدا. وعاش مع خليفته (أبي بكر) ثم أمير المؤمنين عمر ثم الخليفة عثمان حيث لقي ربه أثناء خلافته.. ومن خلال قصة هذا المؤمن العظيم الذي رفض الإمارة فعرف أنه يرفض المال والثروة والنعيم، ويصر علي أن يكتفي في يومه بدرهم يكسبه من عمل يده.. ويرفض الإمارة ويهرب منها ويقول: - »إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا علي اثنين فافعل».. ويقول المؤلف عن نهاية هذا الباحث عن الحقيقة: لم يكن هناك من طيبات الحياة الدنيا شيء ما يركن إليه سلمان لحظة، أو تتعلق به نفسه إثارة إلا شيئا كان يحرص عليه أبلغ الحرص، ولقد ائتمن عليه زوجته، وطلب منها أن تخفيه في مكان بعيد وأمين.. وفي رصد موته، في صبيحة اليوم الذي قضي فيه ناداها: (هلمي خبك الذي استخبأتك) فجاءت بها، وإذا هي صرة مسك، كان قد أصابها يوم فتح جلولاء، فاحتفظ بها لتكون عطره يوم مماته.. ثم دعا بقدح ماء نثر المسك فيه ثم ماثه بيده وقال لزوجته (انضحيه حولي.. فإنه يحضرني الآن خلق من خلق الله، لا يأكلون الطعام وإنما يحبون الطيب.. فلما فعلت قال لها: أجفئي علي الباب وانزلي، ففعلت ما أمرها به، وبعد حين صعدت إليه فإذا بروحه المباركة قد فارقت جسده ودنياه..