أيام ويطل علينا شهر الصوم والعبادة شهر رمضان الكريم، حيث يتقرب فيه الناس بالصوم والصلاة وتلاوة القرآن الكريم، ويتداعي إلي الذهن الحديث عن الشعر الذي يعتبر تعبيراً مباشراً عن الوجدان، وكان يحتفي به العرب ويرون في الشعر ديوان حياتهم.. لقد كان النبي يحب الشعر رغم أنه لم يكن شاعرا وكان يقول: إن من البيان لسحراً.. كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحب الشعر الذي يدعو إلي مكارم الأخلاق وإلي القيم الفاضلة.. وكان يدعو حسان بن ثابت أن يرد علي شعراء المشركين من أهل مكة، ويفند مزاعمهم ضد الإسلام ونبي الإسلام. وإذا كان ابن خلدون مثلاً يري أن الشعر قد فتر في أول الإسلام، لأن الناس انشغلوا عنه بالدعوة الإسلامية، ولكن الواقع أن الشعر في هذه الفترة كان يعبر عن الإسلام وما أحدثه في شبه الجزيرة العربية من ردود أفعال. يقول ابن خلدون: انصرف العرب عن الشعر أول الإسلام بما شغلهم أمر الدين والنبي والوحي، وما أدهشهم من أسلوب القرآن ونظمه فأخرسوا عن ذلك، وسكتوا عن الخوض في النظم والنثر زمانا، ثم استقر ذلك وأونس الرشد عن الملة، ولم ينزل الوحي من تحريم الشعر وحظره، وسمعه النبي صلي الله عليه وسلم وأثاب عليه فرجعوا حينئذ إلي ديدنهم منه.. إن الشعر كان له موقف من الدعوة.. أيد شعراء المسلمين الدعوة ورسولها، فقاموا يهجون من يهاجم الإسلام والمسلمين، بينما أخذ شعراء الشرك يهاجمون الإسلام ونبي الإسلام.. فالشعر لم يفتر كما يقول الباحثون في تاريخ الأدب العربي، بل أصبح له أعلامه أمثال حسان بن ثابت شاعر الرسول، وكعب بن مالك وعبدالله بن رواحة الذين دافعوا عن عقيدة الإسلام عندما دخلوا الإسلام، وعند مس قلوبهم ما فيه من قيم وفضائل وعقائد تعلي من قيم الإنسان، وتدعوه إلي الهدي، وتهدي خطاه نحو كل ما هو جدير بالحياة.. فالشعر كان مرآة صادقة تمثل الأحداث والتغيرات التي حدثت بفضل الرسالة الخالدة، وما يدعو إليه الإسلام من قيم وتشريعات أحدثت دوياً هائلاً في تغير شبه الجزيرة العربية في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم، وأحدثت تغيرات هائلة بعد أن استقر الإسلام وغزا العقول والقلوب ومد ضوء حضارته إلي أرجاء العالم.