باقٍ من الزمن أسابيع قليلة جدا وينتهي دوران عجلات الإنتاج مع بدء عرض المسلسلات الرمضانية علي القنوات الفضائية ولكن المثير أن الغالبية العظمي مازالت تضع أيديها علي قلوبها وتتساءل: هل ستستمر نغمة الأغنية التي تقول »كل شيء في حب المعلن يهون»، ونفاجأ بظاهرة الإصرار علي حشو دراما المسلسلات بفواصل إعلانية تقتل بهجة أي عمل فني، وما بالك لو كانت تلك الدراما لا تصلح للعرض في الشهر الرمضاني ولا غيره عندما نفاجأ باحتوائها علي عنف ودم وشتائم من ناحية ودوران الحبكة بالمط والتطويل وضحالة في الإبداع من ناحية أخري. وفي هذا الإطار نعود للاستفسار هل ستظل التيمة الأكثر تكرارا في المسلسلات هي الانتقام.. وصار العديد من تلك الأعمال الدرامية لا يمكن أن يتم من دون وجود هذه »التيمة» التي تلغي المغفرة والسماح وتستبدلهما بالتخطيط للأخذ بالثأر والسعي للانتقام كحل وحيد.. ولكن علينا أيضا أن نعترف أن »تيمة» الانتقام محبوبة لدي الجمهور وهي سبب لجعل المشاهد يؤيد البطل في حربه ضد الأشرار وسبب لكي ينتظر بشوق ليري كيف سيتم ذلك وهذا نراه بشكل أكبر في عالم السينما خاصة ذات القاعدة الشعبية العريضة مثل السينما الأمريكية - الهندية وغيرها. ولعل علم الاجتماع وأساتذته لديهم ما يقولونه في هذا الشأن موضحين الأسباب النفسية والثقافية التي تدفع الناس لتفضيل الانتقام. أما نحن فنعلم أن المفتاح بيد من يختار وأقصد هنا دور المنتج غير الفاهم للإبداع بدليل أنه يتدخل في عمل المؤلف والسيناريست والمخرج لعمل تعديلات تفصيل، الغرض منها المط والتطويل بزيادة جرعات الانتقام في سياق العمل الدرامي داخل المسلسلات الرمضانية التي نستعد لمشاهدتها قريبا، ظنا منه أن المحطات التليفزيونية ستتسابق علي شراء أحقية عرض هذه المسلسلات علي شاشاتها قبل القنوات الفضائية الأخري.. رغم أن عقلاء المشاهدين مازالوا يطرحون سؤالا هاما يقول: كيف تستطيع محطات التليفزيون المنتجة أو المشترية هضم كل هذا السيل من الزيف الفني.