أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    ترامب يحذر إيران من إعادة ترميم برنامجها النووي مرة أخرى    استقالة محافظ البنك المركزي الإيراني بعد احتجاجات في طهران    ترامب يحذّر حماس من «ثمن باهظ» ويؤكد التزام إسرائيل بخطة الهدنة في غزة    أحمد موسى: خطة تدمير سوريا نُفذت كما يقول الكتاب    زاخاروفا: الرد على هجمات نظام كييف الإرهابية لن يكون دبلوماسيا بتاتا    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    رسميًا.. السودان تتأهل لدور ال16 من أمم أفريقيا    ماركا: برشلونة يستهدف ضم فلاهوفيتش الصيف المقبل    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    وصفات أكلات سريعة وصحية للطلاب أثناء الامتحانات    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    اللجنة المصرية في غزة: الأمطار أصبحت كابوسا يلاحق كل مواطن يعيش في خيمة بالية    أمم إفريقيا – إصابة مهند لاشين بكدمة في الضلوع    سقوط موظف عرض سلاحا ناريا عبر فيسبوك بأبو النمرس    ضبط عنصر إجرامي مطلوب في قضايا جنائية وصلت أحكامها 85 سنة سجنا بقنا    سوريا تطلق العملة الجديدة ضمن إصلاحات نقدية واسعة    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    جوهرة فرنسا.. عثمان ديمبيلي ملك الكرة الذهبية في 2025    مركز للتلقيح الاصطناعي وتحصين 1.1 مليون حيوان.. أبرز إنجازات الطب البيطري بسوهاج في 2025| صور    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    وزارة الشباب والرياضة تُجرى الكشف الطبى الشامل للاعبى منتخب مصر لكرة اليد    الفقه المصرى والإسرائيلى فى أولويات المشروعية!    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    أسماء المصابين في حادث تصادم أسفر عن إصابة 8 أشخاص بالقناطر الخيرية    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    مواصفات امتحان الرياضيات للشهادة الإعدادية 2026 وتوزيع الدرجات    وفاة والدة الفنان هاني رمزى بعد صراع مع المرض    لقطات جديدة من مسلسل اتنين غيرنا للنجمين آسر ياسين ودينا الشربينى.. صورة    إلغاء تدريب الزمالك اليوم.. اعرف التفاصيل    "الوزير" يلتقي وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والزراعة والمياه والصيد البحري والتربية الحيوانية والتجارة والسياحة في جيبوتي    إحالة ربة منزل للمفتي بعد قتلها زوجها وابن شقيقه في كفر شكر    تحقيقات الهروب الجماعي من مصحة البدرشين: المتهمون أعادوا فتحها بعد شهرين من الغلق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    اسعار الخضروات اليوم الإثنين 29ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر لتعزيز منظومة الصحة والأمن الدوائي في إفريقيا    برودة وصقيع.. تفاصيل طقس الأقصر اليوم    أسود الأطلس أمام اختبار التأهل الأخير ضد زامبيا في أمم إفريقيا 2025.. بث مباشر والقنوات الناقلة    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    حمو بيكا ينعي دقدق وتصدر اسمه تريند جوجل... الوسط الفني في صدمة وحزن    يحيى حسن: التحولات البسيطة تفكك ألغاز التاريخ بين الواقع والافتراض    فوضى السوشيال ميديا    مشروبات تهدئ المعدة بعد الإفراط بالأكل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العودة إلي الوطن


تحتل حكاية العودة إلي الوطن أكثر صفحات التراث الإنساني القديم. فملحمة كاملة مثل الأوديسا هي رحلة أوديسيوس للعودة إلي إيثاكا بعد فتح طروادة والتي استمرت عشر سنوات من التيه. ومن يقرأ الملحمة يعرف كم الأهوال التي وجدها أوديسيوس في عودته سواء في البحار أو في الغابات والجبال. إن اسم أوديسيوس يعني الرجل الكثير الحيل. وهذا يعبر عن ذكائه الشديد فهو صاحب فكرة انسحاب الجيوش اليونانية من أمام أسوار طروادة بعد أن فشلوا في دخولها وترْك حصان خشبي علي الشاطئ والابتعاد بسفنهم مما يوحي بعودتهم. عرف الطرواديون برحيلهم وخرجوا إلي الشاطئ فوجدوا الحصان الخشبي ووجدوا السفن اليوناينة رحلت فعادوا بالحصان إلي داخل المدينة واحتفلوا وسكروا ورقصوا وعربدوا ولا يعرفون أن داخل هذا الحصان جنود يونانيون سوف يفتحون بابا صغيرا في الحصان والقوم سكاري ويخرجون يقتلونهم ويفتحون أبواب الأسوار ويعود اليونانيون ليدخلوا المدينة ويحتلوها. وهو صاحب الفكرة الرهيبة حين خرج وجنوده إلي الشاطئ فأخذهم السايكلوب الجبار أمامه وأدخلهم مغارته وأغلقها عليهم وجلس أمامهم يأكل كل يوم واحدا منهم إلي جانب ما يأكله من خضر وفواكه يجمعها من الغابة. السايكلوب وحش أسطوري بعين واحدة كيف يتخلص منه أوديسيوس أو أوليس؟ ليس أمامه إلا الحيلة. من العنب الذي يجمعه السايكلوب صنع له أوديسيوس نبيذا شربه الوحش وسكر وابتهج فسأله عن اسمه قال » لا أحد »‬ وحين سكر تماما فقأ أوديسيوس عينه الوحيدة برمحه واستطاع مع رجاله أن يزيحوا الحجر عن الباب وخرجوا في سرعة وخرج السايكلوب خلفهم يزأر مفقوع العين فلا يراهم واجتمعت فصيلته من الغابة تسأله من فعل بك هذا فيقول »‬لا أحد»‬. وهرب أوديسيوس والبحارة. وهكذا كثير جدا مما فعله أوديسيوس في رحلته إلي الوطن. إلي البيت الذي تنتظره فيه زوجته وابنه. وبالمناسبة بيت الشعر يسمونه بيتا لأنه مكتمل. وبيت بالإنجليزية تعني »‬هوم» و»هوم» تعني »‬وطن». البيت هو الوطن. ورحم الله ابن الرومي حين قال »‬ولي وطن آليت ألا أبيعه وألا أري له الدهر غيري مالكا» إلي أن يقول »‬وحبّبَ أوطان الرجال إليهم.. مآرب قضاها الشاب هنالك». رغم أن سبب القصيدة أن أحد الأغنياء أراد أن يأخذ منه البيت لا أن يطرده من البلاد، لكنه لخص معني البيت / وطن. وبعيدا عن الأساطير اليونانية الرائعة ففي الأساطير الفرعونية رحلة سنوحي الذي كان الحكام قد غضبوا عليه ففر إلي الشام وعاد في رحلة لا تقل عن رحلة أوديسيوس إلي البيت. إلي الوطن. وفي ملحمة جلجامش السومرية العودة إلي البيت موضوع رائع فيها. البيت باعتباره الوطن. ولماذا نذهب بعيدا؟. لقد استقر الأمر علي أن »‬الهوم سيكنس» مرض يصيب الغرباء وتعني الحنين إلي الوطن. لكن علي الناحية الأخري قال علي بن أبي طالب »‬الفقر في الوطن غربة، والغني في الغربة وطن». والفقر لا تعني العوز فقط لكن تعني أن يتحول البيت / الوطن إلي مذابح بشعة أو أماكن قهر سياسي أو ثقافي أو اجتماعي أو ديني. وهذا يفسر لك الهجرات الكبيرة عبر التاريخ ويفسر لك هجرات زماننا في الدول العربية المنكوبة بالحروب أو المنكوبة بالفقر وطبعا الدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية وغيرها. نحن الآن في منعطف حضاري بشع هو أن النزوح من الأوطان هو حل من الحلول خاصة بعد أن صار العالم صغيرا وصارت فيه دول تتيح الحياة الكريمة للمهاجرين. وبالمناسبة أيضا كان هذا يحدث في مصر يوما ما. المصريون لم يعرفوا الهجرات إلا في عهد محمد علي حين صارت الأرض كلها ملكه باعتباره نائبا للوالي العثماني ووزعها علي من يريد وحتي هذا التوزيع لم يكن ملكية كاملة إلا فيما بعد فما أسهل ما كان يسحب الأرض ممن أعطاها له وظل الأمر هكذا في عهد الخديو إسماعيل أيضا. في ذلك الوقت عرف الفلاحون الهجرة وانقسموا بين فلاح »‬قراري» لا يترك الأرض وفلاح »‬فراري» يهرب إلي بلاد أخري وكانت الشام وفلسطين أقربها إليه وأفضلها. أما مصر فصارت أم الدنيا أتي إليها كل المضهدين في العالم واغتنوا وارتاحوا فرسموا وكتبوا وصنعوا المسرح والسينما والمجلات والصحف والعمارات والحدائق. صارت وطنا للشوام والمغاربة واليونانيين والإيطاليين واليهود والقبارصة والأرمن وغيرهم وكانوا مثالا علي الحرية لذلك أري أنهم لم يخرجوا بسبب التأميم فقط ولكن بسبب أنهم يشكلون للمصري مثالا علي الحرية والحاكم لا يريد ذلك. يريد الناس كلها طبعة واحدة. فالفكر الشمولي دينيا أو سياسيا لا يرضي بفكر غيره. ربما يغفر للمجرمين القتلة اللصوص لكنه لا يغفر للمختلفين معه فكريا. ولا تختلف النازية والشيوعية عن داعش في شموليتها. لا أعرف لماذا فكرت أكتب هذا المقال اليوم؟. ربما لأني شاهدت في التليفزيون فيلم »‬إي تي» للمخرج العظيم ستيفن سبيلبرج، وكيف أن هذا الحيوان الفضائي بعد أن لعب كثيرا مع الأطفال كان يبكي ويقول »‬هوم.هوم» يعني بيت ويعني وطن حتي تركوه فسافر محلقا في الفضاء. لكن مؤكد أنه فعل ذلك لأن بيته أفضل من الأرض ومن عليها.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.