رغم اعتراضي علي كونه أسبوعا واحدا فقط لا غير في حب الوطن ليس أمامي إلا الترحيب والإشادة بمبادرة جهاز حماية المستهلك لحل مشاكل المستهلكين. الشاعر أمين عزت الهجين يقول بلسان الموسيقار الكبير الراحل محمد عبد الوهاب: حب الوطن فرض عليّ أفديه بروحي وعيني، لكن لا ضير فهي خطوة مباركة لجهاز نال من الانتقادات الكثير وبما يفوق قدراته البشرية والتشابكات المعقدة مع الأجهزة الأخري المماثلة. الجهاز تعامل مع أكثر من ثلاثة آلاف شكوي من مستهلكين خلال ثلاثة أيام بما يعني أن المستهلك يئن ويتوجع ولديه الكثير بما يفضفض به من مشاكل خاصة مع مراكز الصيانة الكثيرة مثل العدد في الليمون والذي لا يعرف معظمها عن الصيانة أكثر مما يعرف كاتب هذه السطور عن الطب. الجهاز أطلق مبادرته من خلال إقامة معسكر عمل دائم لمدة أسبوع بمقره بالقرية الذكية لحل شكاوي المواطنين بالتنسيق مع الجهات والكيانات المعنية في إطار اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي وتفاعله مع هموم المواطنين وشكواهم، وتنفيذاً للبرنامج الشامل للحكومة الذي أعلنه رئيس الوزراء بشأن ضرورة إيجاد آليات غير تقليدية لسرعة حل شكاوي المواطنين وتخفيض زمن الاستجابة والرد علي شكواهم.. والسؤال هنا: لماذا معسكر دائم لمدة أسبوع طوال الأربع والعشرين ساعة يوميا وأليس من الأجدي أن يكون المعسكر طوال العام ويوميا وفق ساعات العمل الرسمية شريطة الجدية في التفاعل مع شكاوي المواطنين بإيجاد حلول فعلية لتلك المشاكل وليس مجرد الرد التقليدي »اصبر واحتسب فمشكلتك قيد البحث أو ادعي علي من ظلمك». اللواء د. راضي عبد المعطي رئيس الجهاز صرح بأنه تم حل ما يقرب من 2000 شكوي للمواطنين في أول يوم من تنفيذ المبادرة، وهذا أمر جيد لكنه يعني أن المستهلك »مكوظر» ويحتاج من يرفق به. أيضا قال اللواء راضي إن العاملين بالجهاز مؤمنون بأن العمل بالجهاز رسالة وطنية وليست وظيفة نمطية، لذا تمت إقامة معسكر دائم علي مدار 24 ساعة ولمدة أسبوع دون مغادرة لحل كل الشكاوي الخاصة بالمواطنين والمتراكمة من الفترة الماضية. وهذا أيضا »كلام جميل كلام معقول مقدرش أقول حاجة عنه» لكن هل يستطيع أي موظف مهما كانت قدراته وحتي إذا جاء من المريخ أن يعمل أسبوعا كاملا في مكان عمله دون مغادرة؟، وهل الموظف في هذه الحالة من الإرهاق والتعب والحرمان من المغادرة سيتمكن من أداء المطلوب منه علي الوجه الأكمل؟. في اعتقادي المتواضع أن أهم إيجابيات المبادرة ذلك التنسيق بين الجهات والكيانات المرتبطة بالعملية الاستهلاكية وبشكاوي المواطنين لتكون هناك حلول عاجلة وفورية وهذا ما يجب أن يكون طوال الوقت وليس لمدة أسبوع فقط ولنا المثل في رئيس الجمهورية الذي يشدد في معظم اجتماعاته علي تيسير أمور المواطنين وضبط الأسواق. أليس من الواجب علي الجهات المختصة أن تتحرك لضبط سوق مراكز الصيانة الذي يعاني الكثير من العشوائية وعدم التنظيم فهناك الكثيرون الذين يمارسون تلك المهنة المهمة دون تراخيص ولا يحزنون وبعض هذه المراكز وهمية ورأسمالها فقط إعلان لإحدي القنوات الفضائية وعدد من أرقام الهواتف للنصب علي المواطنين وسمعنا عن بعض هؤلاء الذين أخذوا أجهزة من المنازل لإصلاحها و»فص ملح وداب». علي جهاز حماية المستهلك الذي تبني مبادرة »أسبوع في حب الوطن» أن يبادر بدعوة الجهات المعنية لوضع إجراءات لضبط عمل مراكز الصيانة أولا بإلزامها بالترخيص الرسمي ومعاقبة من يعمل دون ترخيص بجانب إلزام المراكز المرخصة لممارسة النشاط بالترخيص للفنيين العاملين لديها حتي لا نفاجأ بجزار يصلح ثلاجة أو غسالة أو نجار يصلح جهاز لاب توب.. ومن المحبذ أيضا إشراك مسئولي التعليم الفني والمهني في وضع أسس ومعايير ممارسة أية مهنة مثلما كان هناك في السابق نظام الصبينة في ورش الحدادة والنجارة وغيرها. إهمال تنظيم عمل مراكز الصيانة أسفر عن نتائج إيجابية كثيرة أقلها الضحك علي الزبون وأخطرها إهدار للمال وقيمة العمل الخالص لوجه الله تعالي، فها هو صديق لم أعهد عليه كذبا ولا تهويلا، يحكي لي واقعة مفادها أنه أراد أن ينتقل لسكن آخر. اتفق مع نجار علي فك عفش البيت تمهيدا لنقله وإعادة تركيبه.. ذهب للنجار في الوقت المتفق عليه فوجد المحل مغلقا.. تصادف وجود شخص وبادر صديقي بمبتغاه فأجابه: أريد نجارا.. فرد بلا تردد: أنا نجار.. تنفس صديقي الصعداء وأخذه وتركه لعمله.. فجأة سمع ضجيجا وتكسيرا بما لا يتناسب مع فك غرفة نوم.. ارتاب في الأمر فوجده بدلا من أن يفك المسامير استخدم نظام الخلع لأنه ببساطة جزار وليس نجارا.