أحسب أن هناك توافقا عاما علي الأهمية البالغة لما جري في المؤتمر السادس للشباب، الذي اختتم اعماله بعد جلسات مكثفة ومناقشات مستفيضة وحوار صريح، حول أخطر القضايا التي تواجه مصر كدولة وشعب في مسيرتها الوطنية الحالية وسعيها الحثيث للانطلاق علي طريق التنمية الشاملة. ولامبالغة في القول بأن قضية إعادة بناء الانسان المصري علي أسس سليمة وراسخة، علي المستويين المادي والمعنوي تأتي في مقدمة هذه القضايا واكثرها أهمية علي الاطلاق، نظرا لتأثيرها الكبير علي امكانية تحقيق آمال وطموحات الشعب في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة والقوية. وإعادة بناء الانسان ليست قضية سهلة التحقق أو ميسورة المنال، بل هي عملية شاقة تحتاج بالضرورة إلي تطوير شامل واصلاح كامل لمنظومة التعليم والصحة، بكل ما يتطلبه ذلك من الاهتمام الضروري والواجب بالتنمية الثقافية والفنية والرياضية اللازمة لاكتمال بناء الشخصية السوية والسليمة. وإذا كنا نقول بأن إعادة بناء الانسان ليست بالعملية السهلة أو اليسيرة، فتلك حقيقة واقعة يجب أن يدركها الجميع، نظرا لأنها تحتاج إلي عدة عوامل اساسية وهي، الاصرار القوي ووضوح الرؤية للمستهدف وخطة شاملة وبرنامج زمني للانجاز،..، بالإضافة إلي عامل بالغ الأهمية وهو توافر التكلفة المالية اللازمة لتحقيق الهدف الذي نسعي اليه. وفي هذا لنا أن نتصور حجم هذه المشكلة، إذا علمنا أننا نحتاج إلي كم كبير من الاعتمادات المالية، والتي تبلغ عشرات المليارات من الجنيهات سنويا لتنفيذ الخطة الشاملة للاصلاح وتطوير المنظومة التلعيمية والمنظومة الصحية، وتنفيذ التأمين الصحي في المحافظات المصرية، باعتبارها من الاعمدة الرئيسية لإعادة بناء الانسان المصري. ولنا أن نتصور ايضا الحجم الكبير من الصعوبة في اتمام هذه العملية ايضا إذا علمنا أنه يلزم لها في الاساس توافر اكبر قدر من الاستقرار والأمن بصفة دائمة حتي تتوافر الظروف اللازمة لاحداث التطوير والتحديث بصورة تراكمية. أي أن إعادة بناء الانسان المصري تحتاج في اساسها إلي تعليم جيد وثقافة واسعة وصحة جيدة ونظام علاجي وصحي متطور.. وهذا يحتاج إلي تكاليف ليست بالقليلة.. مع توافر الاستقرار والأمن،..، تلك هي الحقيقة التي يجب أن ندركها بوضوح.