عُثر حتي الآن بوادي الملوك علي 64 مقبرة منها مقبرتان كشف عنهما بعد العثور علي مقبرة الملك توت عنخ آمون رغم أن البعض أعلن أن الوادي قد باح بكل أسراره، ومع ذلك فلايزال هناك العديد من الأسرار التي سوف تظهر قريباً بوادي الملوك أرجو ألا ينزعج عمدة غرب الأقصر الحالي فأنا أقصد العمدة الذي كان موجوداً بالبر الغربي منذ حوالي ثلاثة آلاف عام، وكان اسم هذا الرجل »باو رع»، وكان يحمل لقب »حاكم أو عمدة البر الغربي»، ومن ضمن مهامه الرئيسية كانت حماية المقابر في وادي الملوك، بل وحماية مقابر النبلاء والموظفين والملكات بالبر الغربي.. ورغم ذلك يعتبر أول مسئول رسمي فاسد استطاع أن يستغل نفوذه لسرقة كنوز المقابر، بل وكان هو نفسه رئيس العصابة التي تسرق الفراعنة ومحتويات مقابرهم! ولم يكن هناك أي أحد يحاسبه لأنه المسئول عن حراسة الجبانة وعن حراسها الذين يقومون في نفس الوقت بالاشتراك معه في سرقة المقابر! أي أن حاميها حراميها. اعتقد باو رع أنه فوق المساءلة وأن أحدا لن يستطيع أن يوقفه أو يعترض طريقه ويضع نهاية لهذا الفساد. ويقال إن هذا الرجل كان مسنوداً من بعض الوزراء في الدولة كما سوف نعرف بعد ذلك.. ومن غرائب سرقات المقابر هو المحاكمة التي تمت لأحد اللصوص الذين دخلوا الأهرامات، فبعد أن سأله القاضي عن السبب في سرقته للهرم؟ أجاب اللص قائلا: »إنكم تقولون إن الملك إله.. لماذا لم يقم من داخل ثالوثه لكي يمنعني من السرقة؟!».. وفي ذلك إشارة إلي أن من يرتكب جريمة السرقة لابد وأن يكون قد كفر أولاً بأنه سيعاقب سواء من جهة الإله أو من جهة القانون. لقد حاول الفراعنة أن يقوموا بسد الحجرات بالمتاريس الحجرية الضخمة حتي يقوموا بمنع اللصوص من دخول المقابر، ورغم ذلك استطاعوا أن يدخلوا الأهرامات، بل ويزيلوا الأحجار الضخمة الجرانيتية التي سدت المقابر والأهرامات، وقد وضع كذلك المصريون القدماء تعاويذ وتمائم سحرية داخل المقابر لكي تمنع اللصوص من الدخول، بل وقاموا بكتابة نصوص تعرف باسم »نصوص اللعنة» والتي تلحق اللعنات بكل شخص يدخل المقبرة بغرض السرقة أو التدمير.. وكانوا يضعون هذه النصوص علي مدخل المقبرة. وقد عثرت علي مقبرة لأحد الفنانين بالجبانة العلوية لبناة الأهرامات بالجيزة؛ وهي الخاصة بالفنانين الذين رسموا المقابر أثناء بناء الأهرامات، وهذه المقبرة تخص الفنان »بتيتي» ويبدو أنه كان خائفاً من سرقة المقبرة؛ لذلك فقد ترك علي مدخل مقبرته نص لعنة علي الجانب الأيمن للمقبرة ونصاً آخر تركته زوجته علي الجانب الأيسر، بل وقام مهندسه بوضع تمثال من الطوب اللبن لشخص صغير يقف علي مدخل المقبرة وفي يده عصا يضرب بها كل من يدخل المقبرة.. أما نص اللعنة فكان يقول: »يا أيها الناس أنني لم أفعل شيئاً سيئاً في حياتي وكل ما فعلته كان حسناً.. أن كل من سيدخل مقبرتي (بسوء) سوف تأكله التماسيح وفرس النهر والأسود..» ورغم ذلك سُرقت مقبرته. ونعود لهذا العمدة الفاسد الذي كان يوجه اللصوص لسرقة مقابر معينة، واستطاع أن يجمع ثروة هائلة.. وهذه الفترة هي عصر الرعامسة والتي زادت فيها عمليات سرقة المقابر والتي تم التركيز فيها أولاً علي المقابر الخاصة بالموظفين والأشراف، وبعد ذلك انتقلوا إلي وادي الملوك، وقد كانت هناك عصابة من الأهالي يرأسهم زعيم العصابة »باو رع» وتم تسجيل كل هذا في بردية معروفة من هذا العصر تعود إلي حوالي (1295ق.م - 1069 ق.م) وهي بردية كاملة تظهر لنا مظاهر الرشوة والفساد بزعامة عمدة غرب الأقصر، وفي نفس الوقت أمانة عمدة شرق الأقصر وهو حديثنا في المقال القادم بإذن الله.