وادي الملوك هو من أهم الأماكن الأثرية في العالم كله والتي عثر فيه علي أهم كشف أثري في القرن العشرين، وقد اختار الفراعنة هذا المكان بالبر الغربي بالأقصر نظراً لطبيعته الجغرافية والجيولوجية. فالوادي به مجموعة من الوديان الجافة النائية والتي يمكن أن توفر الحماية لمقابر الملوك بعد أن تعرضت للسرقة خلال عصري بناء الأهرامات في الدولتين القديمة والوسطي. لقد دفنت المقابر أسفل شكل هرمي يمثل قمة جبل القرن؛ وبالتالي تم الحفاظ علي الشكل الهرمي للمقبرة الملكية ، علي الأقل من الخارج فقط- وهذه المرة الهرم ليس من صنع الإنسان، لكنه كما قلت قمة الجبل المهيمن علي وادي الملوك ويسمي القرن. واعتبره الفراعنة رمزاً للشكل الهرمي الذي يُدفن الملك أسفله ويستعمله للصعود إلي السماء لمقابلة الإله رع،إله الشمس- وقد اعتقد من قبل أن أول الملوك الذين دُفنوا بالوادي هو الملك تحتمس الأول والد الملكة حتشبسوت. وقد قام المهندس المعماري أنيني الذي بني مقبرة الملك بترك نص علي جدران مقبرته يقول فيه: »بنيت مقبرة جلالته. لا أحد رأي ولا أحد سمع»، وقد أثارت هذه الكلمات خيال العلماء، واعتقد البعض أن هذا قد يعني أنهم تخلصوا من العمال بعد بناء المقبرة، ولكن هذا الرأي ليس له أي دليل وخاصة أننا نعرف أن العمال الذين بنوا ورسموا مقابر الملوك عاشوا في قرية معروفة باسم دير المدينة بالبر الغربي للأقصر، وعرفنا من خلال النصوص التي عثر عليها والمكتوبة علي قطع الفخار والحجر الكثير عن حياتهم اليومية والقضايا التي كانوا يرفعونها ضد بعضهم في المحاكم.. وقد كشف هيوارد كارتر عن اثني عشر كوخاً من الأكواخ التي كان العمال ينامون فيها أثناء بناء المقابر، وقد أعدت اكتشاف هذه الأكواخ أثناء الحفائر التي قمت بها أمام وادي الملوك مع أول بعثة مصرية تعمل في هذا الوادي، وقد اتضح من خلال الأبحاث الجديدة أن مقبرة الملك تحتمس الأول ليست داخل وادي الملوك، وأن أول من اختار الوادي للدفن هي الملكة حتشبسوت، التي دُفنت داخل المقبرة رقم 21، وقد عثر علي هذه المقبرة هيوارد كارتر، الذي كشف أن العمل في المقبرة يحمل خطورة نظراً لوجود الحشرات، بالإضافة إلي سوء مستوي الأرضية، وقد دخلت هذه المقبرة للزيارة لأول مرة ولم أستطع أن أسير داخلها إلا بعد أن قام العمال بربط حبل علي مدخل المقبرة ونزلت إلي الداخل وأنا ماسك هذا الحبل حتي لا يختل توازني، وقد عثر كارتر علي تابوتين من الجرانيت داخل حجرة الدفن، واحد للملكة حتشبسوت موجود بالمتحف المصري، والآخر للملك تحتمس الأول موجود بمتحف بوسطن.. وقد اتضح وجود أربع وستين مقبرة بالوادي حتي الآن، كشف منها اثنتان بعد كشف مقبرة توت عنخ آمون ليثبت هذا خطأ ادعاء الأمريكي ثيودور داڤيذ الذي قال عبارته الشهيرة بأن الوادي قد أخرج كل أسراره. لم يكن وادي الملوك مخصصا فقط لدفن الملوك، بل والملكات في الأسرة 18، وكذلك أي شخص يريد الملك دفنه! فهناك مقبرة يويا وتويا والد ووالدة الملكة تي- وكذلك مقابر بناها الملك أمنحتب الثاني للحيوانات الأليفة التي عاشت معه. وقد أقيم في الأسرة 19 وادٍ خاص لدفن الملكات، وهو يعرف باسم وادي الملكات واستمر استخدام الوادي للدفن حتي الأسرة 21، وكان الملك توت عنخ آمون هو الملك السابع الذي دُفن بالوادي، في حين أن الملك رمسيس العاشر هو آخر الملوك الذين دُفنوا بالوادي.