نرجو أن يكون حديث الرئيس الأمريكي »ترامب» هذه المرة تعبيرا عن سياسة أمريكا تجاه مشكلة النظام القطري، وألا نعود بعد ذلك إلي حكاية »حاوريني يا طيطة» التي رأينا فيها سياسة واشنطن تضرب في كل اتجاه، وتتعدد فيها المواقف مع تعدد الأجهزة التي تحدد سياسة أمريكا.. أي ما بين الخارجية والدفاع والمخابرات.. وغيرها. لنكون أمام القوة الأعظم وهي تقول إنها تقود حرب العالم ضد الإرهاب، ثم تتوسط لإنقاذ النظام القطري من ورطته التي خلقها لنفسه عبر سنوات من دعم الإرهاب ونشر الدمار في الوطن العربي! في حوار تليفزيوني أخير، عاد الرئيس الأمريكي »ترامب» للتأكيد علي أن »قطر لها تاريخ معروف في دعم الإرهاب. وقد قلنا لهم لا يمكن أن تفعلوا ذلك. علينا تجويع الوحش، والوحش هو الإرهاب، ولا يمكن أن تكون هناك دولة ثرية تمول الوحش». ولم يكتف الرئيس الأمريكي بهذا التأكيد علي مسئولية النظام القطري، ولكنه وجه رسالة واضحة لحكام الدوحة الذين يحاولون استخدام وجود أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج الولاياتالمتحدة فوق الأراضي القطرية وهي قاعدة »العديد» كورقة للضغط.. قال ترامب إنه »إذا اضطرت أمريكا للرحيل من القاعدة العسكرية في العديد، فإن عشر دول مستعدة لبناء قاعدة بديلة لاستقبال القوات الأمريكية». ويجيء إعلان »ترامب» الجديد بعد عودة وزير خارجيته خالي الوفاض من جولته الخليجية. وبعد إعلان الدول الأربع المقاطعة لقطر استمرار المقاطعة حتي تلبي قطر المطالب التي تقدمت بها هذه الدول وتوقف كل دعم تقدمه للإرهاب وكل محاولات لنشر الخراب والدمار في الوطن العربي. وبعد »مذكرة التفاهم» التي وقعها وزير الخارجية الأمريكي مع نظيره القطري، واعتبرها النظام القطري »شهادة حسن سير وسلوك» ولو كانت شهادة مضروبة.. بينما اعتبرتها الدول العربية الأربع »غير كافية» حتي وإن كانت في جوهرها تحتوي اعترافاً من قطر بدعم الإرهاب، وتعهداً بإيقاف هذا الدعم، وهو التعهد الذي تقول الخبرة مع النظام القطري إنه لن يخرج للتنفيذ.. كما حدث مع التعهدات السابقة!». والسؤال الآن: هل ستتكرر لعبة »حاوريني يا طيطة» في السياسة الأمريكية، فنري تصريحات متضاربة مع المسئولين عن الخارجية والدفاع والمخابرات وغيرهم؟!.. أم أن هذا الارتباك قد انتهي، وأن السياسة الأمريكية قد أدركت أن مرحلة الرهان الخطأ علي نظام »الدوحة» قد انتهت، كما انتهي الرهان الخطأ علي حليفها الأساسي وهو جماعة »الإخوان»؟ في كل الأحوال.. لم يعد ممكناً أن تتحدث »واشنطن» عن حرب ضد الإرهاب، بينما تمتد مظلة رعايتها لحكام الدوحة أو لبقايا جماعة »الإخوان».. ولا يمكن أن تستمر لعبة توزيع الأدوار التي يتحدث فيها الرئيس الأمريكي عن قطر التي ترعي وحش الإرهاب، بينما تقول مخابراته انها شريك مع النظام القطري وجماعات الإرهاب التي يدعمها، ويتحدث وزير خارجيته عن »عقلانية» النظام القطري وشفافيته(!!) هل يعني حديث »ترامب» الأخير نهاية هذه اللعبة؟!. فلنتظر ونري!!