أكتب كل اللقاء الذي يجمع وزير الخارجية الأمريكي »تيلرسون» ووزراء الدول العربية الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) لبحث الأزمة مع قطر. لكن الدول الأربع استبقت الاجتماع ببيان حاسم ردا علي ما قيل أنه اتفاق أو مذكرة تفاهم بين أمريكاوقطر لمكافحة تمويل الإرهاب(!!) وقعها وزير الخارجية الأمريكي علي عجل أثناء زيارته للدوحة أول أمس. وأعلنت الدول الأربع بوضوح أن هذا الاتفاق لا يكفي، وأن تجربتها مع النظام القطري تجعلها لا تثق في التزامه بأي اتفاقات أو تعهدات، وأنها ستراقب الموقف وتستمر في إجراءات المقاطعة حتي يلتزم النظام القطري بتنفيذ المطالب العادلة كاملة، والتي تضمن بالفعل التصدي للإرهاب ومنع تمويله ودعمه، كما تحقق الأمن والاستقرار في المنطقة. ولابد أن للإدارة الأمريكية أسبابها في محاولة إخراج النظام القطري من ورطته، لكن من غير المفهوم أن نسمع من وزير الخارجية الأمريكي كلاما من نوعية أن قطر طرحت آراء »منطقية!!» خلال الأزمة(!!) وأنها كانت واضحة وشفافة(!!) أو أن يحاول الوزير الأمريكي اقناع أحد بجدية الورقة التي وقعها مع نظيره القطري وهي تقول إن الاتفاق بين الدولتين يتضمن معايير محددة لضمان محاسبة البلدين علي تنفيذ التزاماتهما(!!).. يعني علينا أن نصدق أن السيد تميم سيكون من حقه أن يحاسب قيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية إذا ضبطها وهي تخالف الاتفاق مع سيادته وتقوم بتمويل إحدي الجماعات الإرهابية!! نحن نقدر حرص الولاياتالمتحدة علي عدم انفجار الموقف في منطقة الخليج العربي، ونتفهم أنها تضع مصالحها قبل أي شيء، وأنها تريد أن تبقي أكبر قدر من خيوط اللعبة في يدها.. لكن علي واشنطن أن تتحمل مسئوليتها عن تصرفات النظام القطري علي مدي عشرين عاما منذ انقلاب »حمد وحمد» وسياساته الراعية للإرهاب، الداعمة لجماعاته، الساعية لنشر الدمار والخراب في العالم العربي. لم يكن النظام القطري قادرا علي فعل ذلك لولا مظلة حماية وفرتها له قوي كبري في مقدمتها الولاياتالمتحدة، ولولا جسور مدها إلي إسرائيل من ناحية، وإلي »الإخوان» وما تفرع منها من جماعات الإرهاب من ناحية أخري!! ويبدو أن الإدارة الأمريكية (ومعها الحلفاء الغربيون) مازالوا يراهنون علي استمرار سياسة »تبويس اللحي» التي كانت مصير العديد من الخلافات العربية والتي تركت كل المشاكل بلا حل حقيقي. لا تدرك هذه القوي الكبري أن الأمر لم يعد قابلا للاستمرار، وأن الجسد العربي لم يعد يتحمل أن تبقي الخناجر المسمومة في ظهره، ولا أن يتحمل فواتير الإرهاب كاملة، ثم يترك من يدعمون هذا الإرهاب بلا عقاب، لأن »المعلم الكبير!!» مازال يحميهم.. ويتصور أن مصلحته في ذلك!!