د. ناجح إبراهيم واحد ممن يقفون علي الحياد.. »لست مؤيداً ولا معارضا« بهذه الكلمات يدافع دائماً الدكتور ناجح إبراهيم، عن آرائه الشخصية، فهو واحد من هؤلاء الأشخاص الذين يسبحون دائماً ضد التيار، ويقفون مع الحق دون النظر لتوجهاتهم السياسية. القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، الذي طهر نفسه وأفكاره من القتل والتكفير إلي المصالحة والمراجعة، وقاد مبادرة منع العنف والمراجعات الفقهية للجماعة الإسلامية، التي تخلت بها عن العنف، وحلت بها الجناح العسكري، ورجعت إلي الوسطية الإسلامية، يري أن مصر الآن ليس أمامها سوي طريق "المصالحة الوطنية" لتسير فيه. الدكتور ناجح إبراهيم، يتحدث ل"آخر ساعة"، في سطور الحوار التالي.. كيف تري محاكمة الرئيس المعزول، محمد مرسي؟ - توقيت المحاكمة، كان خاطئاً، فهذا لم يكن أوانها مطلقاً، وتأجيلها أو الاستغناء عنها كان ضرورياً الآن، نظراً لحالة الانقسام والاستقطاب التي نعيشها في الشارع المصري، وإجراء المحاكمة سيكون بمثابة سكب النار علي البنزين. وأعتقد أن العفو عنه ضرورة، فتعاليم الدين الإسلامي تلزمنا بالعفو عن ذوي الكرام حتي يكون لمنصب الرئيس هيبة فمن غير المعقول أن كل رئيس يأتي لابد من عزله أو سجنه أو قتله، وأؤكد للجميع أن المحاكمة ستؤثر بالسلب علي المصالحة الوطنية المقرر مناقشتها بين الدولة وجماعة الإخوان، ومحاكمته ستعطي ذريعة لإعلاء نبرة التكفير في المرحلة المقبلة. كما أتوقع أن أشاهد الدكتور مرسي يفعل مثلما فعل الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وأن يهين القضاة ويسبهم، ولا أعترف إلا بوجهة نظره، ولذلك فالمحاكمة لن تذاع. عموما ما رؤيتك للمشهد السياسي الراهن؟ - المشهد الحالي متأزم للغاية فمنذ قيام ثورة 25 يناير 2011، لم نر سوي الخراب والدمار، فضلاً عن استشهاد خيرة الشباب، كما أننا في عهد الإخوان لم نر أي مظاهر إيجابية، وكذلك الآن في ظل وجود حكومة الببلاوي "المرتعشة"، فرغم أن الفترة التي نعيشها تستوجب الإصلاح خاصة بعد 30 يونيو، إلا أننا لم نشهد تغييراً في أي من مؤسسات الدولة ماعدا القوات المسلحة والداخلية، فلولا جهودهما الدائمة التي استمرت لأكثر من 4 أشهر لانهارت الدولة بأكملها. وما الحل للخروج من تلك الأزمة؟ - أكدت مراراً وتكراراً، أنه لا بديل عن المصالحة الوطنية بين الدولة وجماعة الإخوان، فنحن تصالحنا مع إسرائيل نفسها بمعاهدة كامب ديفيد، فكيف لا نتصالح ونتكاتف مجددا مع أبناء وطننا لنعبر ذلك النفق المظلم سوياً. وأنا هنا لا أقصد بالمصالحة أن يتنازل طرف لصالح الآخر، بل يتنازل الطرفان بحيث يتم الإفراج عن القيادات الإخوانية التي لم تتورط في جرائم جنائية، في مقابل وقف أعمال العنف التي تمارسها الجماعة تجاه الشعب يوماً تلو الآخر، ورفع الغطاء السياسي عن العمليات الإرهابية والتفجيرات، ووقف المسيرات التي لن تجدي نفعاً. هل تحدثت مع قيادات إخوانية في هذا الشأن؟ - نعم، ولكن الإخوان، ومعهم قيادات الجماعة قرأوا المشهد السياسي متأخراً ولم يحترموا إرادة المصريين الذين طالبوا برحيل مرسي، خلال 30 يونيو، ولم يستمعوا لنصائح أحد، فضلاً عن أن إصرار مرسي علي الحديث عن الشرعية أضرهم كثيراً، وأضاع مصداقيتهم تماماً، والنتيجة الملموسة الآن أننا لم نحقن دماء المصريين، وضاعت الشرعية، وحرقت البلاد، وضاع كل شيء، ولا أدركنا هذه ولا تلك، وكان أجدر بالرئيس مرسي أن يستشهد بما فعله الحسن رضي الله عنه مع معاوية حين تنازل له عن الخلافة ولم يهمه تخوين حلفائه له واتهموه بالعار والخيانة، وقال وقتها: "العار خير من النار ولست بمذل المؤمنين، ولكن جماجم العرب كانت بيدي فكرهت أن أقتلكم علي الملك، وإذا كان تمسكي بإراقة الدماء فليذهب الكرسي إلي الجحيم ولأترك الكرسي الزائل". ولكن الإخوان متورطون في عمليات العنف التي شاهدناها مؤخراً؟ - لا أستطيع أن أجزم أنهم متورطون في ذلك، ولكن التنظيمات الجهادية الموجودة في مصر معروفة وربما يختلط الأمر علي البعض في التمييز بينهما، فهناك جماعتان جهاديتان مسئولتان عما يحدث بمصر من عمليات إرهابية، الأولي هي جماعة »أنصار بيت المقدس«، وهذا التنظيم "تكفيري"، والفرع الرئيسي موجود بحماس، وهو يضم جنسيات مختلفة تم تدريبها علي أعلي مستوي، وهدفهم من العمليات التفجيرية والإرهابية، هو الثأر من الداخلية والجيش، ويستخدمون في ذلك المتفجرات والقنابل وهكذا، ومن أبرز العمليات التي أعتقد تورطهم فيها تفجير مبني المخابرات، ومديرية الأمن، وأخيراً موكب اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية. أما الثانية، فهي "كتائب الفرقان"، وهي جماعة مصرية خالصة وهدفها الوحيد إحراج الدولة ووضعها أمام أزمة كبيرة لا يمكن حلها، وإضعاف موقفها أمام الدول الأخري، وهؤلاء يلجأون لاستخدام الأسلحة الآلية والأسلحة الثقيلة ك"الآربي.جي"، والبنادق الآلية، وأبرز ما قاموا به من عمليات: " كنيسة الوراق واستهداف كمين المنصورة، وضرب المجري الملاحي، وضرب القمر الصناعي بالمعادي. وماذا تنتظر الحكومة للقبض علي هؤلاء؟ - أؤكد لك أن سلاح السلطة يتخلي أصحابه عن المبادئ في سبيل أي شيء وتراق فيه العديد من الدماء من أجل الحفاظ علي المنصب، وهذا ما حدث بالضبط فمنذ ثورة يناير وهؤلاء هموا بتنظيم أنفسهم، ولمدة 3 سنوات ولديهم جميع السبل المؤدية لنجاحهم: "القوة البشرية"، و"غياب الأمن"، و"التمويلات الأجنبية"، و"العناصر المدربة"، فهذه التنظيمات تجمع بين الهاربين من السجون وقت الثورة والمفرج عنهم في ظل حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، ومصر بلا أمان لمدة 3 سنوات متواصلة، ولا يمكن لأحد أن يحل تلك المشكلة في شهرين فقط. هل تعتقد أن مد الطوارئ ضرورة الآن للسيطرة علي تلك التنظيمات؟ - لسنا بحاجة لمد حالة الطوارئ ، فتطبيق القانون العادي كاف للسيطرة علي البلاد في هذا الوقت بشرط تفعيله بقوة وسريانه علي الجميع دون استثناءات، من خلال القبض علي البلطجية وقطاع الطرق والممولين. وما تقييمك لأداء حكومة الببلاوي خلال المائة يوم الأولي من توليها مهامها؟ - الحكومة الحالية مرتعشة للغاية، بغض النظر عن الأسماء والشخصيات، فلم نر مشروعاً قوميا تم البدء في تنفيذه، ومازالت السرقة والرشوة والمحسوبية متأصلة في مؤسسات الدولة ولم نر أن حكومة الدكتور حازم الببلاوي - رغم تقديري لشخصه - أنجزت شيئاً بل إنها اعتمدت تكرار نفس السياسات السابقة دون تطوير، ولولا دور الجيش والشرطة الآن لانهارت الدولة. وهل تؤيد تطبيق قانون التظاهر؟ - المشكلة التي نعيشها كمصريين أننا وقتما فتحنا باباً للحرية حولها البعض لفوضي، فلابد أن نضع قاعدة عامة للتظاهر فليس من المعقول أن نري تظاهراً واحتجاجاً يومياً ومن ثم تعطيل المصالح والمؤسسات وتدمير مبان وإزهاق أرواح. واقترح أن يتم سن القانون بحيث يتم تحديد مكان محدد تلتزم به كل محافظة يلتزم به الجميع، ويكون مخصصاً للتظاهر وللتعبير عن الرأي ويكون بعيداً عن التجمعات العمرانية والمناطق السكنية ودور العبادة والمدارس، ومن يخالف ذلك فلتتم معاقبته. وكيف تري ما شهدته جامعة الأزهر من مظاهرات واشتباكات؟ - الجامعة ليست ميداناً للصراع السياسي، وليست مجالاً للأخذ بالثأر، والأصل في الجامعة هو العلم والاستثناء هو السياسة والمقصود بممارسة السياسة في الجامعة هو السياسة العامة التي تخص أمور الدولة وليست السياسة الحزبية التي تحدث عنفا وفرقة ودمارا. وأرفض بشدة ما يتعرض له رئيس جامعة الأزهر والشيخ أحمد الطيب، فهؤلاء علماء يجب احترامهم وتقديرهم حتي لو كانت آراؤهم مختلفة عن الجميع، وأؤكد أن محاكمة مرتكبي جرائم التخريب ضرورة حتمية للحد من الخراب، ورغم رفضي لوجود الحرس الجامعي إلا أننا نضيع الفرص من أيدينا فوجوده الآن ضرورة ليتصدي لأعمال الشغب والعنف داخل الجامعة. وما رأيك في ترشح الفريق أول السيسي لرئاسة الجمهورية؟ - ترشحه للرئاسة سيضره كثيراً، وأنصحه بألا يترشح، لأنه سيضيع كل المجهودات التي بذلها، وسيعطي انطباعاً سلبياً لدي البعض بأن مساندته للشعب في 30 يونيو كان وراءها هدف سياسي، وأنصحه بأن يساند ويدعم مرشح مدني ليقوم بمصر من كبوتها، وحتي لا يكون السيسي عرضة للهجوم المتكرر بعد ترشحه، كما أنني أرفض تحصين منصب وزير الدفاع في الدستور الجديد، لأن الدساتير لا يصنعها المنتصر وحده، ولابد أن ننظر للأمام فالدستور لن يستمر لعام أو عامين بل سيعيش مع الأجيال القادمة فيجب التروي قبل الموافقة علي تلك المادة. وما تعليقك علي وقف برنامج الإعلامي الساخر باسم يوسف؟ - وقف البرنامج يؤكد إزدواجية المعايير، فكان الجميع سعيداً وقتما كان ينتقد الإخوان ومحمد مرسي وحينما تحدث الآن عن الليبراليين ثار الجميع ضده، والأشخاص الذين أدانوا محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي يهللون الآن فرحاً بعد إغلاق برنامجه فنحن نعيش في زمن العجائب!!، والأفضل لباسم يوسف أن يبتعد عن الإشارات الإباحية في برنامجه وينتقد بدون إسفاف حتي لا يكون برنامجه ذريعة ضده.