لا أحد في مصر ولا في أي دولة عربية يؤمن بوحدة الصف وحتمية التكامل يوافق أو يرضي بهذه الأزمة الصامتة بين مصر والمملكة العربية السعودية. هذا الواقع يتألم له كل المصريين والسعوديين وكل الشرفاء العروبيين في الوطن العربي إنهم يستشعرون ذلك فيما يبدو من فتور في العلاقات المصيرية بين الدولتين الشقيقتين والقياديتين البارزتين في العالم العربي والاسلامي. كل المسئولين المصريين والسعوديين علي كل المستويات حرصوا علي تجنب الحديث عن هذه الازمة الصادمة وأسبابها . يأتي ذلك في إطار الحرص علي تواصل العلاقات وهو ما يؤكد ما يتم تداوله من تصريحات أن ما بين مصر والسعودية من روابط لا يمكن أن يسمح بوصول الامور إلي القطيعة. في هذا الاطار فإنه لا يجب بل ولا يتحتم أن يكون الخلاف حول قضية ما مبررا لهذه الجفوة الصامتة التي يحرص الجانبان علي ألا تتطور. لابد أن يكون مفهوما أن الخلاف في الرأي هو سنة الحياة منذ بداية الخليقة ولكن العقلانية والتقدير السليم للصالح الوطني والقومي علي المدي البعيد يتطلب بذل كل الجهود الممكنة لمزيد من الفهم والتفهم لحقيقة الأمور. لا يدخل في إطار هذا الخلاف.. المواقف التي هي حق لكل دولة وفق رؤيتها وفي إطار سيادتها ومسئولياتها الوطنية والقومية.. وهو ما لا يجب أن يدفع إلي اتخاذ اجراء يستهدف الاضرار بالعلاقات بين الطرفين. ما أقوله قائم علي شعور بالاعتقاد السائد بين جموع الشعب المصري بالصدمة بعد ما تم اعلانه عن وقف شركة أرامكو الحكومية السعودية العمل باتفاق تجاري يقضي بتوريد كميات من مواد الطاقة لسد الاحتياجات المصرية. ما تم توريده وما كان سيتم توريده قبل قرار وقف الشحنات كان سيتم دفع قيمته وفقا للاتفاق علي أقساط وهو أمر معمول به مع دول أخري. بالطبع فإن أحدا ما كان يمكن أن يتصور صدور هذا القرار في ظل ما يربط الدولتين من روابط وعلاقات استراتيجية غير مسبوقة صاحبه دعم غير محدود من جانب السعودية خاصة بعد ثورة 30 يونيو . جري هذا التطور في هذه العلاقات علي يد المغفور له خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز»رحمه الله» كان هذا الراحل العظيم راعيا وداعما لهذه الثورة التي أطاحت بجماعة الإرهاب الإخواني المتآمرة علي كل الوطن العربي لصالح قوي أجنبية. رغم الاحساس بالألم والدهشة التزمت مصر علي كل المستويات الصمت وعدم التعليق إيجابا أو سلبا علي هذا القرار السعودي. توقف هذه الامدادات كان يمكن أن يتحول إلي أزمة ومعاناة للشعب المصري.. لولا اقدام بعض الدول الصديقة علي تعويض ما كان يتضمنه الاتفاق السعودي. هذا التعامل المصري مع الازمة والذي اتسم بالمسئولية الوطنية والقومية لم يكن سوي تجسيد للحنكة والحكمة التي تتوافق مع المسئولية والدور الذي تقوم به أكبر دولة في العالم العربي. إنها دائما جاهزة للتضحيات والبذل والعطاء من أجل الحفاظ علي المصالح والأمن القومي العربي. ان ما يشهد بهذه الحقيقة خوضها وبكل القناعة لحرب تحرير الكويت واتخاذ ما يجب لحماية كل منطقة الخليج من تداعيات المغامرة الخرقاء المجنونة لصدام حسين حاكم العراق الأسبق. انها علي استعداد دائما للتصدي لأي تهديد ضد امن السعودية أو أي دولة خليجية باعتباره جزءا من الامن القومي المصري. ليس هناك ما يقال أمام الاخطار التي تواجه كل الدول العربية بلا استثناء سوي أن يكون التوصل إلي كلمة سواء هدفها احتواء الفتنة التي لا تخدم أي قضية عربية .. انني علي ثقة بتوافر الادراك الكامل لأهمية احتواء هذه الازمة الصامتة في العلاقات المصرية السعودية في إطار من التفاهم والأخوة التاريخية التي تربط ما بين البلدين. في هذا الشأن يتحتم توجيه كل الشكر والتقدير للجهود التي تبذلها كل من قيادتي البلدين الشقيقين.. الكويت والامارات العربية المتحدة.. لوضع نهاية لهذا المشهد الذي يسعد به الاعداء والمتربصون بالأمة العربية. علي واقع ما يتردد عن هذه الأزمة الصامتة فإنه يحسب للرئيس السيسي والقيادة السعودية تقديرهما السليم للمصالح المصرية والسعودية والعربية والحرص علي العلاقات بين البلدين الشقيقين . ما أقوله يتمثل في الامتناع عن تناولها ومطالبته لكل المسئولين المصريين والسعوديين بالامتناع تماما عن التعرض لهذه القضية بأي شكل من الأشكال.