سيطرت أزمة سحب السفير السعودي من القاهرة للتشاور وإغلاق القنصليتين السعوديتين بالإسكندرية والسويس والاتصال الهاتفي بين المشير حسين طنطاوي وخادم الحرمين الشريفين ورد الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالنظر في إعادة السفير وفتح السفارة خلال أيام على اهتمامات وسائل الاعلام السعودية حيث ابرزت نبأ الاتصال وأيضا بيان مجلس الوزراء ورؤساء الأحزاب المصرية في هذا الشأن. ونقلت الصحف السعودية عن رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري أن حكومته لن تسمح لأي أحد بالتطاول على السعودية قيادة أو شعبا نظرا للجذور العميقة للعلاقات التي تربط بين الشعبين السعودي والمصري الشقيقين، وإعرابه عن الأسف البالغ لتطاول قلة من المتظاهرين على السفارة السعودية في القاهرة. وقوله إن حكومته عقدت اجتماعا عاجلا لمناقشة تداعيات هذا الأمر مؤكدا احترام وتقدير كافة أبناء الشعب المصري للقيادة السعودية الحكيمة لافتا إلى أن المملكة أكبر شريك سياسي وتجاري لمصر في المنطقة. وتحدث عدد من الكتاب والخبراء والأكاديميين السعوديين حول العلاقة المتينة والمتميزة بين البلدين الشقيقين وقال الدكتور عبدالله دحلان رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري لمراسل الأهرام: إن العلاقات السعودية المصرية علاقات وطيدة وتاريخية قوية، لا يمكن أن تتأثر في شائبة أو قضية من القضايا التي تطرح في الساحات فنسبة الأخطاء للأفراد واردة وتقع في كل يوم وهناك الكثير من السعوديين وقعوا في أخطاء إلا أن الحكومة في المملكة تحترم القضاء في كل دول العالم تماشيا مع مبادئ احترام تطبيق الأنظمة والقوانين واللوائح المتبعة في كافة البلدان، من منطلق حماية مجتمعات هذه الدول. وأضاف: علينا أن نحمي العلاقات كي لا تتأزم نتيجة التحقيقات الرسمية التي تأخذ مجراها بعيدا عن المناخات التأجيجية المحرضة على إثارة الأزمات بين بلدين تربطهما علاقات تاريخية كبيرة، كما أن على رجال الأعمال السعوديين والمصريين أن يثقوا في القضاء في مناخ الاستثمارات حيث استثماراتنا في مصر 27 مليار ريال، فهذه الاستثمارات ليست بسبب العائد المالي ولكن قناعة منا بأهمية المناخ الاستثماري في مصر والعلاقات التي تربط بين البلدين والشعبين وأن مايجري في الوقت الحاضر من شحن لا يمثل الواقع الحقيقي للمحبة السائدة بين شعبي المملكة ومصر.. ووجه دحلان بصفته رئيسا لمجلس الأعمال السعودي المصري نداء للعقلاء في كل من المملكة ومصر أن لا نتسرع في إصدار الأحكام المسبقة وألا نشوه الصورة الجميلة لعلاقات رائعة توطدت منذ 100 عام، فنحن نضع ثقتنا الكاملة بالقضاء وبالأمن الذي يحمي أوطاننا ولن نسمح أن يشوس على علاقاتنا التي أسست بيننا وبين مصر. قال المحلل السياسي والباحث الاستراتيجي الدكتور أنور ماجد عشقي أن علاقات المملكة بمصر لم تتأثر ولا تتأثر لا ب (كورة)، أو أحداث فردية وقضية خاصة فالمملكة تعرف كيف تدير شؤونها في مثل هذه الأمور، وإن العلاقات السعودية المصرية علاقات متينة قائمة على التفاهم والعمق الاستراتيجي بين البلدين في شتى الاتجاهات. وقال الكاتب البارز هاشم عبده هاشم رئيس تحرير عكاظ لم تكن المملكة بحاجة لاستدعاء سفيرها بالقاهرة لولا أن ممثلي المملكة في مصر قد اصبحوا هدفا لمن أرادوا تعريض سلامة هؤلاء وكذك تعريض علاقات البلدين لمكروه وفعلت ذلك بعد أن كانت تنتظر حسما للمهزلة التي تواصلت أمام ممثلياتها طوال الايام الماضية وتمكينها من أداء واجبها ومواصلة تقديم خدماتها للشعبين المصري والسعودي ولكن التصعيد الذي حدث كشف عن نوايا خبيثة واعمال مبيتة ولانستبعد أن يكون كل ذلك نتيجة ( طبخة) من نوع أو أخر غايتها إلحاق الضرر بالبلدين وتأزيم الموقف بين الشعبين والتاثير على روابطهما التاريخية المتينة وقلوبنا مع المصريين وخوفنا يزداد على شعبنا العظيم وقلقنا يتزايد يوما بعد الاخر على مصير هذه الامة التي تستهدف بقوة وبعنف من خلال الأضرار ببلدين كبيرين وشقيقين ونتمنى أن ينتصر الشعب المصري على عناصر الهدم والتدمير الخفية لعلاقات مصر باشقائها الاوفياء فحسب وإنما لأدوارها القومية التي يمكن للامة أن تستغنى عنها. وفي تصريحات للصحف السعودية يرى المحلل السياسي الدكتور على التواتي أن هذا لايجب أن ينظر إليه بمعزل عن الأحداث الجارية في المنطقة هناك حرب مفتوحة بين شمال السودان وجنوبه هناك حرب مفتوحة بين النظام السوري وشعبه، هناك القاعدة متموضعة في جبال أبين في اليمن. وبدأت بالتحرش بالمملكة وهناك إيران التي تحاول في هذا التوقيت تصعيد قضية الجزر الإماراتيه المحتلة في الخليج وتهديد دولها بأشكال متعددة سواء على الأرض أو عبر الحملات الإعلامية وهناك تفرد في السلطة في العراق من فئة معينة ومحاولات متكررة لإثارة النعرات الطائفية في عدد من دول الخليج. ويضيف الدكتور التواتي بقوله: وفي المقابل هناك من لايريد لمصر أن تستقر ويحاول تخريب علاقاتها بمحيطها العربي خاصة تلك التي تربطها بالمملكة والتي تشكل الضمانة القصوى للأمن القومي العربي والحد الأدني من الإجماع في اتخاذ القرارات وتوحيد المواقف على المستوى الإقليمي ويضيف بقوله: مايحدث في مصر تجاه المملكة على كافة الأصعدة هو عملية ممنهجة ومدروسة جيدا للإيقاع بين البلدين وخلق أسباب الخلاف والقطيعة. من جانبه قال الدكتور صدقه بن يحيى فاضل عضو مجلس الشورى أستاذ العلوم السياسية إن شعبي البلدين الشقيقين السعودي والمصري يرتبطان بأقوى الروابط وأوثق الوشائج حيث يجمع بينهما: الدين الواحد، والأصل العرقي والتاريخ المشترك الواحد، إضافة إلى اللغة الواحدة والعادات والتقاليد والأخطار المشتركة الواحدة وأشار الدكتور صدقة إلى أن هناك تداخلا عرقيا بين البلدين اللذين لا يفصلهما عن بعضهما سوى شريط البحر الأحمر فكثير من القبائل والعوائل لها امتداد فى البلدين معا الأمر الذي يجعل من غالبية الشعبين أقارب وأصهار ولهذا فإن هناك مصالح مشتركة هائلة تربط بين الجانبين وتحتم تعاونهما معا لتحقيق هذه المصالح، وقطف ثمار التعاون اللصيق. من جهته، أكد الدكتور عبد العزيز بن عثمان بن صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث أن العلاقات السعودية- المصرية أكبر من أن تختزل في حادثة معينة أو حدث فردي مهما كان فهما يمثلان ثقلا كبيرا على كافة المستويات العربية والإقليمية مشيرا إلى أن المملكة لايمكن أن تتهم أحدا إلا بجرم مشهود، وإذا كان هناك شيء ما لايستوجب توقيف أحد فلا يمكن أن تتهمه، والمملكة حريصة كل الحرص في مثل هذه الأمور فلو كان هناك أشخاص، أو أي شخص عليه أي تحفظ أو غير مرغوب به فلا يمكن أن يتمكن من الدخول إلى أراضي المملكة ويعود من حيث أتى .. من جانبه أكد تركي السديري رئيس تحرير جريدة الرياض أن العلاقات السعودية- المصرية علاقة أزلية وتربطها الكثير من الروابط القوية ولايمكن بأي حال من الأحوال أن تحكم علاقاتهما مخالفة فرد، أو مجموعة وتسبب إرباكا في علاقات المملكة ومصر داعيا الحكومة المصرية إلى ضرورة وقف التجاوزات غير المسؤولة التي تطالعنا بها بعض الصحف المصرية والتي تسعى إلى توضيح أن الشخص المتهم بريء وهو غير بريء فعندما يسيء أي فرد ما من أي دولة يحاول البعض الإساءة إلى نفس الدولة بألفاظ بذيئة أو الإساءة إلى رموزها فهذا خطأ فهناك الكثير من الأفراد من كافة دولة العالم عربيا وأوروبيا سجناء في دول أخرى نتيجة ارتكابهم أخطاء خاصة تهريب المخدرات وغيرها وهذا لايعني توتر العلاقات بين البلدان . وأضاف السديري أن المملكة ومصر بينهما تعاون مستمر وعلاقة قوية حيث قامت المملكة بدعم مصر في كثير من الأزمات لدعم الاقتصاد المصري خاصة بعد الثورة خلال الأشهر الماضية وبداية العام الماضي حيث لم تقم أي دولة بمثل هذه المعونات والمساعدات في ظل وجود هبوط عالمي في اقتصاد العالم. مشيرا إلى أن هناك أيضا إقبال كبير من الشعب السعودي سنويا بما لايقل عن 500 ألف سائح سعودي مما يدعم الاقتصاد المصري . وأضاف أن العلاقة السعودية المصرية قوية وأي محاولات للتحريض أو الإساءة لها سيكون مصيرها الفشل لما تتمتع به الدولتان من حنكة وترابط ومصالح مصيرية مشتركة تؤكد عمق هذه العلاقة.