اليوم، الناخبون يواصلون التصويت في 30 دائرة ملغاة بانتخابات مجلس النواب 2025    أسعار اللحوم في محافظة أسوان اليوم الخميس 11 ديسمبر 2025    جيانا: ناقلة النفط "سكيبر" رفعت علم البلاد بشكل غير قانوني قبل احتجازها    بأكثر من 2 مليون جنيه.. فيلم «الست» يخطف صدارة شباك التذاكر في أول أيام عرضه بالسينما    ماسك يتحدث عن إلهان عمر وممداني والجحيم الشيوعي    يوسى كوهين شاهد من أهلها.. مصر القوية والموساد    قرصنة دولية ومحاولة لنهب الموارد، أول رد فعل لفنزويلا بعد استيلاء على ناقلة نفط أمام سواحلها    مجلس النواب الأمريكي يصوّت بالأغلبية لصالح إلغاء قانون عقوبات "قيصر" ضد سوريا    لمدة 6 ساعات خطة انقطاع المياه اليوم في محافظة الدقهلية    DC تطرح أول بوستر رسمي لفيلم Supergirl    إسلام الكتاتني يكتب: الحضارة المصرية القديمة لم تكن وثنية    قرار جديد ضد المتهم بالتحرش بفنانة شهيرة في النزهة    ناسا تفقد الاتصال بالمركبة مافن التي تدور حول المريخ منذ عقد    التعاون الإسلامي تدين خطط الاستيطان الإسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية    سلوى عثمان: أخذت من والدتي التضحية ومن والدي فنيًا الالتزام    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    أول قرار ضد مضطرب نفسي تعدى على رجال الشرطة لفظيا دون سبب بمدينة نصر    التحقيق مع شخص يوزع بطاقات دعائية على الناخبين بالطالبية    مراكز الإصلاح والتأهيل فلسفة إصلاحية جديدة.. الإنسان أولًا    القابضة للصرف الصحي تدعم رافع العريش بطلمبتين بعد صيانتهما    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    عاجل - قرار الاحتياطي الفيدرالي يخفض أسعار الفائدة 25 نقطة أساس في ثالث خفض خلال 2025    "شغّلني" تُطلق مشروع تشغيل شباب الصعيد بسوهاج وقنا    لماذا تجدد أبواق السيسى شائعات عن وفاة مرشد الإخوان د. بديع بمحبسه؟    خالد أبو بكر يشيد بجهاز مستقبل مصر في استصلاح الأراضي: سرعة العمل أهم عامل    التحضير لجزء ثانٍ من مسلسل «ورد وشوكولاتة»    ما معنى تخفيض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس؟    تصعيد سياسي في اليمن بعد تحركات عسكرية للمجلس الانتقالي    أرسنال يسحق كلوب بروج بثلاثية خارج الديار    يوفنتوس ينتصر على بافوس بثنائية نظيفة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11ديسمبر 2025........مواعيد الأذان في محافظة المنيا    سلمان خان وإدريس إلبا وريز أحمد فى حفل جولدن جلوب بمهرجان البحر الأحمر    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    منتخب مصر يواصل تدريباته بمركز المنتخبات الوطنية استعدادا لأمم إفريقيا (صور)    رودريجو: ليس لدي مشكلة في اللعب على الجانب الأيمن.. المهم أن أشارك    كرة طائرة - خسارة سيدات الزمالك أمام كونيجيليانو الإيطالي في ثاني مواجهات مونديال الأندية    الخطر الأكبر على مصر، عصام كامل يكشف ما يجب أن تخشاه الدولة قبل فوات الأوان (فيديو)    "جنوب الوادي للأسمنت" و"العالمية للاستثمار" يتصدران ارتفاعات البورصة المصرية    "امرأة هزت عرش التحدي".. الموسم الثاني من مسابقة المرأة الذهبية للمركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة    القبض على شخص اقتحم مدرسة بالإسماعيلية واعتدى على معلم ب "مقص"    المتهم بتجميع بطاقات الناخبين: «كنت بستعلم عن اللجان»    الرفق بالحيوان: تخصيص أرض لإيواء الكلاب الضالة أحد حلول انتشار هذه الظاهرة    4 فوائد للملح تدفعنا لتناوله ولكن بحذر    أعراض اعوجاج العمود الفقري وأسبابه ومخاطر ذلك    معهد التغذية يكشف عن أطعمة ترفع المناعة في الشتاء بشكل طبيعي    انتبهي إلى طعامك خلال الأشهر الأولى من الحمل.. إليك قائمة بالمحاذير    مستشار وزير الثقافة: إدارج "الكشري" في قائمة تراث اليونسكو يمثل اعترافًا دوليًا بهويتنا وثقافتنا    أستاذ علوم سياسية: المواطن استعاد ثقته في أن صوته سيصل لمن يختاره    ضبط شاب ينتحل صفة أخصائى علاج طبيعى ويدير مركزا غير مرخص فى سوهاج    البابا تواضروس يهنئ الكنيسة ببدء شهر كيهك    التعادل السلبي يحسم موقعة باريس سان جيرمان وأتلتيك بلباو    ساوندرز: ليفربول ألقى صلاح تحت الحافلة؟ تقاضى 60 مليون جنيه إسترليني    الأرقام تكشف.. كيف أنقذ صلاح ليفربول من سنوات الفشل إلى منصات التتويج.. فيديو    ترامب: الفساد في أوكرانيا متفشٍ وغياب الانتخابات يثير تساؤلات حول الديمقراطية    الزوامل والتماسيح: العبث البيئي وثمن الأمن المجتمعي المفقود    "الصحة" تكشف عن الفيروس الأكثر انتشارا بين المواطنين حاليا    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    حاسوب القرآن.. طالب بكلية الطب يذهل لجنة التحكيم في مسابقة بورسعيد الدولية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورقه وقلم .. 48 ساعة مع صديق الشدة

لقاءات الحفاوة علي ضفاف »‬تيجو».. ومحاضرة الأسئلة الثلاثة مع كبار القادة
هنا تتقلب الفصول الأربعة علي مدار ساعات النهار الواحد.
تستيقظ علي أمطار، وتقضي الظهيرة تحت سماء صافية زرقاء تسطع في قلبها شمس دفيئة، فجأة تتلبد الأجواء بسحب رمادية، لتهطل أمطار غزيرة كأنها سيول، ثم تنقشع السحب ويتوقف المطر، وتعود الشمس تلقي بأشعتها وسط نسمات رطبة ندية، وحين تميل للمغيب لا تعرف هل ستري نجوم الليل، أم ستخفيها السحب الحبلي بماء السماء!!
بين تقلبات الأجواء هنا في لشبونة، يبقي إخضرار الأرض، والأشجار، والتلال المحيطة بالعاصمة البرتغالية، يتحدي الخريف ويهزم زحفه، مثلما تقف القصور والمباني العريقة وتماثيل الأبطال التاريخيين، تقاوم تصاريف الزمن، تبوح بمجد قديم لإمبراطورية غابت عنها الشمس، وتفوح بعبق خاص لبلد ناهض يشق طريقه بتؤدة من أقصي جنوب غرب القارة العجوز، علي شاطئ الأطلنطي.
عريضة هي أحلام البرتغاليين، بعرض نهر »‬تيجو» الذي يحد الجانب الشرقي لعاصمتهم لشبونة.
من يطل علي النهر لأول مرة، يظن أنه ينظر إلي المحيط، ولا يدرك حقيقة النهر، إلا إذا أمد البصر ولمح قمم الجبال علي ضفته الأخري.
لعله أعرض أنهار العالم، لا ينافسه إلا نهر الأمازون يقترب من هضبة في شمال البرازيل، تلك الدولة اللاتينية التي يشكل أصحاب الأصول البرتغالية نصف سكانها البالغ عددهم أكثر من 200 مليون نسمة، بينما لا يعيش في الوطن الأم سوي 12 مليون نسمة، منهم مليونان في العاصمة لشبونة.
تقل مساحة البرتغال عن 10٪ من مساحة مصر، وسكانها لا يزيدون عن 12.5٪ من عدد المصريين.
يجمع الشعبين، خفة ظل، وروح سمحة، وطيبة تنطق بها الوجوه، وملامح متشابهة، لعلها تعود للعصر الأندلسي، حين حكم العرب أجزاء من إسبانيا والبرتغال.
ليست البرتغال من دول الصف الأول في الاقتصادات الأوروبية، كألمانيا وفرنسا وإيطاليا وجارتها إسبانيا. بل بعض مؤشراتها أقل من مصر.
ناتجها المحلي يقترب من 180مليار دولار، بينما الناتج المصري يزيد علي 330 مليار دولار.
معدل النمو بها في حدود 1.5٪. بينما معدل النمو المصري 4.2٪ والمنشود أن يصل إلي 6٪ بعد عامين.
لكن صادرات البرتغال تبلغ قرابة 71 مليار دولار، وصادرات مصر في حدود 19 مليار دولار. وارداتها تعادل نفس مبلغ صادراتها تقريبا، بينما الواردات المصرية تقترب من 4 أمثال الصادرات.
حجم التبادل التجاري بين البلدين يقل عن 200 مليون دولار، في العام الماضي كان الميزان يميل للبرتغال، أما في هذا العام فقد مال تجاه مصر بنسبة تزيد علي 60٪.
الاستثمارات البرتغالية في مصر لا تتعدي مليوني يورو، بينما استثمارات رجال الأعمال المصريين في البرتغال تصل إلي 40 مليونا.
لماذا إذن زيارة الرئيس السيسي إلي البرتغال؟!
في 13 يونيو الماضي، تلقي الرئيس الدعوة من الرئيس البرتغالي مارسيلو دي سوزا الذي لم يكن قد مضي عليه في منصبه أكثر من 3 أشهر، للقيام بزيارة دولة إلي لشبونة، وهي أرقي مراتب زيارات قادة الدول إلي دول أخري. وأبدي وزير الخارجية أوجوستو سيلفا الذي نقل الدعوة إلي الرئيس حرص بلاده علي زيارة السيسي في أقرب فرصة.
أكثر من سبب، كان وراء تلبية الرئيس السيسي لهذه الدعوة.
أولها.. مواقف البرتغال المساندة للقضايا المصرية، وكان آخرها موقفها المؤيد لإرادة الشعب المصري في ثورة 30 يونيو، والذي كان من أوائل المواقف الأوروبية وأكثرها وضوحا.
ولاشك أن البرتغال التي عانت من الفاشية السياسية قرابة 40 عاماً، حتي تخلصت منها في منتصف السبعينيات وبدأت تشق طريقها نحو الحكم الديمقراطي لأول مرة، كانت تتفهم بواعث انتفاضة الشعب المصري التي استجاب لها الجيش ضد الفاشية باسم الدين، وكانت ترقب علي البعد تطورات ما يجري في مصر باهتمام يكافئ مكانتها في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، وتأثيرها كأكبر بلد في منطقة المتوسط من حيث عدد السكان، علي دول الشمال المتوسطي وجوارها الأوروبي.
ثاني الأسباب.. هو توسيع نطاق سياسة الانفتاح الخارجي مع دول العالم التي تتبعها مصر منذ تولي الرئيس السيسي المسئولية، بغرض التنسيق والتشاور حول الشواغل الدولية كقضية الهجرة واللاجئين والتهديدات العالمية لظاهرة الإرهاب، والأزمات الإقليمية خاصة في سوريا وليبيا.
السبب الثالث.. هو حرص مصر علي مد جسور التعاون الاقتصادي، مع الدول التي تتمتع بعلاقات سياسية وثقافية وطيدة معها.
وفيما يتعلق بالبرتغال، فآفاق التعاون رحبة إزاء جذب الاستثمارات البرتغالية إلي مصر في ضوء إجراءات الإصلاح الاقتصادي الأخيرة التي حظيت بإشادة المؤسسات الدولية، والتأهب لإصدار قانون استثمار جديد يتضمن حوافز ومزايا جاذبة، لاسيما أن البرتغال حققت نجاحات كبري في صناعة الجلود التي تستورد خاماتها من مصر، وفي مجال الطاقة الشمسية، وكذلك صناعة السيارات، والمنسوجات والبرمجيات. وإذا كانت مصر ينظر إليها في البرتغال كمركز للنفاذ إلي الأسواق العربية والأفريقية في ضوء اتفاقات التجارة التي أبرمتها وموقعها الاستراتيجي، فإن البرتغال تعد بالنسبة لمصر منطلقاً للنفاذ بصادراتها إلي الأسواق اللاتينية، ومحطة مهمة لجذب السياح من البرازيل ودول أمريكا اللاتينية إلي مصر.

48 ساعة أمضاها الرئيس السيسي في لشبونة الخضراء الهادئة المشمسة والمطيرة، وسط حفاوة استقبال غير مسبوقة، حتي في زيارات الدولة، ولمسنا قدر الترحيب الاستثنائي، بقدر التجاوز عن الأعراف البروتوكولية في تسهيل مهمة الوفد الصحفي.
ليل الأحد فور الوصول إلي لشبونة قضاه الرئيس كعادته في تدارس ملفات الزيارة مع معاونيه والوفد المرافق له الذي ضم سامح شكري وزير الخارجية، واللواء مصطفي شريف رئيس ديوان الرئاسة، والمهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، وداليا خورشيد وزيرة الاستثمار، واللواء خالد فوزي رئيس المخابرات العامة، واللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس الجمهورية، والسفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بجانب السفير علي العشيري سفير مصر في البرتغال الذي انضم إلي الوفد.
ومن تشكيل الوفد تتضح ملفات المباحثات.. سياسية، واقتصادية في مجالي الصناعة والاستثمار، وأمنية.
خلا جدول أعمال الرئيس في تلك الليلة إلا من حوار تليفزيوني أجراه كبير المذيعين بالتليفزيون البرتغالي.
أول أمس الإثنين، وهو اليوم الثاني للزيارة، كان مشحوناً بالنشاط والمباحثات واللقاءات، منذ الصباح الباكر وحتي ساعات الليل المتأخرة.
أمام كنيسة »‬جيرونيمو» التاريخية التي أنشئت منذ أكثر من 550 عاما، جرت مراسم الاستقبال الرسمية للرئيس السيسي في الباحة الرئيسية التي يطل عليها المدخل الرئيسي للكنيسة ذات الطراز المعماري القوطي الغربي.
وأطلقت المدافع طلقاتها الاحدي والعشرين ترحيبا بالرئيس الذي استعرض ومعه الرئيس البرتغالي مارسيلو دي سوزا حرس الشرف، بعد عزف السلامين الوطنيين.
ثم وضع الرئيس إكليلا من الزهور علي قبر الشاعر البرتغالي كامويش الذي توفي في لشبونة منذ 540 عاما، ويعد أبرز الشعراء الوطنيين في تاريخ البرتغال.
ومن أمام الكنيسة إلي ميدان بيليم، حيث يقع مجمع قصر الرئاسة البرتغالية، مضي ركب الرئيس السيسي بالسيارات تتقدمه الخيول.
ومن أمام باب قصر »‬بيليم» الذي يميزه اللونان الأبيض والوردي الفاتح، اصطحب الرئيس دي سوزا، الرئيس السيسي إلي الطابق الثاني للقصر. امتدت مباحثات الرئيسين ساعة ونصف الساعة، وفي الجلسة الثانية بينهما، قلد الرئيس البرتغالي، ضيفه وسام الأمير ازيكي أرفع الأوسمة البرتغالية، كما قلده الرئيس السيسي قلادة النيل العظمي أرفع الأوسمة المصرية.
الشق السياسي.. استحوذ علي الجانب الأكبر من مباحثات الرئيسين سواء فيما يتعلق بأزمتي سوريا وليبيا، أو قضية مكافحة الإرهاب، أو موضوع الهجرة غير الشرعية واللاجئين.
شرح الرئيس السيسي باختصار الأوضاع التي مرت بها مصر خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وهو ما كان محل تقدير البرتغال واهتمامها، وأكد للرئيس دي سوزا أن مصر تنظر لقضايا حقوق الإنسان من منظور شامل، لا يقتصر علي البعد الخاص بحرية الرأي والتعبير، وإنما يشمل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية كالحق في الأمن والمسكن والمأكل والتعليم والرعاية الصحية.
وحظي الدور المصري في عملية السلام بالشرق الأوسط بتقدير خاص من جانب الرئيس دي سوزا الذي شدد علي ضرورة إيجاد باب مفتوح دائما أمام السلام.
واتفق الرئيسان علي تعزيز التشاور والتنسيق السياسي بين البلدين علي المستوي الثنائي، وفي المحافل الدولية.
وحرص الرئيس دي سوزا علي التعبير عن شكره وامتنانه لمصر لدعمها الواضح والكبير من خلال عضويتها في مجلس الأمن للمرشح البرتغالي أنطونيو جويتيريش، مما ساهم في انتخابه سكرتيرا عاما للأمم المتحدة.
ومن قصر »‬بيليم» المطل علي نهر »‬تيجو»، توجه الرئيس إلي مقر مجلس الوزراء، حيث جرت المباحثات بين الرئيس، وأنطونيو كوستا رئيس الوزراء بحضور الوفد المصري وكبار المسئولين البرتغاليين.
هذه المرة، تغلب البعد الاقتصادي علي غيره من ملفات الزيارة.
شرح الرئيس طبيعة الإجراءات الأخيرة ضمن برنامج إصلاح الاقتصاد المصري، وأشاد كوستا بهذه الإجراءات والقرارات، مؤكدا أنه لمس اهتمام العديد من الشركات البرتغالية بالعمل في مصر في مجالات البنية الأساسية والإنشاءات والطاقة المتجددة وتشغيل وإدارة الموانئ.
وأشار الرئيس السيسي إلي إمكانية استفادة الشركات البرتغالية من موقع مصر الاستراتيجي وخاصة منطقة قناة السويس لتصدير منتجاتها إلي الأسواق العربية والأفريقية، وتعزيز التجارة بين البلدين في ضوء اتفاقية التجارة الحرة التي تربط مصر بدول »‬الميركسور» في أمريكا الجنوبية.
واتفق الرئيس مع رئيس الوزراء البرتغالي علي سرعة عقد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين في أقرب وقت لمناقشة أطر التعاون وتفاصيل المشروعات.
ومن المنتظر أن تعرض علي اللجنة اتفاقية لمنع الازدواج الضريبي، وفتح خطوط طيران مباشرة بين القاهرة ولشبونة، وإنشاء مجلس مشترك لرجال الأعمال بالبلدين.
عقب المباحثات.. زار الرئيس مقر عمودية لشبونة التاريخي بدعوة من فيرناندو ميدينا عمدة العاصمة، وجري للرئيس طبقا للأعراف استقبال رسمي، ودون كلمة في سجل الزيارات، ثم التقي بالعمدة وأعضاء مجلس العاصمة بحضور السفراء العرب والأفارقة. وتسلم مفتاح لشبونة، وألقي كلمة نوه فيها إلي اتفاقه مع كبار المسئولين في البرتغال علي تحقيق نقلة نوعية في العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين البلدين.
في المساء.. كانت رموز المجتمع البرتغالي حاضرة للترحيب بالرئيس السيسي في حفل العشاء الذي أقامه الرئيس دي سوزا تكريما للرئيس والوفد المرافق له.
وبجانب رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة وكبار المسئولين ظهر عدد من أصدقاء مصر ومن بينهم مانويل جوزيه المدير الفني الأسبق للنادي الأهلي.
وحرص أنطونيو جويتيريش السكرتير العام المنتخب للأمم المتحدة علي القدوم إلي لشبونة للقاء الرئيس، وتبادل معه حديثا مطولا أثناء العشاء، عبر في بدايته عن شكره للرئيس السيسي علي الدعم الذي قدمته له مصر لانتخابه في منصبه الدولي رفيع المستوي، وتطرق الحوار إلي قضية الإرهاب، وأوضح الرئيس أن مواجهة هذا الخطر ينبغي ألا تقتصر علي الجانب العسكري والأمني. كما عرض الرئيس رؤية مصر للأوضاع في سوريا وليبيا والقضية الفلسطينية.
وفي كلمته خلال الحفل.. أشاد الرئيس البرتغالي بالجهود التي يبذلها الرئيس ودوره في إصلاح الخطاب الديني والدعوة إلي الحوار والتسامح والحوار بين الحضارات، واستشهد في كلمته بآيات من القرآن تبرز صحيح الإسلام.
وأكد محورية دور مصر في الشرق الأوسط وتأثير أمنها واستقرارها علي المنطقة وأوروبا.
ومجدداً.. عبر الرئيس السيسي في كلمته عن تقدير مصر لوقوف البرتغال بجانب إرادة الشعب المصري ومسعاه لبناء دولته الديمقراطية الحديثة، ودورها في توضيح الصورة الحقيقية لما يجري علي أرض مصر لشركائها الأوروبيين. وقال إن مصر تتطلع لاستمرار دعم أصدقائها البرتغاليين، مؤكدا ان زيارته إلي لشبونة ستكون نقطة انطلاق محورية للتعاون والشراكة والارتقاء بعلاقات البلدين إلي مستويات غير مسبوقة.

اليوم الثالث والأخير لزيارة الرئيس إلي لشبونة بدأ مبكرا بلقاء في مقر إقامة الرئيس بفندق »‬ريتز» مع المستثمرين ورؤساء الشركات البرتغالية المتخصصة في مجالات التشييد وتكنولوجيا الاتصالات والكيماويات والطاقة المتجددة والزراعة والخدمات المصرفية والصناعات الدفاعية.
تحدث الرئيس عن القرارات الأخيرة التي اتخذها المجلس الأعلي للاستثمار مؤخرا لجذب الاستثمارات، والمزايا والحوافز التي يتضمنها قانون الاستثمار الجديد. كما استعرض المشروعات الجديدة في مصر ومنها مشروع المليون ونصف المليون فدان والمدن الجديدة والعاصمة الإدارية والمناطق الصناعية والذكية، وقال إننا نسعي لإنشاء ممر للتنمية المتكاملة في منطقة قناة السويس، وأعرب عن تطلعه لمساهمة الشركات البرتغالية فيها.
وتحدث عدد من ممثلي مجتمع الأعمال البرتغالي وأشادوا بالإجراءات الأخيرة للإصلاح الاقتصادي منها تحرير سعر الصرف والقرارات الخاصة بالاستثمار.
وعرض طارق قابيل خلال اللقاء المؤشرات الاقتصادية المصرية وخطط الحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي وتسهيل الاستثمار، والتشريعات الجديدة المعروضة علي البرلمان لتيسير إصدار التراخيص الصناعية خلال مدة لا تزيد علي 30 يوما، وتعديل قانون المناقصات والمزايدات وإنشاء شركات الشخص الواحد وتعديل قانون تخصيص الأراضي الصناعية.
كما طرحت داليا خورشيد جانباً من المزايا التي يتضمنها قانون الاستثمار الجديد.

المحطة الثانية في اليوم الثالث للرئيس السيسي في لشبونة، كانت واحدة من أهم أنشطة الزيارة علي الإطلاق.
فقد زار الرئيس الأكاديمية العسكرية الدولية التي يدرس بها كبار الضباط وقادة التشكيلات للحصول علي درجة الزمالة.
وألقي الرئيس السيسي محاضرة مهمة تمحورت حول قضية الإرهاب، حضرها أزيريدو لوبيش وزير الدفاع والجنرال بينا مونتييرو رئيس هيئة الأركان، كما حضرها رؤساء أركان الأفرع الرئيسية وكبار القادة والدارسون.
ركز الرئيس في محاضرته علي النقاط التالية:
لا فوارق تذكر بين الجماعات السياسية الداعية للإرهاب والجماعات التي تتخذ الدين ستاراً لها في تبرير استخدامها للعنف والإرهاب. ولا توجد فوارق فكرية بينها وخطابها يقوم علي الإقصاء والعداء ونبذ الآخر.
أسباب انتشار التطرف الفكري السياسي والديني يعود في بعضه لغياب عدالة توزيع ثمار النمو العالمي، ويعود البعض الآخر لجوانب أمنية ترتبط بانتشار النزاعات.
المحاربة الفعالة للإرهاب ينبغي أن تركز علي أسباب هذا الفكر المشوه ومواجهته فكرياً، ووضع استراتيجية دولية متكاملة الأبعاد والتعاون الدولي في تجريم منع الكراهية والتحريض علي العنف وكذلك التسوية السياسية للنزاعات.
مصر خاضت حربها ضد الإرهاب ليس فقط دفاعاً عن نفسها، وإنما عن المنطقة واستتباب الأمن والسلم الدوليين وقدمت نموذجاً في الدفاع عن الدولة الوطنية.
المعركة ضد الإرهاب هي صراع بين رؤيتين للعالم، وينبغي بناء نموذج بديل للفكر الإرهابي.
في أعقاب المحاضرة، أجاب الرئيس علي 3 أسئلة طرحها عدد من الجنرالات والدارسين من كبار الضباط.
عن الوضع في ليبيا والمخاوف من انتقال عناصر تنظيم داعش إليها بعد التضييق عليهم في سوريا والعراق.. قال الرئيس: إن الجماعات المتطرفة ليست هي داعش فقط، وإنما هي جماعات لها فكر واحد وأسماء متعددة. وأكد أهمية استعادة الدولة الوطنية في ليبيا وفك حظر السلاح عن الجيش الوطني الليبي ليقوم بدوره. وقال إن انتقال العناصر المتطرفة سيشكل تهديداً لدول الجوار وأوروبا، ومن ثم لابد من التنسيق والتعاون بين دول الجوار الليبي والاتحاد الأوروبي. وأكد في هذا الصدد أن الحفاظ علي الدولة الوطنية في مصر ليس وليد قدرة الجيش والأجهزة الأمنية، وإنما هو نابع من وعي الشعب المصري، الذي يعد البطل الحقيقي في حماية دولته.
عن قضية اللاجئين.. قال الرئيس: إن مصر لديها عدد كبير جداً من اللاجئين يقدر بالملايين، لكننا لا نضعهم في معسكرات، بل لا نفرق بينهم وبين المصريين في الإقامة والتعليم والعلاج. وحذر من تفاقم مشكلة اللاجئين، ما لم يتم توفير الأمن في بلادهم الأصلية، وإيجاد فرص حقيقية لأبناء الدول التي تعاني من عدم الاستقرار.
وعن توسيع الشراكة مع حلف الأطلنطي ودول المتوسط لتشمل دولا أخري.. قال الرئيس: نحن مستعدون للتعاون مع حلف الأطلنطي والأوروبيين في مكافحة الإرهاب.
وأكد السيسي أن الإرهاب هو أكبر تحد حقيقي وأخطر تهديد يجابه العالم، ولابد من أوسع تعاون دولي لمكافحته.

قبيل انتهاء زيارة الساعات الثماني والأربعين من عصر الأحد، إلي عصر أمس الثلاثاء.. ومغادرته لشبونة إلي غينيا الاستوائية.. زار الرئيس السيسي مقر البرلمان والتقي مع إدواردو خودريجيش رئيس مجلس النواب ورؤساء الكتل واللجان البرلمانية.
أشاد رئيس البرلمان والأعضاء في كلماتهم بالخطوات التي تقوم بها مصر علي طريق التحول الديمقراطي والتنمية الاقتصادية، وعبروا عن تقديرهم لتصدي مصر بشجاعة للإرهاب والفكر المتطرف.. وعقب الرئيس قائلا: إن قوة مصر الحقيقية تكمن في شعبها.

نتائج زيارة الرئيس السيسي إلي لشبونة التي تعد الأولي لرئيس مصري منذ ربع قرن، فاقت المتوقع قبل بدايتها علي الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية.
غير أن تلك النتائج، تستلزم متابعة وتنفيذاً وسرعة في استغلال قوة الدفع.
وأظن أن زيارات الرئيس لمختلف دول العالم خلال الشهور الثلاثين الماضية، تتطلب تخصيص اجتماع علي الأقل لمجلس الوزراء للمتابعة وتذليل العقبات أمام ما جري الاتفاق عليه.
لابد أن نقابل أذرع دول العالم المفتوحة، بعقلية منفتحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.