هل انتهت احتفالات أكتوبر - أرجو ألا تكون قد انتهت.. وبالذات: هذه السنة. نعم كانت الاحتفالات رائعة.. صادقة وقوية ودافعة إلي كل الخير في نفوس أبناء مصر.. كانت الاحتفالات حقيقية - عشنا هذه الاحتفالات علي امتداد سنوات طويلة - ولكنها لم تكن أبدا مثل احتفالات هذه السنة. وكأننا عدنا بالسنين إلي ما قد كان. ماحدث يوم السادس من أكتوبر 1973 - ما قبلها وما بعدها - وكيف رفع عن كواهل المصريين جميعا صدمة الهزيمة - ومرارة العدوان وكيف دفعتهم جميعا إلي فرحة النصر - وقبل فرحة النصر هذه فرحة الوحدة الوطنية - فرحة الإيمان المطلق بالله العظيم - فرحة الإيمان بأن الله وحده هو القادر علي أن يوحد أبناء مصر وأن يعيد إلي قلوبهم الأخوة الحقيقية التي وضعها الإسلام والإيمان بالله في قلوبهم وكيف أنهم أمة واحدة مؤمنة بدين الله وأن الروح قوية - وأنهم إذا ماقاموا بهذه الروح القوية يهبونها جميعا من أجل حماية الوطن وتحقيق النصر ولو بثمن الشهادة بأرواحهم جميعا سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين فإنهم جميعا شهداء من أجل وطنهم وبلادهم وآبائهم وأبنائهم يقدمون أرواحهم فتسيل دماؤهم علي أرضهم فترجع لهم و لأبنائهم وأمهاتهم هذه الأرض طاهرة نظيفة ، سواء كانوا يتامي أو ثكالي لكنها أرضهم تحمل في طياتها هذه النفوس التي ضحت من أجلها تعود إلي أبنائهم وفي رائحة النفوس التي ضحت والأرواح التي صعدت بها إلي عنان السماء فعاشوا فيها وعاشت بهم.. كل النفوس التي ضحت وأؤلئك الأبطال الذين اسشتهدوا لم يذهبوا أبدا هباء ولا بلا قيمة كل الأبطال الذين استشهدوا عاشوا فينا باقين مابقيت نفوسنا نحن ومابقيت هذه الأرض.. ليس لنا فيما نحن فيه الآن من علاج إلا بذكر هذه اللحظات التي عاشتها مصر في أسعد أيامها وأبقي ذكرياتها.. هذه هي التي تدفعنا وسوف تدفعنا أبدا إلي العمل وإلي الصدق وإلي النقاء لنذكر دائما أننا نعم نستطيع.. نستطيع أن نرتفع بأعمالنا إلي عنان السماء لتبقي أرض مصر قوية حرة تأبي الخضوع أو الاستسلام.. تأبي أن تكون ضعيفة أو خاضعة أو في أذيال أمم أخري، فنحن الأصل ونحن علي أرضنا كانت بداية الحضارات.. لو أعادوا هذه الاحتفالات ألف مرة فسوف تكون أشرف لشاشات التليفزيونات المصرية من تلك الأفلام الهابطة التي لاتحمل إلا كل ما هو بغيض وهابط! اللهم فاشهد!