المغرب يرصد 4 مليارات دولار لتوسعة المطارات استعدادا لكأس العالم 2030    أكبر من برج بيزا، كويكب يقترب بسرعة من الأرض، وناسا تكشف تأثيره    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    نقابة التشكيليين تؤكد استمرار شرعية المجلس والنقيب المنتخب    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    تنسيق الجامعات 2025.. جامعات أهلية جديدة تفتح أبوابها وتغيّر خريطة التعليم الحكومي    الخارجية الأمريكية: لن نحضر اجتماعاً مقرراً الأسبوع المقبل بشأن حل الدولتين    قيادي بمستقبل وطن: دعم إنساني متواصل يعكس ريادة مصر    وادي دجلة يحجز 3 مقاعد في نصف نهائي بطولة العالم لناشئي الإسكواش    خالد الغندور يكشف مفاجأة بخصوص انتقال مصطفى محمد إلى الأهلي    "الجبهة الوطنية" ينظم مؤتمراً جماهيرياً حاشداً لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة    أول تعليق من والد أنغام على صورتها داخل المستشفي    الفن السيناوي يضيء ليالي جرش بحضور وزير الثقافة    وزارة الصحة تنظم اجتماعًا لمراجعة حركة النيابات وتحسين بيئة عمل الأطباء    طريقة عمل الآيس كوفي على طريقة الكافيهات    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    بعد ارتباطه بالانتقال ل الزمالك.. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بلال ولد الشيخ    ترامب ينعي المصارع هوجان بعد وفاته: "صديقًا عزيزًا"    الرياضية: إيزاك طلب من الهلال 60 مليون يورو سنويا.. وإنزاجي يطلب مهاجم ليفربول    العظمى في القاهرة 40 مئوية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    جوجل تعوّض رجلًا التقط عاريًا على "ستريت فيو"    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    فلسطين.. شهيد في قصف إسرائيلي استهدف خيمة نازحين بمنطقة المسلخ جنوب خان يونس    ارتفاع حصيلة القتلى ل 14 شخصا على الأقل في اشتباك حدودي بين تايلاند وكمبوديا    ضياء رشوان: دخول الصحفيين لغزة يعرضهم لنفس مصير 300 شهيد    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    ميريهان حسين على البحر وابنة عمرو دياب مع صديقها .. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    سليمان وهدان: المستأجر الأصلي خط أحمر.. وقانون الإيجار القديم لم ينصف المواطن    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    بعد تغيبه عن مباراة وي.. تصرف مفاجئ من حامد حمدان بسبب الزمالك    فلكيا.. مولد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر و3 أيام إجازة رسمية للموظفين (تفاصيل)    ادى لوفاة طفل وإصابة 4 آخرين.. النيابة تتسلم نتيجة تحليل المخدرات للمتهمة في واقعة «جيت سكي» الساحل الشمالي    إصابة 6 أفراد في مشاجرتين بالعريش والشيخ زويد    جريمة قتل في مصرف زراعي.. تفاصيل نهاية سائق دمياط وشهود عيان: الجاني خلص عليه وقالنا رميته في البحر    "كنت فرحان ب94%".. صدمة طالب بالفيوم بعد اختفاء درجاته في يوم واحد    نقلة نوعية في الأداء الأمني.. حركة تنقلات وترقيات الشرطة وزارة الداخلية 2025    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 25 يوليو 2025    سعر المانجو والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    ما هي عقوبة مزاولة نشاط تمويل المشروعات الصغيرة بدون ترخيص؟.. القانون يجيب    وكيل النواب السابق: المستأجر الأصلي خط أحمر.. وقانون الإيجار القديم لم ينصف المواطن    4 أبراج «بيشتغلوا على نفسهم».. منضبطون يهتمون بالتفاصيل ويسعون دائما للنجاح    بدأت بفحوصات بسيطة وتطورت ل«الموضوع محتاج صبر».. ملامح من أزمة أنغام الصحية    إليسا تشعل أجواء جدة ب«أجمل إحساس» و«عايشة حالة حب» (صور)    «كان سهل منمشهوش».. تعليق مثير من خالد بيبو بشأن تصرف الأهلي مع وسام أبو علي    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    «العمر مجرد رقم».. نجم الزمالك السابق يوجه رسالة ل عبد الله السعيد    الخارجية الأمريكية توافق على مبيعات عسكرية لمصر ب4.67 مليار دولار (محدث)    داليا عبدالرحيم تنعى أسامة رسلان متحدث «الأوقاف» في وفاة نجل شقيقته    لتخفيف حرقان البول في الصيف.. 6 مشروبات طبيعية لتحسين صحة المثانة    وزير الطيران المدني يشارك في فعاليات مؤتمر "CIAT 2025" بكوريا الجنوبية    الصيادلة: سحب جميع حقن RH المغشوشة من الأسواق والمتوافر حاليا سليم وآمن بنسبة 100%    هل لمبروك عطية حق الفتوى؟.. د. سعد الهلالي: هؤلاء هم المتخصصون فقط    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب : حيونة الإنسان
نشر في أخبار النهاردة يوم 07 - 02 - 2013

كيف يمكن لمن اكتوى بنار الظلم أن يسقيه للآخرين بكل تلذذ؟، أم أنه من الحتمي على من اكتوى بنار الظلم أن يأتي عليه يوم يسقيه للآخرين بكل تلذذ؟، هل علينا أن نكف عن تصديق ما كان يقوله خيالنا الشعبي عن أن من ذاق الظلم يوجعه الظلم أكثر فلا يظلم الناس أبدا؟، هل تدفعنا كراهيتنا للأفعال القميئة التي يرتكبها أنصار تيارات الشعارات الإسلامية إلى تبني ذلك المنطق اللا إنساني الذي يدعي أن أكبر خطأ ارتكبه المصريون هو ثقتهم في أناس دخلوا السجون وعاشوا فيها لأنهم حتما ولزما «اللي إتعمل فيهم هيطلعوه فينا»؟.
لا مفر ونحن نناقش هذه الأسئلة المريرة من أن نحاول التمسك بإنسانيتنا التي يفترض أننا نحارب المتطرفين لكي نحققها وليس لكي نتخلى عنها، فنتحول إلى وحوش ونحن نحارب الوحوش على قولة خالد الذكر نيتشه، لذلك لا أفهم أبدا من يردد وهو تحت وطأة كراهيته لأفعال جماعة الإخوان الكريهة أنه لا يوجد حل سوى إعادة الإخوان وحلفائهم إلى السجون مرة أخرى، وهو كلام أفهم أن يقال في قعدة تحت تأثير الغضب، لكن أن يقال عيانا بيانا أمام الناس بوصفه مطلبا ثوريا، فهو لا يعني فقط أننا نخوض حرب كراهية نحارب فيها وجود أشخاص بدلا من محاربة إستبدادهم وهي حرب محكومة بالخسارة التي سيدفع ثمنها الجميع، بل يعني أننا لم ندرك بعد أن ما صنعه الواقع بالإخوان وحلفائهم في ستة أشهر لم يصنعه بهم القمع طيلة ستين سنة، ولو هدأ بعضنا من ثائرة غضبه وتأمل تاريخنا البغيض قليلا لأدرك أن القمع كان أكبر خدمة قدمناها على الدوام لأنصار تيارات الشعارات الإسلامية، فقد أعطاهم مشروعية وأكسبهم قوة ما كانوا سيمتلكونها لو كانوا قد تركوا منذ 1954 وما بعده لتعقيدات الواقع وتناقضاته، لتعلمهم وتعلم الناس أن الشعارات وحدها لا تكفي. لذلك ولذلك كله لن يجعلني إحساسي بالغضب من غطرسة الأغبياء ينسيني أن الشعوب التي تعتمد على القمع من أجل إسكات مخاوفها، لا تحقق شيئا سوى تأجيل هذه المخاوف لكي تصبح أقوى وأقسى، ولذلك أيضا سأظل أرى أن مشكلتي مع الإخوان ليست أنهم دخلوا السجون، بل أنهم دخلوها فلم يخرجوا منها وهم يحملون رؤى نيلسون مانديلا أو لولا دي سيلفا أو رجب طيب أردوغان الذين حولتهم السجون إلى قادة ملهمين وغيرت تفكيرهم فغيروا شعوبهم.
لكن لماذا استسلم الإخوان لفكرة التحول من مقموعين إلى قامعين، بدلا من أن يستفيدوا من تجارب مانديلا وأردوغان ودي سيلفا وغيرهم، لماذا يتصورون ببلاهة أنهم سينتصرون بالقمع الذي لم يحقق لمن قمعوهم إلا الخزي والعار؟، كيف استطاعوا في هذا الزمن القياسي أن يفقدوا إنسانيتهم فيبرروا سحل مواطن لأنه كان مؤيدا لمبارك أو أنه كان بلطجيا، ويصدقوا أجهزة الشرطة الفاسدة التي طالما لفقت لهم التهم، ويستخدموا جرائم الإغتصاب والتحرش كوسائل للصراع السياسي؟، وكيف ينسون أن كل ما في الأرض من مبررات لن تنفي عن رئيسهم كونه قاتلا يحمل دم نخبة من أطهر شباب مصر في رقبته إلى يوم الدين؟. لم أجد تفسيرا لكل تلك الأسئلة أصدق من الذي قدمه عالم النفس اللبناني د. مصطفى حجازي (صاحب كتابين من أجمل الكتب التي يمكن أن تساعدك على تأمل أحوالنا الآن هما كتابي (التخلف الإجتماعي مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور) و (الإنسان المهدور دراسة تحليلية نفسية إجتماعية) والذين صدرا عن المركز الثقافي العربي)، حين قال «الإنسان المسحوق الذي حمل السلاح، من دون ثقافة سياسية توجه وضعه الجديد، قد يقلب الأدوار في تعامله مع الجمهور، أو مع من هم في إمرته فيتصرف بذهنية المتسلط القديم، يبطش، يتعالى، يتعسف، يزدري، وخصوصا يستغل قوته الجديدة للتسلط والإستغلال المادي والتحكم بالآخرين».
لكن ماهو الحل للتغلب على هذه المأساة التي تعرضنا لها منذ أن قالت الصناديق للشعارات نعم؟، هل الحل أن نحلم باليوم الذي نمتلك فيه قوة أكبر نمارسها على هؤلاء القامعين الجدد فنعيدهم ثانية ليكونوا مقموعين؟، هل سيحل ذلك مشكلتنا، هل سيجعل مجتمعنا يتقدم أو ينتصر؟، أوصيك هنا بقراءة كتاب الشاعر السوري الراحل ممدوح عدوان الذي كتبه قبل سنوات طويلة في ظل نظام كان يتباهى بأنه تمكن من حسم مشكلة التطرف الإسلامي إلى الأبد، وأنه لم يتمكن من تحقيق مجتمع علماني متحضر إلا عندما تخلى عن شرط الحرية الذي لا يتحقق التقدم إلا به، ولعلك ترى الآن أن القمع لم يحل مشاكل سوريا أبدا، بل قام بتحويل المجتمع السوري كما كتب ممدوح عدوان إلى مجتمع مهزوم قام بتعويض إحساسه بالضعف من خلال ممارسة أقسى أنواع القمع على أبنائه، فهرب الناس من إنتمائهم الوطني إلى الإنتماءات الطائفية والعشائرية، وأصبح من السهل تفجير أزمة أو فتنة طائفية أو دينية في أي لحظة لأن المجتمع يعيش دائما على شفا الإنفجار، وهو ما تحقق بعد سنوات طويلة من كتاب ممدوح عدوان.
ما العمل إذن؟، ببساطة أمامنا الآن وغدا وعلى الدوام سكة من إثنتين: إما أن نكون بشرا وندفع ثمن التقدم الصعب من خلال خوض صراع سياسي وإجتماعي منظم ومبدع ومتعدد الأشكال مع الأفكار المتطرفة التي لن يهزمها إلا الواقع، أو أن نستسهل ثانية ونختار حيونة أنفسنا كما اختار المتطرفون حيونة أنفسهم، فنبدأ بالتسامح مع تلك المقولات الكريهة التي ترى أن التعذيب والنفخ والكهربة وإهدار الحقوق يمكن أن يخفي إلى الأبد أفكارا نعارضها، مع أن ذلك ثبت بالتجربة خطله وهطله وتعطيله لنا كثيرا، وللأسف لازال بيننا من يحن إلى تكرار ذلك الهطل، لأننا دائما ننسى أن نجيب محفوظ علمنا أن آفة حارتنا النسيان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.