إن مصر مزة، انقطعت بيها العربية، فى آخر أيام الصيفية، ونزلت بقرية ليس فيها سوى شاب إخوانى، وشاب من حازمون، وشاب من جبهة الإنقاذ، وشاب من الثوار. فى مسرحية ميس الريم، انشغلت البطلة بالإصلاح بين عائلتَين اختلفتا قبيل استعدادهما لحفل زفاف يتوّج علاقة حب بين شاب وفتاة من العائلتَين. ولأن الحب هو الجوهرة الكامنة تحت ركام الخلافات العائلية، فإن مهمة «زيون» كللت بالنجاح. أما زيون 2013 فلا أعتقد أن مساعيها فى إصلاح ذات البين سوف تنجح، فهذه الأرض قد أقفرت من الحب، على الرغم من الصفقة البادية بين التيارات الإسلامية، فإنهم لا يجمعهم الحب، يضمر حازمون للإخوان الكراهية، بينما تتربّص الجماعة بحازمون حال ما يستنفدون أغراضهم، أما الثوار فلا يخفون تأففهم وامتعاضهم، بل وتقززهم، من أداء جبهة الإنقاذ، بينما تنظر جبهة الإنقاذ ببعض من الاستهتار، وربما الاستهياف، للثوار، باعتبارهم ليسوا ذوى خبرة سياسية. فى هذه الأرض اليباب، لن تجد زيون قصة حب مسلية، تسعى فى إنجاحها، ليمر الوقت سعيدًا. إذن فستحاول زيون، ستحاول أن تهرب فورًا، وستبحث عن أحد لينقذها من المستنقع الذى وقعت فيه، ويصلح لها السيارة. بمَن ستستنجد زيون؟ بالطبع فى البداية ستلجأ إلى الشاب الإخوانى، شاب لطيف، مهذب، متدين، فارق شعره من الجنب، قافل زراير القميص لحد الآخر، لابس بنطلون قماش، حاجة محترمة كده تشى بأن شخصًا كهذا لن يخذل زيون. وستطلب منه أن يساعدها فى إصلاح السيارة، سيتفحَّص الشاب الإخوانى السيارة، ويشرع فى مد يده إليها بدعوى أنه ميكانيكى من زمان قوى، وسيأخذ بعض قطع الغيار التى تعانى من عطب، ويقول لها: خليكى هنا حاروح أصلَّحها فى الورشة وآجى. ولن يأتى أبدًا.. طبعًا يا عبيطة، خد قطع الغيار يبيعها. ستقف زيون حائرة، منتظرة الشاب اللطيف المهذب كى يعود، لكنه لا يعود أبدًا. تلمح زيون شابًّا آخر يسير فى الطريق، يشبه قليلًا الشاب الذى أخذ قطع الغيار، فتتبيّن أنه شاب من حازمون، وتطلعه على الأمر، فما يكون منه إلا أن يقول لها: وإيه اللى يخلّى ست تسوق عربية وكمان على طريق سفر من غير محرم، ويمسك بعصا ليكسر زجاج السيارة، تصرخ زيون مستغيثة بأهل القرية وما أن يلمح الشاب من حازمون قدوم الناس حتى يفر هاربًا. يتساءل الناس المجتمعون عن سر صراخ زيون، فتروى لهم ما حدث، فينصحها أهل القرية بالفرار من هذا المكان الملعون، ثم ينفضون عنها إلا شابا من جبهة الإنقاذ، يتفرّس فيها قليلًا، ثم ينطلق محللًا وضع زيون الحالى، راويًا لها ما تعرفه هى عن نفسها، يعنى مثلًا سيضع يده على جبهته، ويقول: أنت وضعك حرج.. ست، ولوحدك، وعلى طريق سفر، وعندك فرح، ولازم تسافرى بسرعة.. حين تقاطعه زيون مخبرة إياه بأنها تعرف وضعها، ولا تحتاج إلى من يسرد لها ما تعلم، وإنما تحتاج إلى من يساعدها على حل مشكلتها. سيخبرها الشاب من جبهة الإنقاذ بأن هناك حلولًا عدة: يعنى عندك مثلًا أنك تقفلى العربية وتطلعى على الطريق تشوفى تاكسى، بس ده ممكن يبقى خطر فى التوقيت ده.. ممكن مثلًا تقفلى العربية وتروحى للعمدة تسأليه عن ميكانيكى شاطر يصلح لك العربية، بس العمدة ده أصلًا راجل ناقص وممكن يعاكسك، ومش حتاخدى منه حق ولا باطل، ممكن تتصلى بحد يجيلك بس ده حياخد وقت وأنا مش عارف أنت تقدرى تقعدى الوقت ده كله لوحدك فى الشارع كده ولّا إيه؟ تسأله زيون عن الحل الذى يراه مناسبًا، فيجيبها: إدينى فرصة أفكر وأرجع لك. أخيرًا يسمع شاب من الثوار عن هذه الفتاة المسكينة التى تعطَّلت بها السيارة فتسلط عليها مَن يسرق قطع غيار سيارتها، ومَن يحطم زجاجها، ومَن يقف عاجزًا عن اقتراح حل، فيسب أهل القرية: تصدقوا إنتو بلد رمة؟ بقى الست مرمية ده كله وماحدش يقولّى حتى؟ فيجيبه أهل القرية: ما أنت اللى فى المظاهرة مش عارفين نلاقيك.. يسأل عنها ويذهب إليها ليرحّب بها فى بيت والدته لتستضيفها، بينما هو يأخذ السيارة، ويقترض بعض المال من أصدقائه، لأنه كحيان فى العادة، ليذهب بالسيارة إلى ميكانيكى صديقه ويصلح السيارة، ويعود بها إلى زيون وهو يصر أن يقود لها السيارة حتى تصل إلى وجهتها سالمة ثم يعود هو بالمواصلات، تنبهر زيون بشهامة الشاب، وتقبل السفر معه وما إن يصلان إلى منتصف الطريق الصحراوى حتى تتعطل بهما السيارة، ينزل الشاب ليكشف على السيارة ليكتشف أن الميكانيكى صديقه الصدوق.. نصب عليه.