أمام ذلك المبنى الشاهق اصطفوا، وسط طوق أمنى من مئات الجنود والضباط يمرقون، أملا فى الوصول لذلك الحشد المؤيد للرئيس أمام باب المحكمة الدستورية العليا، هتافات ترج الأرض خرجت من حناجر ملتهبة فى الوقت الذى كان يفترض أن يقول فيه القضاة كلمتهم بشأن اللجنة التأسيسية المختصة بكتابة الدستور.. «تكبير.. الله أكبر» ينادى بها شيخ ذو لحية كثة يُحمس بها الجموع قبل أن يلتقط منه الميكروفون شاب منفعل: «التحرير بينادى ويقول.. ارحمونى من الفلول»، يعقبها هتاف: «بالعرض بالطول.. هنقول نعم للدستور».. سيارة ربع نقل تحمل فوق صندوقها سماعات كبيرة تخترق المتظاهرين، قبل أن تتخذ مستقرا لها يعلو منها صوت أغنية كُتبت خصيصا لدعم قرارات الرئيس والإعلان الدستورى، خاصة تحصين اللجنة التأسيسية: «يا مرسى اتوكل على مولاك.. وبإذن الله كلنا وياك»، يتوقف الصوت لبرهة بعد حدوث لغط صادر بفعل صياح بعض موظفى المحكمة الدستورية الذين هتفوا من خلف الأسوار: «الدستورية باطل»، الأمر الذى ألهب حماس الحضور، مُعلنين: «يا رئيسنا 1000 تحية.. يلا حل الدستورية.. صوتى يا تهانى مش داخلاها تانى.. يا زند يابن مبارك.. السجن فى انتظارك»، يبدأ رجل خمسينى فى خطاب الحضور بصوت جهورى: «أرأيتم رئيسا منتخبا ليس له صلاحيات؟ حينما يريد مرسى إرجاع حقوق الشهداء.. فهل هذ حرام؟»، يهتف أحد المستمعين: «كلنا مع القرار»، ثم تبدأ طرقات على طبلة بلدى ينقلب على أثرها الأمر إلى تمايل الأجساد الوقورة على هتاف: «قوة عزيمة إيمان.. مرسى بيضرب فى المليان.. مرسى عامل إيده فاضية وراح مديهم بيها القاضية.. وكلنا مع القرار»، لافتات تتلقفها صورة الرئيس مبتسما وتعلوها أعلام مصر.. يمر سامح -شاب ثلاثينى- برفقة خطيبته غير مبالين بما يطالبه المؤيدون: «أنا لسه خارج من الشغل ولقيت الزحمة.. قلت أشوف فيه إيه». يفترش شيخ، يرتدى الجبة والقفطان، الأرض متناولا الطعام بعد أن أرهقته الشمس فى طول الوقفة، فيما «يقزقز» رفيقه الأزهرى الترمس.. النخبة السياسية نالت نصيبها من أعضاء الإخوان بهتافات: «البرادعى باعها وخان.. نفسه يخش الأمريكان.. يا حمدين السجن ملوش رجلين»، على بعد أمتار منهم يجلس 5 من الأصدقاء لم تتخط أعمارهم العشرين عاما، مستندين بظهورهم على بعض مكونين دائرة، فيستخرج أحدهم كتابا شرعيا يستذكر فيه، البعض يُردد من على المنصة أن بعض قنوات التليفزيون تؤكد أن قرار القضاة سيصدر اليوم، عندها يترك الجميع ما يشغله هاتفين: «يلا يا ريس قولها قوية.. كلنا مع حل الدستورية.. الدور الدور الدور الدور.. يا تهانى يا اللى عليكى الدور».