قبل أن يتكرر سيناريو انهيار إحدى صخور الدويقة فوق رؤوس سكانها، أطلق أهالى المنطقة العشوائية صرخة استغاثة بعد تحرك إحدى الصخور، على حد تعبيرهم، وتعرض منازلهم للشقوق وربما للانهيار فيما بعد، وسواء كان السكان صادقين فى رواياتهم، كما يؤكدون، أم يكذبون، لتحفيز المسئولين على تسكينهم، كما تؤكد المحافظة، فإن مشكلة صخور الدويقة لا تزال قائمة. أمام إحدى العشش المترامية فوق الصخور، جلس محمد قوطة يحذر الأطفال الذين يلعبون فى التراب من الاقتراب من الصخرة التى مات أسفلها العشرات، قائلاً: «ابعد يا بنى أنت وهو.. دى اسمها صخرة الموت». الخوف الذى يشعر به «عم محمد» يشعر به أيضاً كل سكان الدويقة الذين يخشون الموت أسفل الصخور القاتلة، حتى صارت حياتهم «على كف عفريت». ليست الصخور وحدها هى المشكلة التى يعانيها أهالى الدويقة، فعدم توافر مياه الشرب هو مشكلة أخرى لا تقل خطورة حيث يضطر الأهالى إلى الاستيقاظ منذ الخامسة صباحاً للحاق بدورهم فى طابور جركن المياه «أبوجنيه»، وقطع ثلاثة كيلومترات يومياً لشراء «أربعة أرغفة» ب«جنيه»، وهى مشكلة ثالثة تتعلق بعدم توافر الخبز. «الحكومة ليه بتعاملنا كأننا حيوانات، هو احنا مش بشر زيهم». قالتها فوزية عامر أكبر سكان المنطقة فهى تعيش فى الدويقة منذ 35 عاماً: «احنا مش طالبين لا أكل ولا شرب ولا فلوس ولا هدمة احنا طالبين أوضة لكل أسرة فينا تحمينا من الموت اللى شايفينه بعينينا». حال فوزية «بائعة البيض» التى تعول سبعة أطفال بعد موت زوجها لم يكن يختلف كثيراً عن حال جيرانها، الذين يعتمدون فى غذائهم يومياً على الفول والجبنة، كما تقول صباح «40 عاماً»، التى عطلت إجراءات زواج ابنتها بعد سقوط أجزاء من الصخرة مؤخراً: «نقلت عفشها عندى فى الأوضة أصل خفت أجوزها ألاقينى بكفنها». «الحكومة مش هتتحرك إلا لما تشيلنا جثث». قالها فتحى سالم وهو يبكى على حاله وحال أسرته: «ده الريس صدر الغاز لغزة ولا عبرنا».