Weekend«كل سبت» سأنصاع للرواية الشائعة التى رددها كثيرون بمن فيهم بعض أصحاب الأكشاك، تلك الرواية التى تقول إن حملة هدم أكشاك بيع الكتب فى منطقة النبى دانيال بالإسكندرية كانت خطأ غير مقصود، سأصدق أن الحملة كانت تقوم بحملة إزالة عامة للإشغالات فى منطقة مجاورة، ثم بدا للضابط، قائد الحملة، أن الأمر ينطبق على أكشاك الكتب، فتوجه بالمعدات الثقيلة لهدمها، وفى منتصف العمل الهمام، وبعد أن كان قد هدم وفرم نحو تسعة أكشاك بمحتوياتها، حاصره أصحاب بقية الأكشاك بالتراخيص الممنوحة لهم، ليثبتوا له أن وقفتهم فى هذا المكان قانونية، فتوقف العمل قبل أن يهدم ما تبقى من ال40 كشكا الموجودة فى المنطقة، مع اعتذار مبرر بالجهل بطبيعة الأمر وقانونيته. تمام.. فلنعتمد هذه الرواية، فيصبح محافظ الإسكندرية الجديد ملزما بإعادة بناء الأكشاك التى تم هدمها وتعويض أصحابها عما أصابهم، وإلا فسيصبح المستشار محمد عطا عباس، رجل القانون خريج الأزهر، ضحية لكثير من الكتب التى سيتم بيعها فى كل مكان، والتى ستكون قائمة على التحاكى بكونه الظلامى عدو الثقافة السائر على درب المغول والتتار وكل الهمج الذين أزالوا مكتباتنا العظمى، ومنهم من أفرغ جميع ما تحتوى عليه من الكتب الهامة والنادرة فى أحد أنهار العراق، ليستطيع العبور فوقها إلى الضفة الأخرى، سيكون المستشار رمزا لطريقة تفكير النظام فى تجارة الثقافة، وسيفتح الباب أمام تصورات بخصوص النظرة العامة لهذه المسألة، وقد تسقط أى محاولات لتصحيح الصورة أمام غرابة صورة محافظ يعطى أوامره بهدم محلات الكتب وفرم محتوياتها، سينسى التاريخ أن ما حدث مجرد خطأ ضابط متهور، وسيظل عالقا فى أذهان الأجيال أن المستشار الأزهرى بدأ عمله بفرم الكتب. لذلك -والأمر سهل للغاية- لا بد لسيادة المستشار أن يصلح ما أفسده رجاله، فالأمر أكبر من مجرد إهانة لمن يأكل عيش بواحدة من أشرف دروب التجارة، لكنه إهانة لنا جميعا.