ما الذى تفعله نجمات الهند فى مواجهة الزمن الذى يترك بصماته على الوجوه؟ كان هذا هو عنوان التحقيق الذى قرأته فى إحدى الجرائد المكتوبة بالإنجليزية التى تصدر بها عشرات من المطبوعات اليومية فى الهند. وكانت إجابة أغلب النجمات أنهن لا يخشين الزمن، بل يصالحن الأيام. ليس بالضرورة بالطبع أن تعبر الإجابات عن الحقيقة ولكن من الواضح أن علاقة النجمات بعمليات التجميل والشد وحقن البوتوكس هى الهاجس الذى يخشاه الجميع. هل شاهدتم عددًا من مسلسلات رمضان وتابعتم وجوه بعض النجمات وهى فاقدة التعبير؟ لن أذكر أسماء، لأنه لا توجد نجمة من الممكن أن تعترف بأنها استسلمت لمشرط الجراح، بل ستسارع بالتكذيب، ولهذا أترك تحديد الأسماء لذكاء القارئ. المأزق أن رأسمال الممثل هو ملامح الوجه وتعبيراته ولن تجد فارقًا يذكر بين ملامح أغلب نجمات السينما المصرية، لأن حقن «البوتكس» أحالتهن جميعًا إلى وجوه جامدة مشدودة فاقدة التعبير وكأنهن أسماك ملونة فى حوض للفرجة فقط.. صرن مثل ورود وأزهار الزينة بلا طعم ولا لون ولا إحساس. قرأت مرة قبل 4 سنوات تلك الكلمات «أحب شعرى الرمادى.. أحب تجاعيدى من خلالها أصبح وجهى أكثر قدرة على التعبير.. إن التقدم فى السن أمر لا يمكن سوى أن نعترف به»! هذا الاعتراف أعلنه أكثر رجال العالم جاذبية طبقًا لأغلب الاستفتاءات العالمية. إنه النجم الأمريكى جورج كلونى.. قالها رجل يعتقد الكثيرون أن جزءًا كبيرًا من رأسماله الفنى يكمن فى وسامته، ورغم ذلك فإن هذه النصيحة تصلح أكثر للنساء.. نعم الرجال مثل النساء فى التعامل مع الزمن. الكل يخشى بصماته ويهرب منه إلا أن الأمر فى النهاية ينبغى أن لا يستغرقنا كثيرًا إذا عرفنا أن كلًّا منا يعيش ثلاثة أزمنة أو ثلاثة وجوه فى نفس اللحظة.. زمنك فى الواقع عمرك كما هو مدون فى الرقم القومى وجواز السفر وجهك الذى تراه فى المرآة هذا هو الوجه الأول.. الوجه الثانى هو الزمن البيولوجى والسيكولوجى الذى نعيشه فى داخلنا، إنه العمر الداخلى لكل منا وفى العالم يستطيعون تحديده بدقة فقد يكون رجل فى الخمسين من عمره ولكنه بيولوجيًا وسيكولوجيا فى الثلاثين مثلا أو ربما تجده وقد أضيفت إلى عمره سنوات فأصبح فى الستين، ولكن من يحتفظون بعمر بيولوجى وسيكولوجى داخلى يقاوم الزمن تستطيع أن تعرفهم ببساطة، حيث إن وجوههم تبدو أمام الناس فى حالة إشراق وتحدٍّ للزمن بالتصالح مع الزمن وليس بمشرط الجراح ولا بالكولاجين أو «البوتكس».. أما الوجه الثالث والزمن الثالث فهو كيف يراك الناس ما صورتك فى عيونهم؟.. نعم أرى وجوه بعض النجمات المصريات وقد صارت غير قادرة على التعبير.. بعض الفنانات يحددن اسم مدير التصوير اللائى يتعاملن معه فقط، لأنه يُجمل وجوههن وأحيانًا يلجأ الرجال إلى التدخل الدرامى وليس فقط التدخل الجراحى.. أكثر من كاتب سيناريو حكى لى أن النجوم الرجال الكبار كانوا فى مرحلة عمرية متقدمة من أمثال فريد شوقى، كمال الشناوى، أحمد مظهر وحاليًا عادل إمام يشترطون للموافقة على بطولة العمل الفنى أن يقدموا مشاهد درامية تؤكد للمشاهد تمتعهم بالفحولة الجنسية! الفنان يظل قادرًا على العطاء طالما كانت لديه تلك المرونة التى تجعله يتواءم مع الزمن فهو يعيش فى الحياة متنقلا من دور شاب وبعد ذلك رجل ثم أب ثم جد وهكذا الزمن يمضى والأدوار تتجدد أيضًا.. كما أن الزمن يمنح المبدع مساحات أكبر فى التعبير فكيف يناصبه العداء ولهذا تقرأ أن نجمات بحجم شارون ستون، وميريل ستيريب وهما تعلنان رفضهما البوتكس.. هل قرأ أحد من نجومنا ونجماتنا تصريح جورج كلونى، وإذا كان قد قرأه، هل أحدهم أو تحديدًا إحداهن من الممكن أن توافقه على هذا الرأى وتجرب أن تقف أمام الكاميرا بعيدًا عن البوتكس؟! فى الهند الكثير من العجائب والحكايات ولك أن تصدق أو لا تصدق أن نجمات السينما فى الهند فى بلد تجاوز المليار نسمة ويسعى حثيثًا إلى المليار والنصف فى ظل مجتمع مجنون بالسينما يُقبل على أفلام المهرجان مثلما حدث فى مهرجان «أوسيان» الذى انتهى قبل يومين باعتبارها خبز الحياة ولكن نجماته يرفضن أن تصبح وجوههن أسماكًا ملونة.