على مدار عام ونصف العام مرت على الثورة المصرية، شهد التيار السلفى نشاطا ملحوظا عقب شروع عدد من الشخصيات والهيئات السلفية على اختلافها فى تأسيس أحزاب سياسية، فى محاولة حجز لها مقعد على الساحة عقب الثورة. وظهر للنور أحزاب النور الذى أسسته الدعوة السلفية بالإسكندرية، وحزب الأصالة ومرجعيته الداعية السلفى د.محمد عبدالمقصود، وحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، وشكلت تلك الأحزاب تحالفا خاضت به الانتخابات البرلمانية، على الرغم من الخلاف الفكرى بينها، لمواجهة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين. ودارت معارك طاحنة بين ذلك التحالف وحزب الإخوان خلال الانتخابات البرلمانية، وقالت قيادات بالدعوة السلفية ل«الشروق» إن الجماعة تعمدت تشويه صورة السلفيين خلال الانتخابات فى محاولة لحصار التيار الذى سيوقف مدها فى الشارع المصرى. ومع تهديدات المرشح الرئاسى أحمد شفيق بحل الأحزاب التى تم تأسيسها على أساس دينى وعلى رأسها حزب الحرية والعدالة وحزب النور، اعتبر عدد من الخبراء وأبناء التيار الإسلامى أن هذه التهديدات ورقة ضغط على التيار السلفى تحديدا لاستمالة هذا التيار فى مواجهة جماعة الإخوان فى حالة فوز شفيق. وأكدوا أن فوز شفيق يعد انتكاسة للثورة المصرية وتزويرا لإدارة الشعب المصرى، ودعا أحدهم للالتفاف حول الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح لما تحويه من علماء الأمة، لافتين إلى أنه فى حالة فوز مرسى، ستكون العلاقة بين الإخوان والتيار السلفى علاقة تكاملية. وقال حسام أبوالبخارى مؤسس ائتلاف دعم المسلمين الجدد، إن التيار السلفى فى حالة فوز مرسى بكرسى الرئاسة سيشكل جانبا مهما من المعارضة السياسية والاجتماعية لجماعة الإخوان المسلمين، مضيفا أن تلك المعارضة ستكون موضوعية وسيحاول مواجهة سلبيات الجماعة. ولفت أبوالبخارى إلى أن التيار السلفى سيشهد نوعا من النشاط، خاصة مع وجود نوع من التوافق بين جماعة الإخوان وأبناء التيار السلفى حول عدد من القضايا والمواقف من بينها تطبيق الشريعة فى مواجهة الهجمة التى تشنها بعض التيارات الأخرى على التيار الإسلامى، مؤكدا أن هذا الخلاف ليس خلافا سياسيا فقط. وأكد أبوالبخارى أن المرحلة المقبلة ليست مرحلة الصراع بين أبناء التيار الإسلامى وإنما مرحلة إسقاط الدولة «المباركية» وتفكيكها، والمعركة الحقيقية ستكون مع المؤسسة العسكرية لضبط العلاقة معها. وأضاف أن مهمة مختلف التيارات هو تقويض دور المؤسسة العسكرية فى الشأن السياسى لتحقيق استقلال الإرادة الشعبية، مؤكدا أن الخلافات بين جماعة الإخوان والتيار السلفى ستكون فيما يخص المادة الثانية من الدستور وطريقة صياغتها فضلا عن التدرج فى تطبيق الشريعة الإسلامية. وشدد أبوالبخارى على أهمية وجود ضبط لمسألة تطبيق الشريعة حينها بين المؤسسة الرسمية «الأزهر الشريف» وجميع التيارات الإسلامية وليس الإخوان والسلفيين فقط. وقال أبوالبخارى إن الصراع بين المؤسسة العسكرية والتيار الإسلامى حتمى، مشيرا إلى أن «العسكر» لن يقبلوا بنجاح الثورة المصرية يتحقق فيه الاستقلال الوطنى بعيدا عن التبعية الخارجية. وردا على أن التيار السلفى كان يعمل لصالح أمن الدولة فى عهد النظام السابق لمواجهة جماعة الإخوان المسلمين، قال أبوالبخارى إن هذه أكذوبة إعلامية، مشيرا إلى أنه كان يسمح للتيار السلفى بالعمل تحت ضغط دون مناقشة قضايا معينة، وكانت القنوات الفضائية التليفزيونية بها عدد من المشايخ من جماعة الإخوان المسلمين. وأكد أن أداء حزب النور فى البرلمان أصاب أبناء التيار السلفى بالإحباط وعدم الرضا خاصة فيما يتعلق بعلاقته بالمؤسسة العسكرية. وأشار إلى أن الإخوان وجدت فى حزب النور والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية فى البرلمان ظهيرا يساعدهم فى بعض المواقف، مؤكدا أن العلاقة لن تكون فى حالة شد وجذب ولكنها ستكون تكاملا وتقويما إذا لزم الأمر. وعن مستقبل التيار السلفى وأذرعه السياسية فى حاله فوز شفيق بكرسى الرئاسة، أكد أبوالبخارى أن فوز شفيق سيكون بالتزوير قطعا، مشيرا إلى أن هناك عددا من الكتل السلفية ستلحق بالجموع الثورية فى مختلف الميادين، اعتراضا على نجاح شفيق بالتزوير. وأوضح أن شفيق خلال الفترة الأولى سيحاول استمالة السلفيين وسيكون خطابه ناعما معهم لضرب جماعة الإخوان المسلمين، مضيفا أنه سينقلب على الكتل السلفية الثورية وينكل بهم ويقود حملة تشويه ضدهم. وقلل أبوالبخارى من تهديدات شفيق بحل الأحزاب السلفية واعتبرها ورقة ضاغطة، وعلى الجميع أن يفهم أن الحديث عن حل تلك الأحزاب ليس به نظرة قانونية وإنما كل شىء فى مصر يسير بشكل سياسى حتى فى المجال القضائى. من جانبه، أكد هشام أبوالنصر الداعية السلفى والقيادى السابق بحزب النور السلفى، أن التيار السلفى ليس فى مواجهة أو خصومة مع جماعة الإخوان المسلمين أو غيرها من التيارات أو فئات المجتمع المختلفة. ولفت أبوالنصر إلى أن أبناء التيار الإسلامى يسعون لخدمة الناس قبل التفكير فى السياسة والعمل الحزبى، مشيرا إلى أننا أصحاب قضية ومنهج وهو تعليم الناس أمور دينهم. ولفت أبوالنصر إلى أن جماعة الإخوان المسلمين باتت تعلم وتفهم أنها فصيل سياسى ومجتمعى ولابد أن يحترم ويقدر الآخرين على اختلافهم وأن السياسة ليست قاصرة عليهم. وأضاف الداعية السلفى، إن مشكلة التيار السلفى ليست فى فوز مرسى وإنما فى فوز شفيق بكرسى الرئاسة، موضحا «هو من قال إنه سيحل الأحزاب ذات المرجعية الدينية مثل حزب الحرية والعدالة والنور والبناء والتنمية، وغيرها من الأحزاب». وتابع حديثه «نخشى على التيار الإسلامى عامة والسلفى خاصة من حملات التشويه التى نشهدها على مختلف الوسائل الإعلامية، واتهامنا بالتشدد والغلو، ونحن من حمينا الكنائس ولم يصدر عنا أى تصرف خارج»، مشددا على أن شفيق سيعود بشكل انتقامى. ودعا أبوالنصر كل المسلمين وأبناء التيار الإسلامى للالتفاف حول الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح والتى تضم عددا من علماء الأمة، مشيرا إلى أن هذا ليس وقت الانقسام بين التيارات جميعا. وأكد ناجح إبراهيم، القيادى بالجماعة الإسلامية، إنه فى حالة فوز شفيق سيعمل على استمالة التيار السلفى، موضحا أن هذا سيكون ضمن مجموعة من السياسات لطمأنة الغرب والداخل بأنه ليس ضد التيار الإسلامى بأى صورة، فضلا عن مواجهة جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف أنه من المحتمل أن يعين شفيق نائبا أو وزيرا من التيار السلفى، ومن المتوقع أن يصعد شفيق من التيارات الإسلامية الأخرى مثل الصوفيين، فضلا عن عدد من الشخصيات الإسلامية المعتدلة مثل د.محمد سليم العوا، ود.عبدالمنعم أبوالفتوح، ود.أحمد كمال أبوالمجد. ولفت إلى «أن جماعة الإخوان المسلمين فى حالة فوز مرسى لن تعمل على تقوية التيار السلفى، لأن طبيعتها تعتمد على وجوده كمساند لها ومشارك لها فقط، مؤكدا حرص الجماعة على مشاركة كافة القوى السياسية فى الحكم».