توقع عدد من المصرفيين استقرار أداء الجنيه أمام الدولار والعملات الاجنبية بشكل نسبى خلال الشهور المقبلة، بعد أن تلقى الجنيه دفعة قوية خلال الشهور الماضية بفضل حزمة المساعدات العربية التى بلغت 12 مليار دولار، وأدت الى تحسن أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى لمستويات تصل الى 18 مليار دولار، مما دعم قيمة الجنيه الاسمية. وقال هؤلاء المصرفيون إن تراجع مخاوف المستثمرين والأفراد مؤخراً دفعهم الى التخلى عن اكتناز الدولار وبيعه داخل البنوك، مما ادى الى تحسن موقف المعروض الدولارى داخل البنوك، لافتين الى أن الركود الاقتصادى والتوترات السياسية التى تشهدها البلاد من المفترض ان تضعف من القيمة الحقيقية للعملة المحلية لمستويات أقل. وكسب الجنيه نحو %2 من قيمته فى التعاملات الرسمية داخل البنوك منذ اندلاع ثورة 30 يونيو وحتى الوقت الراهن، حيث تراجعت الأسعار من مستوى 7.05 جنيه للبيع الى مستوى 6.92 جنيه. وارتفعت قيمة الجنيه بنحو %11 دفعة واحدة فى تعاملات السوق الموازية لتداول الدولار خلال الشهور الأربعة الماضية حيث انخفضت أسعار التداول من مستويات تجاوزت 8 جنيهات فى يونيو الماضى، الى مستويات تدور حول 7 جنيهات فى الوقت الحالى، وتراجع حجم الطلبات والتداول فى السوق السوداء بدرجة ملحوظة. وخلال الشهور الستة الأولى من العام الحالى ارتفعت قيمة الدولار أمام الجنيه بنسبة %13 فى التعاملات الرسمية داخل البنوك لقفز أسعاره من مستوى 6.20 جنيه الى 7.05 جنيه للبيع. أكدت زينب هاشم، رئيس قطاع الخزانة والشئون الخارجية فى البنك الأهلى المصرى، أن الجنيه المصرى أبدى أداء متماسكا خلال تعاملات العام الحالى على الرغم من استمرار الأزمات الاقتصادية التى تشهدها البلاد وانخفاض حجم الايرادات بالنقد الأجنبى، لافتاً الى تراجع نشاط السوق السوداء لتداول الدولار وانخفاض أسعاره لتقترب من مستويات الأسعار السائدة داخل البنوك. وأوضحت أن المستويات الحالية للجنيه التى تدور عند 6.9 جنيه أمام الدولار لا تعبر عن قيمته الحقيقية بما يتناسب مع انخفاض حجم المعروض الدولارى المتاح داخل السوق، إلا أنها تعتبر مقبولة بالنسبة لوضع الجنيه والتغيرات الأخيرة على سوق الصرف المحلية وما نتج عنها من تعديل ادوات إدارة البنك المركزى لسوق الصرف. وتوقعت زينب هاشم، رئيس قطاع الخزانة والشئون الخارجية فى البنك الأهلى المصرى، استمرار استقرار أسعار الجنيه عند مستويات تدور حول 6.8 جنيه و6.9 جنيه حتى نهاية العام المالى الحالى فى يونيو 2014، مستندة على الاستقرار النسبى فى الاوضاع السياسية وانخفاض وتيرة الطلبات المكثفة على اقتناء العملة الخضراء والتى اقترنت بمخاوف الأفراد والمستثمرين من تدهور قيمة الجنيه. وقالت إن العطاءات الدورية التى ينظمها البنك المركزى لبيع العملة الخضراء للبنوك «FX Action » تعتبر كافية فى الوقت الحالى وتتمشى مع حجم الطلبات على استيراد السلع الاساسية التى حددها البنك المركزى للبنوك، مشيرة الى ان تنظيم المركزى لمزادات بيع الدولار تعتبر مرحلة مؤقتة لحين عودة التدفقات بالنقد الأجنبى داخل البلاد مجدداً. ولفتت الى أن البنك المركزى اتخذ عددا من الإجراءات لاعادة تنظيم سوق الصرف خلال الفترة الماضية بما يتلاءم مع وضع السوق المحلية وحجم السيولة المتاحة بالنقد الأجنبى، وكان أبرزها تفعيل عطاءات بيع الدولار وتخفيض حد السحب النقدى للأفراد من البنوك وتحديد قائمة بالسلع الاساسية لتمويل استيرادها، مشيراً الى أن تلك الإجراءات استهدفت الحفاظ على ارصدة الاحتياطى من النقد الاجنبى مستقرة نسبياً بعد تدعيمها بفضل المساعدات العربية وودائع العملة الاجنبية التىى توافدت على خزينة البنك المركزى، مع ترشيد النفقات والسحب من ارصدة الاحتياطى ليظل متماسكاً عند مستوى 18 مليار دولار. ورفضت زينب التحليلات القائمة على أن قيمة الجنيه حالياً مدعومة سياسياً بفضل المساعدات العربية التى رصدتها عدد من الدول بقيمة 12 مليار دولار لمصر عقب 30 يونيو فى الوقت الحالى، مؤكدة أن هناك عددا من العوامل التى ساعدت على تماسك قيمة الجنيه الى جانب المساعدات ابرزها تراجع مخاوف المواطنين والافراد والمستثمرين وتلاشى توقعاتهم المتشائمة تجاه الجنيه وبدء المواطنين التخلى عما فى حوزتهم من الدولار وبيعه داخل البنوك مجدداً لتنحصر أزمة نقص المعروض الدولارى المتاح داخل السوق. وأشارت الى أن نقطة التحول فى سوق الصرف المحلية ظهرت عندما قرر البنك المركزى عدم التدخل فى سوق الإنتربنك الدولارى وتفعيل مزادات بيع الدولار فى نهاية ديسمبر الماضى، الامر الذى أدى الى تفاقم مخاوف الافراد والمستثمرين ودفعتهم الى التكالب على تخزين العملة الخضراء وشرائها فى السوق السوداء تجنباً لمزيد من التراجع، ومن ثم انخفاض المعروض الدولارى داخل البنوك لتنشط السوق السوداء بدرجة كبيرة وتجاوز أسعار الجنيه فيها مستوى 8 جنيهات. ورهنت تحسن أداء الجنيه فعلياً أمام الدولار باستقرار الاوضاع السياسية بالبلاد وعودة تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة مع زيادة ايرادات الدولة من النقد الأجنبى الوارد من قطاعات السياحة وايرادات تشغيل قناة السويس، بما يساعد على زيادة المعروض الدولارى المتاح داخل السوق، مشيرة الى أن الاضطرابات السياسية تدفع الأفراد الى التكالب على شراء الدولار. ولفتت زينب هاشم الى أن فرق أسعار الفائدة بين الجنيه والعملات الأجنبية، يصب فى صالح العملة المحلية إيجابياً ويكسبها ميزة نسبية فى الطلب عليها وتفضيل الأفراد الاحتفاظ بودائعهم مقومة بالجنيه المصرى. وأكدت مدير إدارة الخزانة فى أحد البنوك الخاصة أن القيمة التى بلغها الجنيه أمام الدولار والعملات الأجنبية حالياً، مرضية بشكل كبير وتعبر عن نجاح «المركزى» فى تخفيض أسعار الدولار وحالت دون وصوله الى مستويات قياسية، قائلاً إنه فى ظل الظروف السياسية الصعبة التى تمر بها البلاد والركود الاقتصادى الراهن فقيمة الجنيه لابد أن تكون أقل من المستويات الحالية التى تدور حول 6.9 جنيه. وأوضحت أن التدفقات النقدية بالعملات الاجنبية الواردة للبلاد ضعيفة ومحدودة بما يؤدى الى المزيد من تراجع قيمة الجنيه وارتفاع العملات المقابلة له، لافتاً الى أن اضطراب الأوضاع السياسية فى البلاد عقب أحداث 30 يونيو الماضية أثر سلباً على تعامل الانظمة الخارجية وبعض المؤسسات المالية الدولية مع البنوك العاملة فى السوق المحلية بسبب عدم إدراكها للاوضاع السياسية فى البلاد، الأمر الذى ظهر بوضوح فى تشدد بعض المؤسسات فى التعامل مع الموردين المصريين وتعنتهم فى فتح الاعتمادات المستندية بما تطلب تعزيزات إضافية للاعتمادات. وأكدت أن تدفق حزمة المساعدات العربية لمصر والبالغة قيمتها 12 مليار دولار دعم أداء الجنيه أمام الدولار بشكل ملحوظ وساعد البنك المركزى على ضخ سيولة دولارية إضافية عبر المزادات الاستثنائية لبيع الدولار، إلا أنه أشار الى صعوبة الاعتماد على المساعدات العربية لكونها عاملا مؤقتا وغير داعم، وقد يفقد ميزته بعد استحقاق آجال المساعدات وفى ظل استمرار تراجع تدفقات النقد الأجنبى المباشر. ولفتت الى أنه لابد من تدعيم الاقتصاد المحلى بعدد من العوامل التى تضمن استمرارية تدفق الاستثمارات بالنقد الأجنبى، مشيراً الى اهمية التوصل لاتفاق حاسم مع صندوق النقد الدولى بصفته يضمن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة الى البلاد والمساعدات الدولية، لافتاً الى أن رفض التوقيع مع صندوق النقد يضعف من شهية المستثمرين الأجانب الذين يثقون فى قرارات المؤسسات المالية الدولية، ومصر تمثل لهم سوقا عالية المخاطر طالماً لم تتوصل لاتفاق حاسم مع الصندوق. وأشارت الى أهمية استمرار دور البنك المركزى فى تحسين وظائف سوق الصرف المحلى وآليات إدارته للسوق، مشيراً الى صعوبة استحداث أو تغير الأدوات الحالية مثل إلغاء نظام مزادات بيع الدولار فى الوقت الحالى فى ظل ضعف ايرادات الدولة من النقد الأجنبى. وأكدت ضرورة استمرار طرح المركزى العطاءات الاستثنائية لبيع الدولار من حين لآخر لكونها تلعب دورا حيويا فى تهدئة السوق وطمأنة المستثمرين والبنوك ايضاً، وتساعد على تلبية الطلبات المعطلة مع عدم كفاية المعروض المتاح داخل البنوك لتغطية طلبات العملاء.