تمر اليوم الأحد 11 نوفمبر الذكرى الثامنة لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ولا يزال سبب وفاته المفاجئة لغزاً محيرا. وقد قامت زوجة الراحل عرفات "سهى الطويل" مؤخرا بإرسال التقارير الطبية التي تخص زوجها الراحل لإحدى القنوات الفضائية التي بحثت بالموضوع مع فريق طبي فرنسي و الذي أثبت أنه قتل بمادة البولونيوم السامة و ما سيؤكد هذا الاحتمال ،العينة التي سيتخرجونها من رفات عرفات يوم 26 من الشهر الجاري. ويعد عرفات أحد الرموز التي ساندت القضية الفلسطينية بقوة كونه رئيسا للسلطة ،ولد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفاتبالقاهرة في ال24 من أغسطس عام 1929 لأسرة لديها 6 من الأبناء , توفيت والدته وهو في الرابعة ، ممادفع والده إلى أن يرسله للقدس ليرعاه أقاربه وذهب بعدها إلى عائلة والده و التي تعد من أشهر العائلات المقدسية التي تعيش بغزة . وعندما كان عرفاتبغزة شهد ثورة فلسطين الكبرى عام 1936 و التي قادتها المقاومة الفلسطينية ضد الجيش البريطاني و العصابات اليهودية. عقب زواج والده مرة أخرى، عاد عرفات إلى القاهرة مرة أخرى في عام 1937 وبدأ بالاختلاط بعدد من المهاجرين الفلسطينين و المتواجدين بالقاهرة وعلى رأسهم الشيخ أمين الحسيني مفتي القدس. قرر عرفات في ذلك الوقت الالتحاق بجامعة فاروق الأول "القاهرة حالياً " لدراسة الهندسة المدنية و تخرج منها عام 1951 . في بداية حياة عرفات السياسية انضم لجماعة الإخوان المسلمين بالقاهرة و لكنه سرعان ما انفصل عنهم ليتطوع بعدها في الجيش المصري في الوحدة الفلسطينية العاملة ضمن القوات المسلحة المصرية وتدرج في المناصب ليخرج من الجيش برتبة عريف . تأسيس حركة فتح هاجر أبو عمار إلى الكويت عام 1958، ليعمل هناك مهندساً مدنيا ، وفي تلك الفترة أسس مع صديقه خليل الوزير حركة فتح وهي اختصار للحروف الأولي من جملة "حركة تحرير فلسطين " بشكل مقلوب ، وتبنت الحركة منذ نشأتها الأولى الكفاح المسلح ضد إسرائيل معتمده على التمويل من جانب الفلسطينيين من الخارج وقام عرفات ورفاقه بفتح بإصدار مجلة خاصة بالحركة سميت ب"فلسطيننا" وسعى مؤسسو الحركة على كسبها الصفة الشرعية و نيل الاعتراف بها من جانب الدول العربية بداية الكفاح المسلح كان لعرفات الرغبة في الكفاح المسلح ضد القوات الإسرائيلية ،لاستعادة الأراضي المحتلة وخاض العديد من المعارك و العمليات الانتقامية ضد الاحتلال كان أبرزها محاولة تفجير جسر نفق عيلبون قبيل حرب 67 . وعقب الهزيمة التي لاقتها الجيوش العربية على يد الجيش الإسرائيلي، انتقلت حركة فتح من الكويت إلى الأردن لتشكل قواعد عسكرية لها على الشريط الحدودي مع الضفة الغربية بعلم من القوات الأردنية. وعندما علم عرفات بنية إسرائيل لضرب المقاومة في التوغل داخل الأراضي الأردنية رفض الانسحاب من المواجهة و أصر على ضرورة المقاومة وبالفعل نجح في خوض معارك شرسة ضد الجيش الإسرائيلي و أجبرهم على الانسحاب وترك المعدات والجرحى بمعركة عرفت باسم " الكرامة" عام 1968 . وبعدها تم انتخاب ياسر عرفات رئيسا لمنظمة التحرير الفلسطينية ليصبح القائد الأول و الممثل الشرعي لدولة فلسطين أمام العالم عام 1969. وعقب إقدام الحركة على اغتيال الملك الحسين بن طلال ملك الأردن في ذلك الوقت، اندلعت عدة مواجهات بين الحركة و القوات الأردنية عرفت باسم أيلول الأسود عام 1970 ليخرج بعدها عرفات من الأردن متجهاً على لبنان والتي اجتاحتها إسرائيل واحتلت بيروت عام 1982 وينتقل بعدها عرفات إلى تونس . زواجه من سها الطويل واتفاقية أوسلو قرر عرفات عام 1990 الزواج من مستشارته سها الطويل، التي تنتمي لأسرة مسيحية فلسطينية بارزة على الرغم من أنه كان بعمر ال61 وكانت زوجته في ال27، وأنجب منها ابنته الوحيدة زهوة . وفي عام 1993 وقع عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين، على اتفاق سلام في البيت الأبيض بعد محادثات سرية تمّت بواسطة نرويجية عرف باتفاق اوسلو. ووقع الطرفان على "إعلان مبادئ"، هو عبارة عن اتفاق سمح للفلسطينيين بممارسة الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدينة أريحا بالضفة الغربية مقابل اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل. وبعد التوقيع على اتفاق أوسلو للسلام حصل عرفات ورابين ووزير الخارجية الإسرائيلي في ذلك الوقت شيمون بيريز على جائزة نوبل للسلام ليعود بعدها عرفات إلى غزة رئيسا للسلطة الفلسطينية. الحصار برام الله والوفاة وأعقب اتفاقية أوسلو عدد من المؤتمرات و الاتفاقيات منها اتفاقية طابا و واي ريفر و كامب ديفيد الثانية ليعود بعدها عرفات إلى القطاع ليعلن عن رفضه لمساومات الرئيس الأمريكي بيل كلينتون والذي طالبه بالتنازل عن حق العودة للفلسطينيين و عن أن تكون القدس مدينة مفتوحة للجميع بها عاصمتين واحدة فلسطينية و الأخرى إسرائيلية . ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية و انتخاب أريل شارون رئيساً لوزراء إسرائيل برز الخلاف بينه وبين عرفات و الذي وصل لحد تهديد شارون بتصفية أبو عمار و إبلاغه أنه في حال مغادرته لرام الله لن يعود إلى فلسطين مرة آخري. وفي 29 مارس من نفس العام حاصرته القوات الإسرائيلية داخل مقره برام الله مع 480 من مرافقيه وقامت القوات الإسرائيلية بإرهابه عن طريق إطلاق الرصاص و هدم جزء من المقر لكن عرفات ظل صامدا في مقره، كما طالب الرئيس الأمريكي جورج بوش، بضرورة تشكيل سلطة فلسطينية دون عرفات واضطر عرفات للتنازل عن بعض صلاحياته لرئيس الوزراء محمود عباس ولكن عباس سرعان ما استقال وتولى المنصب أحمد قريع. وفي 12أكتوبر 2004 حدث تدهور شديد في حالة عرفات الصحية نقل على إثرها إلى الأردن للعلاج من قبل طاقمين من المعالجين المصرين و الأردنيين و الذين لم ينجحوا في اكتشاف مرض عرفات وتم نقله لفرنسا لاستكمال العلاج هناك وليعلن بعدها عن وفاته في 11 نوفمبر من نفس العام، لتنطوي بذلك إحدى أبرز الصفحات في تاريخ الشعب الفلسطيني .