يعتقد البعض بأزلية الواسطة واستحالة حلها، مستشهدين بمقولة قديمة مازالت سارية المفعول وهي : أن كل مشكلة أمكن حلها ، وكل معضل تم القضاء عليه ، إلا الواسطة لم نجد لها حلا. وفي مصر نعاني من قديم الأزل وخصوصا في عهد مبارك ونظامه من الواسطة، فهناك آلاف الشباب لم يحصلوا على وظيفة لعدم امتلاكهم واسطة ومنهم من قام بالانتحار لاستحالة الحياة، وهناك الكثير من المظلومين في حياتهم بسبب عدم امتلاكهم واسطة لتسيير مصالحهم. وسميت الواسطة بالكوسة، ولهذه التسمية قصة طريفة، حيث كان التجار والمزارعين يخرجون مبكرًا لحجز مكان لبيع الخضار وكانوا ينتظرون في طابور طويل حتى يتم تحصيل الرسوم والسماح لهم بالدخول وأحيانا يكون الجو حار جدًا ولا يتم استثناء أحد من الطابور إلا تجار الكوسة لأنها تفسد سريعا ولا تحتمل الحرارة، وعندما يترك أحد الصف ويدخل دون انتظار وتبدأ الناس في الاحتجاج يرفع التاجر يده ويقول "كوسة". أما في إيطاليا فالوضع مختلف، لأنهم يحاسبون الكبير قبل الصغير، ويحاسبون أصحاب المناصب قبل صغار الموظفين. في ايطاليا يتم محاسبة رئيس الوزراء بتهمة استخدام نفوذه، بينما يعتبر استخدام النفوذ في بلدنا أهم مميزات الحصول على منصب.
وتشهد ساحات المحاكم الإيطالية تفاصيل وقائع اتهام برلسكوني، رئيس وزراء إيطاليا السابق بتدخله واستخدام نفوذه في قضية جنائية اتهمت فيها فتاة تدعى روبي بالسرقة. وتدخل برلسكوني ليحمي «روبي» بعد إدعائها بأنها على صلة قرابة من الرئيس المخلوع حسني مبارك، الأمر الذي حول القضية إلى نوع من الحراك السياسي في إيطاليا، وبرر برلسكوني موقفه بأنه أراد من جراء تدخله هذا عدم حدوث أزمة سياسية بين البلدين. وتؤكد جميع الأدلة عدم صحة إدعاء روبي خاصة وأن أصولها مغربية معروفة، وأن والدها بائع متجول في أسواق إيطاليا الشعبية، وأنها ليست قريبة الرئيس السابق مبارك لا من قريب أو من بعيد. بصرف النظر عن كون روبي قريبة مبارك أم لا، لكننا بحاجة إلى إجراء مقارنة بين هنا وهناك، هنا الغلابة يموتون بسلاح الواسطة وهناك يحاسبون كبارهم إذا استخدم نفوذه، فهل الرسالة وصلت يا سادة!؟