استعرض الخبير بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية د.عباس شراقي، دراسة عن المشروعات المائية في إثيوبيا وآثارها على مستقبل مياه النيل خلال مؤتمر "آفاق التعاون والتكامل بين دول حوض النيل .. الفرص والتحديات" الذي عقد مؤخرا بالقاهرة. وقال الخبير في الدراسة أن سد النهضة ليس في صالح أثيوبيا ولكنه مشروع سياسي، حيث تناول في دراسته الجوانب الجيولوجية والفنية الخاصة بسد النهضة والتي سوف ترفع تكلفة السد من 4.5 إلى 8 مليار دولار لمواجهة العوائق الجيولوجية، كما هو معتاد في جميع المشروعات الإثيوبية السابقة. وأشار إلى صعوبة التضاريس في أثيوبيا، حيث الجبال المرتفعة والأودية الضيقة والعميقة، وما يتبعها من صعوبة نقل المياه من مكان إلى آخر في حالة تخزينها مع انتشار الصخور البركانية البازلتية، وهي صخور سهلة التعرية بواسطة الأمطار الغزيرة وأيضا هي صخور ضعيفة هندسيا لتحمل إقامة سدود عملاقة بالإضافة إلى التوزيع غير المتجانس للأمطار، سواء الزمني أو المكاني، كل ذلك يحتاج إلى مضاعفة تكلفة إنشاء السد. كما أشار شراقي إلي احتمالية زيادة التعرية وانجراف التربة نتيجة انتشار الصخور الضعيفة، والانحدارات الشديدة لسطح الأرض وغزارة الأمطار، بالإضافة إلى زيادة معدل إزالة الغابات مع زيادة عدد السكان، علاوة علي المرتفعات الكبيرة الموجودة بالحوض، بالإضافة إلى التغيرات المناخية التي قد تسبب جفافا في بعض الأماكن، وأمطارا في أماكن أخرى. وبالنسبة لبحيرة التخزين الخاصة بالسد أوضح شراقي أنه من خلال دراسة نماذج خرائط الارتفاعات، يمكن استنتاج أن طول البحيرة سيصل إلى 100 كم بمتوسط عرض 10 كم أي أنها سوف تغرق نحو نصف مليون فدان من الأراضي القابلة للري والتي يصل إجماليها إلي مليوني فدان في حوض النيل الأزرق"منطقة التخزين" كما يحتوي تصميم السد علي 15 وحدة كهربائية، قدرة كل منها 350 ميجاوات وعبارة عن 10 توربينات على الجانب الأيسر من قناة التصريف، وخمسة توربينات أخرى على الجانب الأيمن بإجمالي 5225 ميجاوات، مما يجعل سد النهضة في المرتبة الأولي إفريقيا والعاشرة عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء. وحول فوائد سد النهضة أشار الدكتور شراقي في دراسته إلى أن الفائدة الكبرى لإثيوبيا من السد هو إنتاج الطاقة الكهرومائية "5250 ميجاوات" التي تعادل ما يقرب من ثلاثة أضعاف الطاقة المستخدمة حاليا والتحكم في الفيضانات التي تصيب السودان، خاصة عند سد الروصيرص مع توفير مياه قد يستخدم جزء منها في أغراض الزراعة المروية علاوة على حجز طمي النيل الأزرق الذي يقدر بنحو 420 مليارم3 سنويا، مما يطيل عمر السدود السودانية والسد العالي وتخفيف حمل وزن المياه المخزنة عند بحيرة السد العالي والتي تسبب بعض الزلازل الضعيفة. أما بالنسبة للأضرار الناجمة عن إنشاء السد كما يشير د. شراقي فهي تتمثل في التكلفة العالية التي تقدر ب- 4.8 مليار دولار، والتي من المتوقع أن تصل إلي 8 مليارات دولار وإغراق نحو نصف مليون فدان من الأراضي الزراعية القابلة للري والنادرة في حوض النيل الأزرق في بحيرة السد وعدم وجود مناطق أخري قريبة قابلة للري مع إغراق بعض مناطق التعدين مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس وبعض مناطق المحاجر وتهجير نحو 30 ألف مواطن من منطقة البحيرة. كما أكدت الدراسة قصر عمر السد، الذي يتراوح بين 25 و50 عاما، نتيجة الإطماء الشديد "420 ألف متر مكعب سنويا"، وما يتبعه من مشاكل كبيرة لتوربينات توليد الكهرباء، وتناقص في كفاءة السد تدريجيا مع زيادة فرص تعرض السد للانهيار، نتيجة العوامل الجيولوجية، وسرعة اندفاع مياه النيل الأزرق، والتي تصل في بعض فترات العام -شهر سبتمبر- إلي ما يزيد على نصف مليار متر مكعب يوميا، ومن ارتفاع يزيد على 2000م نحو مستوي 600م عند السد. وأضاف أنه إذا حدث ذلك، فإن الضرر الأكبر سوف يلحق بالقرى والمدن السودانية، خاصة الخرطوم، التي قد تجرفها المياه بطريقة تشبه السونامي الياباني "2011"مع زيادة فرصة حدوث زلازل بالمنطقة التي يتكون فيها الخزان، نظرا لوزن المياه التي لم تكن موجودة في المنطقة من قبل في بيئة صخرية متشققة من قبل. وفي النهاية أكد شراقي أن مصر والسودان سوف تفقدا كمية المياه التي تعادل سعة التخزين الميت لسد النهضة والتي تتراوح بين 5 و 25 مليارم3 حسب حجم الخزان، ولمرة واحدة فقط وفي السنة الأولي لافتتاح السد، نظرا لأن متوسط إيراد النيل الأزرق نحو 50 مليارم3 سنويا.