تعد امتحانات الثانوية العامة واحدة من أكثر القضايا حساسية فى المنظومة التعليمية، لما تمثله من تأثير مباشر على مستقبل الطلاب والقبول بالجامعات، إلى جانب ما تحمله من بعد اجتماعى ونفسى ضاغط على الأسرة المصرية، ومع تطور أساليب الغش خلال السنوات الأخيرة، تواجه وزارة التربية والتعليم تحديات مركبة تتجاوز حدود الإجراءات التقليدية داخل اللجان، لما تشهده وسائل الغش من تطور تكنولوجى هائل. وتواجه وزارة التربية والتعليم 6 تحديات أساسية تحتاج لحلول جذرية، والدولة من جهتها تضع ضمان نزاهة وحسن سير امتحانات الثانوية العامة على رأس أولوياتها وهو ما ظهر واضحا فى لقاء الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، مع محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى لاستعراض خطة الوزارة الشاملة لمنع الغش وتأمين أعمال الامتحانات فى مختلف المحافظات، مع التأكيد على تطبيق إجراءات حاسمة تضمن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب. التحدى الأول والأخطر الذى يواجه وزارة التربية والتعليم هو تطور أساليب الغش وتحولها إلى ظاهرة تقنية امتدت إلى وجود أجهزة اتصال دقيقة يمكن إخفاؤها بسهولة، وسماعات لاسلكية ذات أحجام متناهية الصغر، ومحاولات تصوير ورقة الأسئلة فور دخول اللجان، وإرسال الإجابات عبر تطبيقات سريعة ومشفرة. هذا التطور ساهم فى خلق شكل جديد من الغش يصعب رصده بالوسائل التقليدية، وهو ما يفرض ضرورة تحديث آليات المراقبة التقنية بشكل دورى، مع رفع وعى المراقبين ورؤساء اللجان بكيفية اكتشاف الأدوات الحديثة. التحدى الثانى يتمثل فى انتشار شبكات منظمة للغش منها ما يدعى اسم شاومنج محاولا إيهام الطلاب ببيع الامتحانات وهى واحدة من أكثر الإشكاليات خطورة بتحويل الامتحانات إلى نشاط يشبه «دارك ويب» للامتحانات تدير صفحات إلكترونية تتاجر بوهم التسريب، وتشمل مجموعات مغلقة على وسائل التواصل، وينتشر بين الطلاب وسطاء يجمعون مبالغ مالية وأطراف تستغل حالة القلق والضغط لدى الطالب وأسرته. هذه الظاهرة لم تعد مجرد تجاوزات فردية، بل أخذت طابعا منظما، يتطلب تعاونا بين الوزارة والأجهزة الأمنية ورصدا استباقيا للمحتوى الرقمي، وغلقا فورياً للصفحات المضللة، وتتبعا قانونيا لمعاقبة من يحاول زعزعة الاستقرار فى المنظومة الامتحانية أما التحدى الثالث فيتمثل فى ضغوط البنية التنظيمية وتفاوت جاهزية اللجان، وبعضها يفتقر لوجود رقابة بالكاميرات خاصة فى القرى والمناطق النائية وهو ما يحتاج إلى تعزيز الكثافة الرقابية فى بعض اللجان وتحقيق تدريب مستمر لرؤساء اللجان والمراقبين خاصة فى المدارس التى شهدت مخالفات سابقة وتحتاج إجراءات رقابية أكثر ومنع إجراء الاختبارات فيها. والتحدى الرابع يتمثل فى الضغط النفسى والاجتماعى وثقافة النجاح بأى ثمن وربط مستقبل الطالب بمجموعه فقط والخوف من الفشل وضغط الأسرة والمجتمع، كل هذه العوامل تولد مبررات للغش، تحتاج مواجهة اجتماعية ونفسية على مدى العام الدراسى وليس قبل الامتحانات فقط وتغيير مفهوم سائد لدى الطلاب، بأن الامتحان معركة عبور للجامعة. ويمثل التحدى الخامس عددا من الضغوط على المراقبين والعاملين بالامتحانات الذين يتحملون مسئوليات جسيمة تشمل ضبط محاولات الغش داخل اللجان والتعامل مع الضغوط والتوتر والتعامل مع المواقف الطارئة مثل تأخر ورق الأسئلة دون تعطيل سير الامتحان لكنهم يواجهون تحديات نفسية ومهنية مع احتمالات الاحتكاك مع الطلاب أو أولياء الأمور، دون حماية كافية لهم مما يؤدى لحالات تعدٍ على مراقبين ورؤساء لجان وهو ما يتطلب مزيدا من الحسم ضد من يتجاوز فى حق المراقبين وتوفير حماية قانونية لهم. والتحدى السادس الذى يواجه وزارة التربية والتعليم يتمثل فى إدارة الشائعات ومحاولات التشكيك فى المنظومة حيث تواجه الوزارة سنويا موجات من شائعات تسريب الامتحانات وانتشار معلومات مضللة على مواقع التواصل لإثارة القلق بين الطلاب والأسر، وللأسف تؤثر هذه الشائعات على الثقة العامة فى الامتحانات والحالة المعنوية للطلاب والصورة الذهنية للمنظومة التعليمية ولذلك تحتاج الوزارة إلى خطاب معلومات سريع وشفاف لاطلاع الرأى العام بشفافية على أى مشكلة تطرأ خلال العملية الامتحانية وتفسيرات واضحة لأى شكوك لدى الرأى العام حول وجود حالات غش. وأكد رئيس الوزراء خلال اللقاء أهمية التعامل الجاد مع محاولات الغش، خاصة مع تطور الوسائل المستخدمة فى السنوات الأخيرة، مشددًا على ضرورة اتخاذ إجراءات وقائية مسبقة، وتفعيل منظومة رقابية دقيقة داخل وخارج اللجان.