زار فريق من صندوق النقد الدولي، بقيادة السيدة فلادكوفا هولار، القاهرة في الفترة من 1 إلى 11 ديسمبر 2025، وأجرى بعد ذلك مناقشات افتراضية مثمرة مع السلطات المصرية حول حزمة من السياسات الاقتصادية والمالية التي من شأنها دعم إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة في إطار آلية الصندوق الممدد، والمراجعة الأولى في إطار آلية المرونة والاستدامة. وفي ختام المناقشات، أصدرت فلادكوفا هولار البيان التالي: "توصل فريق صندوق النقد الدولي والسلطات المصرية إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة في إطار ترتيبات تسهيل الصندوق الممدد، والمراجعة الأولى في إطار تسهيل المرونة والاستدامة". وأكد صندوق النقد، أن جهود تحقيق الاستقرار حققت مكاسب هامة، ويُظهر الاقتصاد المصري مؤشرات نمو قوي. وقد تحقق هذا الاستقرار في ظل بيئة أمنية إقليمية صعبة وحالة عدم يقين عالمية متزايدة. ارتفع النشاط الاقتصادي إلى 4.4% في السنة المالية 2024/2025، مقارنةً ب 2.4% في السنة السابقة، وكان الانتعاش واسع النطاق، مدعومًا بالأداء القوي في قطاعات الصناعات التحويلية غير النفطية والنقل والتمويل والسياحة. وتسارع النشاط الاقتصادي بشكل أكبر في الربع الأول من السنة المالية 2025/2026، ليصل إلى 5.3% (مقارنةً بالعام السابق). أداء قوي لميزان المدفوعات المصري .. وأوضح صندوق النقد، أن ميزان المدفوعات شهد تحسناً ملحوظاً، على الرغم من التطورات الخارجية السلبية. وعلى وجه الخصوص، انخفض عجز الحساب الجاري، حيث حافظت كل من التحويلات المالية وعائدات السياحة على قوتها، وسجلت الصادرات غير النفطية نمواً قوياً. وتحسنت الأوضاع المالية الخارجية بشكل ملحوظ في عام 2025، حيث ارتفع رصيد تدفقات غير المقيمين إلى ديون العملة المحلية إلى حوالي 30 مليار دولار أمريكي، وبلغت احتياطيات العملات الأجنبية 56.9 مليار دولار أمريكي. وظل الأداء المالي قوياً، مع فائض في الميزان الأولي بنسبة 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024/2025. وذلك على الرغم من الأداء القوي للإيرادات الضريبية التي نمت بنسبة 36% في السنة المالية 2024/2025 و35% خلال الفترة من يوليو إلى نوفمبر 2025/2026، من خلال إصلاحات لتوسيع القاعدة الضريبية، وتحسين الامتثال الضريبي الطوعي، وتبسيط الإعفاءات، وظلّت نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستويات معتدلة وفقًا للمعايير الدولية في السنة المالية 2024/2025 (12.2% من الناتج المحلي الإجمالي). لذا، يلزم بذل جهود متواصلة لسدّ الفجوة بين الضرائب والناتج المحلي الإجمالي، ووضع الدين العام لقطاع الميزانية على مسار تنازلي ثابت، مع ضمان استمرار الإنفاق الاجتماعي الموجّه. نجاح البنك المركزي المصري في كبح جماح التضخم .. وأكد صندوق النقد الدولي، أن البنك المركزي المصري حافظ على سياسة نقدية متشددة، مُتّبعًا نهجًا حذرًا وتدريجيًا لتخفيف التضخم. ومن المتوقع استمرار هذه الإدارة الدقيقة لدورة التيسير النقدي، إذ تشير قراءات التضخم الشهرية إلى أن ضغوط خفض التضخم لم تترسخ بعد. وقد ارتفع معدل التضخم الرئيسي في المدن ارتفاعًا طفيفًا إلى 12.3% (على أساس سنوي) في نوفمبر، بعد أن سجل أدنى مستوى له في 40 شهرًا في سبتمبر. ويعود ذلك إلى السياسات المالية والنقدية المتشددة، والقضاء على نقص العملات الأجنبية، وتلاشي أثر انخفاض قيمة العملة السابق. ويتطلب الوجود الواسع للبنوك المملوكة للدولة في النظام المالي استمرار ممارسات حوكمة قوية للحفاظ على سلامة النظام المالي، وتعزيز آلية انتقال السياسة النقدية القائمة على السوق، وتشجيع المنافسة في القطاع المصرفي، ولتحقيق هذه الغاية، يلتزم البنك المركزي المصري بمتابعة عمليات المراجعة التي بدأها مع جهات خارجية مستقلة لضمان تطبيق أفضل الممارسات. خفض الاحتياجات التمويلية الإجمالية وقال صندوق النقد الدولي، إن الحكومة المصرية، أكدت مجددًا التزامها بالحفاظ على الانضباط المالي، وخفض الاحتياجات التمويلية الإجمالية، ووضع ديون القطاع العام على مسار تنازلي مستدام. وفي هذا الصدد، تستهدف تحقيق فائض في الميزان الأولي (بما في ذلك صافي اقتناء الأصول المالية) بنسبة 4.8% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية الحالية، و5% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2026/2027. ومن المتوقع أيضًا أن يوافق مجلس الوزراء في يناير 2026 على حزمة إصلاحات ضريبية داعمة للنمو لزيادة تحصيل الضرائب بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية المقبلة. وبينما لا يزال الوضع المالي للهيئة المصرية العامة للبترول يمثل مصدرًا للمخاطر المالية، فقد ساهمت الإجراءات الأخيرة في تحسين مواردها المالية، بما في ذلك تحقيق استرداد التكاليف على المنتجات المشمولة بآلية فهرسة أسعار الوقود بالتجزئة. زيادة المخصصات المالية لبرامج الحماية الاجتماعية .. وأشار صندوق النقد، إلس تأكيد الحكومة المصرية، مجددًا التزامها بزيادة المخصصات لبرنامج التحويلات النقدية المشروطة (التكافل والكرامة) إلى جانب رأس المال البشري وغيره من تدابير وبرامج الحماية الاجتماعية الموجهة، ونظرًا لأهمية هذه البرامج، اقترحت البعثة النظر في زيادة المخصصات المالية المخصصة لهذه المجالات. ولفت صندوق النقد الدولي، إلي أنه مع بدء استقرار الاقتصاد الكلي، بات من الضروري لمصر الانتقال نحو نموذج اقتصادي أكثر استدامة من خلال تسريع وتيرة الإصلاحات التي من شأنها أن توفر للقطاع الخاص المساحة والفرصة اللازمتين للنمو والازدهار، وفي هذا السياق، ناقشت السلطات وفريق صندوق النقد الدولي أهداف الرؤية الوطنية للتنمية الاقتصادية، التي تُعطي الأولوية لبرنامج إصلاحي يهدف إلى تحويل نموذج النمو في مصر نحو اقتصاد أكثر تنافسية يقوده القطاع الخاص. وأوضح صندوق النقد الدولي، اتخاذ الحكومة المصرية، خطوات لتحسين بيئة الأعمال، لا سيما فيما يتعلق بتيسير التجارة وتبسيط الإجراءات الضريبية، حيث أقرّ المشاركون من القطاع الخاص بالنتائج المحققة في هذا المجال. وفي المستقبل، يجب تسريع الجهود الرامية إلى تقليص دور الدولة، بما في ذلك إحراز تقدم ملموس في برنامج التخصيص، وبذل جهود إضافية لتحقيق تكافؤ الفرص، وتجنب إنشاء أو توسيع أنشطة الشركات المملوكة للدولة القائمة وغيرها من الهيئات الاقتصادية. اقرأ أيضًا| بعثة صندوق النقد الدولي توافق على المراجعة الخامسة والسادسة لقرض مصر وأكد صندوق النقد، أت الإصلاحات المتعلقة بآلية المرونة والاستدامة تسير وفق الخطة الموضوعة، وقد نفّذت الحكومة المصرية بالفعل إجراءين رئيسيين في مجال التخفيف من آثار تغير المناخ عبر نشر جدول زمني يحدد خطة التنفيذ لتحقيق أهداف الطاقة المتجددة، وفي مجال تمويل المناخ، أصدر البنك المركزي المصري توجيه يلزم البنوك برصد وتقديم تقارير عن انكشافها على الشركات التي قد تواجه مخاطر انتقالية جوهرية نتيجة اعتماد آلية تعديل الكربون على الحدود، كما تُحرز السلطات تقدماً ملحوظاً في تنفيذ بقية إجراءات الإصلاح. وأعرب فريق صندوق النقد الدولي، عن امتنانه للسلطات المصرية على المناقشات البنّاءة وحسن الضيافة خلال الزيارة.