نائب محافظ الجيزة تترأس لقاء المواطنين لمتابعة الشكاوى وحلها    منتخب مصر يفوز بهدفين مقابل هدف على نيجيريا وديا    رواية "ظل الإمام" للكاتبة نهلة النمر تشارك بمعرض الكتاب القادم    رئيس الموساد يكشف التقديرات الاستخباراتية للبرنامج النووي الإيراني    نائب رئيس اتحاد بلديات غزة: الأوضاع الإنسانية في خان يونس كارثية    محمد رمضان يكشف سبب مداومته علي أداء ركعتي قضاء الحاجة (فيديو)    بعثة الاتحاد الأوروبي تزور متحف ملوي ومنطقة بني حسن الأثرية بالمنيا    بتر ذراع طفل إثر إصابته بصعق كهربائي من محول بالفيوم    «البكالوريا الفنية».. شهادة جديدة لطلاب التعليم الفني بدءًا من العام المقبل    شيخ الأزهر يستقبل مدير كلية الدفاع الوطني ويتفقان على تعزيز التعاون المشترك    أحمد سالم ل كلمة أخيرة: تصدير العقار المصري أمل المستقبل    محافظ الجيزة يشهد فعاليات الجلسة الختامية للندوة العالمية الثانية لدار الإفتاء    «التموين» تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 70%    «القومي للمرأة» يشارك في احتفالية اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة    ضبط تاجري تموين لاستيلائهما على 2 طن سكر بدمنهور    افتتاح الدورة السابعة من مهرجان القاهرة للفيلم القصير بحضور يسري نصر الله وعائشة بن أحمد    رضا هيكل يفسخ عقده مع نادي حتا الإماراتي.. والزمالك يرغب في ضمه    أنطوان سيمنيو بين السيتي واليونايتد.. من يحسم الصفقة؟    غزة تشهد جحيما إنسانيا.. الهيئة الدولية لدعم فلسطين تحذر من نقص المساعدات وعرقلة إدخال الكرفانات    لا إغلاق لأى مصنع.. خطة للتقنين ودعم العمالة وإبقاء تبعية هيئة القطن ل «الاستثمار»    نظر قضية المتهم بقتل زوجته فى المنوفية بسبب خلافات بينهما يناير المقبل    رئيس هيئة المحطات النووية يشارك في فعاليات المنتدى العربي السابع    إقبال في اليوم الثاني من إعادة انتخابات مجلس النواب 2025 بالأردن    أمم إفريقيا - استدعاء لاعب نهضة بركان لتعويض مدافع أندرلخت في قائمة السنغال    الجيش الألماني ينهي مهمة نظام باتريوت لحماية المجال الجوي للناتو في بولندا    ما حكم من يتسبب في قطيعة صلة الرحم؟.. "الإفتاء" تجيب    السكرتير العام لبني سويف يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الخطة الاستثمارية    الكشف على 1208 مواطنين ضمن القافلة الطبية بقرية أبو جازية بالإسماعيلية    وزير الثقافة يعتمد أجندة فعاليات الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    حفل جوائز ذا بيست.. سارينا فيجمان أفضل مدرب للكرة النسائية 2025    التأمين الصحى الشامل.. خطوات الاشتراك ومزايا الرعاية الطبية المتكاملة للأسرة    افتتاح متحف قرّاء القرآن الكريم بالعاصمة الجديدة: هنو يشيد بتقدير الدولة للقراء.. والأزهري: خطوة للحفاظ على الهوية الدينية    حلمي عبد الباقي يرد على توجيه اتهامات له في التحقيق: غير صحيح    وزير الخارجية يؤكد ضرورة الارتقاء بمستوى الخدمات القنصلية المقدمة للمواطنين    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يهز أنطاليا التركية    إغلاق ملف فيتوريا رسميًا.. تسوية نهائية بين المدرب واتحاد الكرة في «CAS»    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    ذا بيست.. دوناروما أفضل حارس مرمى في العالم 2025    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجى البحيرة إلى يوم 12 يناير    اعتدى على أطفال وصورهم.. تجديد حبس مدرب أكاديمية الكرة بالمنصورة    الصحة تُحذر من تخزين المضاد الحيوي واستعماله مرة أخرى    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    «المصدر» تنشر لائحة النظام الأساسي للنقابة العامة للعاملين بالتعليم والبحث العلمى    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    جولة مفاجئة لمدير "تعليم الجيزة" في مدارس العمرانية    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    مصر ترحب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارين يؤكدان الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني    الزمالك يجدد ثقته في نزاهة جهات التحقيق في أرض أكتوبر ويؤكد التزامه الكامل بالقانون في قضية أرض أكتوبر (بيان رسمي)    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    قانون العمل الجديد يُلزم أصحاب العمل بإنشاء دور حضانة لرعاية الأطفال    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالمي للفتوى يبحث الدور الإفتائي في مواجهة السيولة الأخلاقية
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 15 - 12 - 2025

نظم المؤشر العالمي للفتوى، اليوم الإثنين، ورشة عمل تحت عنوان «تحديات إنسانية معاصرة: دور الفتوى في مواجهة السيولة الأخلاقية وتعزيز الأمن الفكري»؛ ضمن أعمال الندوة الدولية الثانية للأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم؛ وذلك لبيان دَور الفتوى الرشيدة في التعامل مع قضايا الواقع الإنساني ومواجهة التحديات الفكرية المعاصرة، وعلى رأسها ظاهرة السيولة الأخلاقية وما تمثله من تهديد مباشر للأمن الفكري والاستقرار المجتمعي.
اقرأ أيضا| مفتي الجمهورية: القيادة السياسية ترعى باستمرار مسيرة الإفتاء الرشيد
أدارت الورشة الدكتورة عائشة المناعي، مدير مركز محمد بن حمد آل ثاني لإسهامات المسلمين في الحضارة، ومقرر الورشة الدكتور طارق أبو هشيمة، مدير المؤشر العالمي للفتوى، وشهدت حضور نخبة من العلماء ورجال الفكر وعلماء دار الإفتاء المصرية وفريق الباحثين بمؤشر الفتوى.
وأكدت د. عائشة المناعي أن هذه الجلسة تستهدف التعريف العلمي بمفاهيم الأمن الفكري والحصانة الفكرية والسيولة الأخلاقية، والفتوى المنضبطة في الإطار الشرعي، وتشخيص التحديات التي تهدد الهوية الإسلامية وكيفية تعامل الخطاب الإفتائي معها، والتأكيد على أهمية مرجعية العلماء الراسخين في ضبط المصطلحات الفكرية.
وعرض د. طارق أبو هشيمة خلال هذه الورشة دراسة علمية اعتمدت على تحليل 500 فتوى ورأي لتوضيح دور الفتوى في مواجهة السيولة الأخلاقية وتعزيز الأمن الفكري، أكد خلالها أن الفتوى المنضبطة تُعدُّ الركيزة الأولى للأمن الفكري والتعايش، حيث تعمل على حماية الهُويَّة الوطنية ومواجهة مظاهر الانحراف الفكري في النفس والمجتمع، كما كشف أن القضايا المرتبطة بالتغريب والسيولة الأخلاقية لا تزال تمثل تحديًا متصاعدًا في ظل التحولات الرقمية المعاصرة.
ودعا مدير مؤشر الفتوى إلى ضرورة اتخاذ خطوات فعّالة لترسيخ الأمن الفكري، أهمها تركيز العلماء على بيان حقيقة الإسلام الصحيح وعقيدته الراسخة، والتأكيد على حفظ الإسلام للضروريات الخمس وأثر ذلك في ترسيخ الأمن، لا سيما الأمن الفكري، والعمل على تفعيل دور المؤسسات الدينية فيما يصدر عنها من بيانات تتعلق بالأمن الفكري، بحيث تنشر في وسائل الإعلام المختلفة، وفي المساجد وغيرها، فضلًا عن التأكيد على أهمية إيلاء الفتاوى المتعلقة بالقضايا التكنولوجية مزيدًا من الاجتهاد الفقهي والبحث والتنقيح والدراسة.
من جانبه، أكد الدكتور أيمن عبد الوهاب، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الاستمرار في دعم الحوار بين المدارس الفكرية المختلفة وإعمال العقل النقدي يمثل المدخل الحقيقي لمواجهة الأزمات المتراكمة التي تعيشها المجتمعات العربية، مشيرًا إلى أن هذه المجتمعات لا تزال تقليدية في بنيتها الثقافية، رغم ما يبدو من مظاهر حداثة سطحية، بينما تعمقت القضايا الاجتماعية والفكرية القديمة وأصبحت أكثر خطورة، وهو ما يفرض التفكير في المستقبل برؤية مختلفة في ظل أزمة مركبة.
وأوضح د. عبد الوهاب أن استيراد مفاهيم ما بعد الحداثة، مثل «السيولة الأخلاقية»، وتطبيقها دون مواءمة داخل الإطار الديني والثقافي العربي، يخلق إشكاليات عميقة، لافتًا النظر إلى أن التجربة الأوروبية نفسها تعاني من مأزق التمييز بين حقوق الإنسان وحقوق المواطنة، ما يعكس حجم الإرباك الذي تعيشه المجتمعات التقليدية العالقة بين قشور الحداثة وتعقيدات الواقع.
وأضاف أن طرح الفتوى والخطاب الديني بات أكثر تعقيدًا في ظل تحولات كبرى فرضتها الثورة التكنولوجية الرابعة والخامسة، وما تثيره من تساؤلات حول مفهوم الإنسانية ودور الدين في عالم متغير.
وأشار مدير مركز الأهرام إلى أن الثورة التكنولوجية حولت الثقافة الرقمية إلى مصدر رئيسي للمعرفة، في وقت لا يزال فيه الحضور العربي داخل الخوارزميات محدودًا، بما يشكل تحديًا كبيرًا أمام نقل المعرفة وبناء وعي الأجيال الجديدة، وشدد على أن مسؤولية مواجهة هذا التحدي تقع على عاتق مؤسسات الدولة كافة عبر إنتاج نموذج معرفي متكامل يعبر عن الخصوصية العربية، محذرًا من أن الاستقطاب الفكري للأجيال الحالية، خاصة مع تنامي النزعات اللادينية بين الشباب، يتطلب رؤية مستقبلية شاملة تجمع بين البعد الاقتصادي والمكون الأخلاقي.
وفي مداخلة أخرى، أوضح د. عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أننا في عام 2027 سنكون في عالم آخر مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، والحل هو سُنة توليد العلوم، فنحن نحتاج إلى نشأة علوم بمسمى "علوم الوعي"، ويتفرع منها علم أصول الوعي وعلم أصول الحضارة وغيرها، فالوعي للحياة وليس للثقافة، فهو صناعة ثقيلة، والتساؤل المفترض أن نطرحه هل سنتمكن من مواصلة ومواكبة الحضارة القادمة أم لا؟
ولفت د. الورداني الانتباه إلى أن هناك ما يسمى بالنهايات الخمس: نهاية اللغة ونهاية الثقافة، ونهاية الدين ونهاية الأسرة ثم نهاية الدولة، وهي مصطلحات ما بعد الحداثة، فضياع اللغة السبب في أننا غرقنا في هذه السيولة الأخلاقية، فأصبحنا في زمن المعرفة المولدة من الخوارزميات التي تعرفنا جيدًا ونحن لا نعرفها، فنحن لا نستطيع أن نتوقع ما الذي سيحدث، وهذا ما أُريد بشكل واضح من القضاء على الثقافة، فهناك من ينتج تقليدًا للإنسان، سواء كان في شكل الجسد أو إدخال أي مرجعية مختلفة لفكر وعقل الإنسان.
كما أضاف أن مشكلتنا تكمن في استمرار حديثنا عن الصراع بين الثقافات، قائلًا: أظن أننا نتكلم عن الأمن الفكري وكأننا ما زلنا محتلَّين، وهذا خطأ، فالأمن الفكري مفهوم إيجابي ولا يجوز أن نعرفه بأنه مواجهة للتحديات، فنعرفه على أنه حالة من النضج والاستقرار المعرفي الذي يمكن المجتمع من التفكير البناء الحر.
وبدوره، أوضح د. عادل فهمي، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة والمتخصص في الضوابط التشريعية والأخلاقية للإعلام الرقمي، أن "الأمن الفكري" يعني امتلاك الفرد للحصانة الفكرية اللازمة ضد أية تيارات فكرية منحرفة وضد الاتجاهات التخريبية للذات وللآخرين، وكذلك امتلاك المجتمع لمنظومة قيمية لا يتطرق إليها التهديد، وأنه لا يوجد تصادم بين وجهة المجتمع المستقبلية وبين جذوره التاريخية، وثوابته الدينية.
واشار إلى أن ما يحدث من عمليات الاختراق الفكري مخططة ومقصودة من قوى الهيمنة، وأن جوهر الأمن الفكري يكمن في المحافظة على عقل سليم قوي، يملك القدرة على وزن الأمور بموازين النقد والتمييز والفرز والتمحيص، ومعرفة الصالح من الفاسد.
كما أشار د. عادل إلى أن دَور الفتوى يتمثل في ضرورة التعامل مع جذور هذه الظاهرة ومحاصرة تداعياتها المدمرة، سواء على مستوى الفرد بإعداده إيمانيًّا وعقليًّا ونفسيًّا إعدادًا سليمًا عبر منهج بنائي تأسيسي، أو مستوى المنظومة الفكرية؛ وذلك بتحصين المنظومة الفكرية للمجتمع المصري، وحمايتها من كل فكر دخيل منحرف في عصر السيولة الخوارزمية ومنظومات الذكاء الاصطناعي، وأنهى مداخلته بأن ظواهر السيولة الأخلاقية ذات أبعاد متعددة ومعقدة، ومعالجتها يتطلب جهدًا أكبر ووقتًا أطول وعملًا متكاملًا ومستمرًّا.
وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة ناهد عبد الحميد، المنسق الثقافي بوزارة الثقافة، أن العالم يعيش حالة غير مسبوقة من تسارع الثورة التكنولوجية وهيمنة الخوارزميات، واصفة الوضع الراهن ب«المرعب»، مشيرة إلى أن مواجهة هذه التحولات لا تقع على عاتق مؤسسة بعينها، بل تمثل مسؤولية جماعية تشترك فيها جميع مؤسسات الدولة، وليس دار الإفتاء وحدها، من خلال تعريف علوم الوعي وتعزيزها في المجال العام.
وشددت د. ناهد على أن قضية الوعي هي قضية مجتمعية شاملة، تقع في قلب أدوار المؤسسات الدينية والثقافية، وكذلك مؤسسات التنشئة المختلفة، وعلى رأسها الأسرة، والتعليم قبل الجامعي، والتعليم العالي، إلى جانب الأزهر الشريف والكنيسة ووسائل الإعلام.
أوضحت أن التكامل بين الفتوى والمجالات الثقافية والفنية يمثل مدخلًا أساسيًّا لتعزيز الأمن الفكري والوعي المجتمعي، بما يستدعي تجديد الخطاب الديني والخطاب الثقافي والإعلامي معًا، في إطار رؤية واحدة متكاملة.
من جانبه، أكد د. عمرو عبد المنعم، الكاتب الصحفي والخبير بالحركات المتطرفة، أن الفتوى في مصر أدت دورًا محوريًّا خلال القرن العشرين، حيث لم تعد مقتصرة على العبادات فقط، بل امتدت لتشمل الاقتصاد والأسرة والأخلاق والسياسة والأمن الفكري، وأوضح أن الأزهر ودار الإفتاء شكَّلا جسرًا بين النص الديني والتحولات الاجتماعية، لتصبح الفتوى أداة فعَّالة للتغيير والإصلاح المجتمعي، توازن بين الثوابت الشرعية ومتطلبات المجتمع المتغير.
وأشار د. عمرو إلى أن الأزهر ودار الإفتاء اهتما بإصدار فتاوى تراعي الواقع الاجتماعي والاقتصادي، مثل تنظيم النسل ومواجهة الفساد المالي والاقتصادي، إلى جانب فتاوى الأمن الفكري التي ردعت التطرف، مؤكدًا أن الفتوى اليوم تواجه تحديات "السيولة الأخلاقية" الناتجة عن التحولات الثقافية والفكرية والتقنية وانتشار منصات التواصل الاجتماعي، وأن الفتوى ستظل أداة أساسية لإعادة ضبط القيم وحماية الشباب من الانحراف، مع تقديم إرشاد واضح للتعامل مع المستجدات الرقمية والمعرفية في العصر الحديث.
وفي السياق ذاته، أشارت د. مونيكا عياد، الصحفية والباحثة حول الميتافيرس والأمن الفكري، إلى تجربة "الجامعة العربية" وتبنِّيها إستراتيجية لتطوير فكرة الإعلام الفكري، مؤكدة أن هذه الإستراتيجيات هي ما نحتاج إليه اليوم.
وأضافت: كل المجالات دخل فيها حاليًّا الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمكن استغلاله والاستفادة منه بما يمكن استخدامه في مجال الفتاوى بالتعاون بين دار الإفتاء والمراكز البحثية لتحليل قاعدة بيانات الفتاوى والتنبؤ بما سيحدث لمواجهة تأثير هذه الثورة التكنولوجية على الواقع الإفتائي.
كما أكد د. عماد هلال رئيس قسم التاريخ بجامعة قناة السويس، أن العمل الإحصائي مهم ومطلوب ولم يعفُ عليه الزمن ، وأننا لسنا ملزمين بالأخذ بمعايير الحداثة الغربية، وأن جيل z وألفا أطفال سيتغيرون مع الزمن والمعارف ، فالأمر ليس بهذه الخطورة ، وهو ما أكدته دراسة "مؤشر الفتوى" التي جاءت مطمئنة لنا جميعًا؛ لأنها أوضحت أن الفتوى المنضبطة استحوذت على النسبة الكبرى من الفتاوى التي تناولت قضايا التعايش والهوية الإسلامية.
من جانبها، أوضحت د. أمل مختار، الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن دار الإفتاء تمتلك كنزًا معرفيًّا ضخمًا يتمثل في الكمِّ الهائل من الفتاوى المصرية والعالمية المتراكمة عبر السنوات، بما يسمح بالاستفادة منه علميًّا وبحثيًّا في الدراسات الاجتماعية والفكرية، خاصة تلك المرتبطة بتحولات المجتمع وأسئلته الراهنة.
وأكدت أن قضايا الهوية، وعلى رأسها العلاقة بين الرجل والمرأة، تُعد من أكثر القضايا حساسية وتعقيدًا في الخطاب الديني، مشيرة إلى أن فتاوى المرأة تمثل محورًا اجتماعيًّا بالغ الأهمية، وتُستغل بشكل مباشر من قِبل تنظيمات الإرهاب والتطرف، التي تقدم قراءات مشوهة لمكانة المرأة وحقوقها، مستشهدة بما تطرحه حركات مثل «طالبان» من جدل حول أحقية المرأة في التعليم، وهو ما يكشف عن العمق المجتمعي الكبير لهذه القضايا وتأثيرها المباشر على الاستقرار الفكري والاجتماعي.
وأوضحت أن حجم التساؤلات المرتبطة بالعنف الموجهة للمؤسسة الإفتائية، يكشف عن عمق القلق داخل المجتمع، مشددة على أن أكثر القضايا التي يتجرأ البعض على التشكيك فيها داخل الدين الإسلامي هي القضايا المتعلقة بالمرأة؛ ما يستدعي معالجة واعية ومتكاملة تستند إلى الفهم والسياق لا الاجتزاء والإثارة، كما أوصت أيضًا بعمل دراسة مشتركة بين مركز الأهرام والمؤشر العالمي للفتوى عن قضايا المرأة.
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور محمد بناية، عضو مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن التهويل من خطورة وسائل التواصل الاجتماعي يُغفل جوهر الأزمة الحقيقية، المتمثلة في أزماتنا الداخلية وطريقة تعاملنا مع الواقع، وعلى رأسها محاولة الفصل بين الدين والدنيا، وهو نموذج قد يصلح في السياق الغربي لكنه لا يتناسب مع طبيعة المجتمع العربي، وأوضح أن غياب التكامل بين مؤسسات الدولة، التي تعمل كجزر منعزلة، إلى جانب الانفصال المتزايد عن الأجيال الجديدة بسبب لغة خطاب غير ملائمة، خاصة حين يُتصور أن التشدد هو الوسيلة الأنسب لمخاطبة الشباب، كلها عوامل تعمِّق الفجوة الفكرية وتستدعي مراجعة جادة لأساليب الخطاب والتواصل.
فيما أكدت د. رهام عبد الله سلامة، مدير مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن مفهوم السيولة الأخلاقية، رغم أنه غربي في الأصل، موجود أيضًا في المجتمع المصري، مشيرة إلى أن الشائع والترند على المنصات الرقمية أصبح أحد أهم مرتكزات تشكيل الوعي الأخلاقي، حتى لو كان المفهوم مأخوذًا من الخارج.
وأوضحت أن التأثير انتقل تدريجيًّا من المؤسسات التقليدية إلى الخوارزميات الرقمية، مستشهدة بدراسة لمركز رصد الأزهر للتطرف، والتي أشارت إلى أن 50٪ من الشباب يستقون معلوماتهم عن القيم والأخلاق من المحتوى الرقمي، ما يفسر جزئيًّا لماذا لا ينمو التطرف في بيئة مستقرة ومحكمة.
وأضافت سلامة أن الخطابات غير المنضبطة غالبًا ما تبدأ بتمييع المفاهيم وإعادة تعريف القيم الدينية خارج سياقاتها الأصلية، مشيرًا إلى أن الشباب لا يرفضون القيم بحد ذاتها، بل يرفضون الخطاب غير القادر على مخاطبة عقولهم، وشددت على أن المجتمع المسلم، الذي يزيد عدده عن 2 مليار نسمة، بحاجة إلى تقديم رؤية متكاملة وشاملة للقيم الدينية والأخلاقية، بعيدًا عن أي خطاب قد يكون غير شمولي أو غير قادر على التواصل مع أجيال اليوم.
وبدوره، أكد د. أحمد بان كاتب وباحث ومتخصص في فكر التنظيمات المتطرفة أن التناول الأكاديمي للواقع غالبًا ما يظل في إطار العبارات المهذبة، مستشهدًا بتجربة أمريكا التي رفعت شعار «أمة في خطر» بسبب خلل في أحد المناهج، لكنه شدد على أن مشاكل الخطاب الديني ليست منفصلة عن المجتمع، بل هي جزء من بنيته، مشيرًا إلى أن مصر كثيرًا ما تكتفي بوصف المشكلات دون الانتقال إلى العلاج أو التنفيذ، وهو ما يعكس فجوة في الحيوية ودور مؤسسات الدولة.
وأشار د. بان إلى أن القضية أكثر تعقيدًا من مجرد التشخيص، إذ إن أي محاولة لعلاج المشكلات تتطلب وجود روافع داخل المجتمع لدخول الحلول حيِّز التنفيذ، وأضاف أن المجتمع لا يزال ينعزل في «غرف مغلقة» ويواجه صعوبة في ربط العلوم الدينية ببقية العلوم، ما يحد من قدرة الخطاب الديني على التواصل الفعّال مع التحديات المعاصرة.
وهو ما اتفق معه د. حسني متولي، عضو مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، مؤكدًا أن الأمن الفكري لا يتحقق إلا بتجنب الانحرافات المتطرفة.
وقال د. حمادة شعبان، عضو مرصد الأزهر لمكافحة التطرف: إننا رصدنا بعض القضايا المعاصرة التي تهدد الأمن الفكري ونسير بالفعل في نشر التوعية والتحصين، مشيرًا إلى مبادرة الأزهر الشريف التي جاءت تحت عنوان: "اعرف أكثر" واستهدفت توعية طلاب المدارس وترسيخ فكرة أن للحضارة جناحًا ماديًّا وقيميًّا.
ووجه محمد عبد النبي، مذيع بإذاعة شمال سيناء، الشكر إلى الجهود المبذولة من قِبل المؤسسات الدينية في مصر لما تقوم به من جهود في مواجهة التطرف الفكري، مستشهدًا بالقوافل الدعوية لكلٍّ من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء المصرية لتعزيز الأمن الفكري في سيناء.
وشاركت د. سميرة لوقا، مدير أول قطاع الحوار بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية بمداخلة أكدت خلالها أن من يبحث في الذكاء الاصطناعي يبحث في مخزن كبير، وأن الأفكار التي تولدها تلك التقنيات هي نتاج بحثنا، فالنتيجة الصادرة من البحث هو أسهمتُ به في تغذيته، فلا بد أن نذكِّر أنفسنا دومًا بأن ما نخزنه نحن اليوم في تلك التقنيات هو ما سيتولد للأجيال القادمة ويؤثر على قيمهم وأخلاقهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.