اختتم المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية فعاليات اليوم الأول من مؤتمره السنوي الخامس والعشرين، بعقد الجلسة الثالثة التي حملت عنوان «الذكاء الاصطناعي والأمن المجتمعي»، برئاسة اللواء الدكتور أحمد الجيزاوي، مدير كلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة سابقًا. اقرأ أيضا| تفاصيل انعقاد المؤتمر السنوي 25 للمركز القومي للبحوث وأكد رئيس الجلسة أن الذكاء الاصطناعي، رغم إسهاماته الإيجابية الواضحة في تطوير منظومات التعليم والرعاية الصحية، ودعم مسارات التنمية المستدامة، وبناء المدن الذكية، وترشيد الطاقة، وتحليل البيانات الضخمة، إلا أنه أفرز في المقابل تحديات خطيرة تمس استقرار المجتمعات، من أبرزها جرائم التزييف العميق، والتطبيقات الخوارزمية المنحازة، والفقاعات الرقمية، وما ينتج عنها من استقطاب مجتمعي متزايد، خاصة بين الأجيال المختلفة، بما يهدد منظومة القيم المجتمعية وقدرة المجتمعات على صياغة رؤية قيمية للمستقبل. وشهدت الجلسة عرض ثلاث أوراق علمية تناولت الأبعاد التشريعية والاجتماعية والإنسانية للأمن المجتمعي في ظل التحولات الرقمية المتسارعة. فقدمت الأستاذة الدكتورة سهير عبد المنعم، أستاذ القانون الجنائي بالمركز، ورقة بحثية بعنوان «الثقافة والسياسة التشريعية في مصر: الأمن المجتمعي في ظل تحديات الذكاء الاصطناعي»، تناولت خلالها العلاقة التفاعلية بين الثقافة والسياسات التشريعية ومتطلبات الأمن المجتمعي، مؤكدة أن مواجهة المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تستلزم استجابة قانونية متكاملة ومتعددة الأبعاد. كما استعرضت الدكتورة سعدية يونس، الباحثة بمكتب فضيلة الأمين العام بمجمع البحوث الإسلامية، ورقتها بعنوان «أثر الذكاء الاصطناعي على السلم العالمي»، حيث ناقشت التأثيرات المتشابكة للذكاء الاصطناعي على الواقع الإنساني المعاصر، موضحة أنه يمثل أداة ذات تأثير مزدوج، قادرة على الإسهام في معالجة التحديات العالمية أو تعميقها، وذلك من خلال منهج نقدي وتحليلي لتقييم تطبيقات الذكاء الاصطناعي والقضايا المتأثرة بها. وفي السياق ذاته، قدمت الدكتورة نجلاء محمد، مساعد مدير مركز الفلك وعلوم الفضاء بمجمع البحوث الإسلامية، ورقة بحثية بعنوان «مستقبل السلم المجتمعي في عصر الذكاء الاصطناعي: إشكالية التنبؤ الإنساني وفقدان السيطرة الأخلاقية»، حذرت خلالها من اتساع الفجوة بين التسارع التكنولوجي وقدرة الإنسان على ضبط النظم الذكية أخلاقيًا، خاصة تلك التي تتخذ قرارات مصيرية تمس العدالة والهوية والثقة العامة، مؤكدة أن أي خلل في هذه المنظومة يمثل تهديدًا مباشرًا لتماسك المجتمعات. وأدار التعقيب على الجلسة كل من المهندسة إيمان علي، المحاضر بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، والمستشار أحمد عبد الحكيم، رئيس محكمة الاستئناف وعضو المكتب الفني لوزير العدل، إلى جانب مشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين وصناع القرار والإعلاميين والمهتمين بالشأن العام، في نقاش موسع حول سبل تعزيز الأمن المجتمعي في ظل التحديات المتنامية للذكاء الاصطناعي.