فى وقت تراوغ فيه إسرائيل بكل سبل وتتخذ من عدم العثور على رفات الرهينة الأخيرة ذريعة للتلكؤ وتعطيل مسار السلام، تبذل مصر جهودًا مضنية، وتمارس إدارة الرئيس ترامب الضغوط للتعجيل بالانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، الذى تم توقيعه برعاية أمريكية ووساطة مصرية - قطرية فى شرم الشيخ 9 أكتوبر الماضى. فقد قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو «إن وفدًا يضم مسئولين من الجيش الإسرائيلى، وجهاز الشاباك، والموساد» أجرى محادثات مع الوسطاء لضمان عودة رفات الرهينة الأخير «الرقيب أول ران جويلى»، والتى تقول إسرائيل إنه باستعادته ستبدأ المرحلة الثانية من خطة ترامب ويعاد فتح معبر رفح الحدودى بين مصر وغزة بالاتجاهين. اقرأ أيضًا | ماهر مقلد: عدم الضغط على إسرائيل يدفعها لاستمرار عدوانها على لبنان ويأتى ذلك بعد رفض مصر الصارم لما أعلنته إسرائيل عن فتح معبر رفح من الجانب الفلسطينى فى اتجاه واحد فقط للخروج بلا عودة، مؤكدة تمسكها بموقفها بفتح المعبر من الجانبين وفقاً للاتفاق. فى الوقت نفسه، قالت القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية إن الرئيس ترامب سيعلن، بحلول منتصف الشهر الحالى، تفاصيل المرحلة الثانية وتركيبة مجلس السلام والقوة الدولية واللجنة التى ستدير القطاع». وأن الإدارة الأمريكية فى المرحلة النهائية لاختبار أسماء لجنة التكنوقراط الفلسطينية وتركيبة القوة الدولية، وأن مجلس السلام سيتكون من 10 أشخاص برئاسة ترامب، وتتبع له إدارة دولية برئاسة تونى بلير وصهره جاريد كوشنير ومستشاره ستيف ويتكوف، «فيما ستتكون لجنة التكنوقراط الفلسطينية من 12 إلى 15 شخصية». من جهتها، قالت مصادر رسمية أمريكية إنّ واشنطن تخطط للإعلان فى 15 ديسمبر عن تركيبة مجلس السلام ولجنة التكنوقراط التى من المتوقع أن تتألف من أبناء القطاع، وستدير الحياة اليومية فى غزة إلى أن تُنقل صلاحياتها للسلطة الفلسطينية، بعد أن تُكمل الأخيرة بعض الإصلاحات، وتجرى انتخابات. وتابعت: «الإعلان المتوقع لاحقًا هذا الشهر يعتمد على البيت الأبيض والتفاصيل الأخيرة التى تعمل إدارة ترامب على إغلاقها مع جميع الأطراف: الدول العربية والإسلامية، وإسرائيل. وإذا أُعلن عن تركيبة المجلس واللجنة فى الموعد المخطط، فذلك سيحدث قبل زيارة نتنياهو لواشنطن نهاية الشهر الجارى، ما سيُحد من تأثيره على الخطة». من جانبها، تركز القاهرة على الدفع نحو المرحلة الثانية للاتفاق للانتقال للترتيبات طويلة المدى، لأنها تدرك أن المرحلة الأولى، رغم أهميتها الإنسانية، تبقى مؤقتة ويمكن أن تنهار سريعًا ما لم تُربط بعملية سياسية واضحة، لذلك تُركّز على خلق ضمانات دولية تُلزم جميع الأطراف بالانتقال للمرحلة التالية دون مماطلة، خصوصًا فى ظل التعقيدات الإسرائيلية الداخلية ومعارضة اليمين المتشدد. وتعمل القاهرة على هندسة صيغة انتقالية تجمع بين وجود فنى – إدارى للسلطة الفلسطينية، وغطاء أمنى دولى، وآلية مصرية – عربية تشرف على إعادة الإعمار وتثبيت الهدوء. وفى الوقت نفسه تعمل على ضمان التزام حماس بالتهدئة، تجنبًا لسيناريو الإنفلات الأمنى. وتدفع مصر لتحييد غزة عن أى ترتيبات إسرائيلية أحادية تُفرغ الاتفاق من مضمونه. حيث ترفض القاهرة أى خطط لنقل سكان غزة أو فرض مناطق عازلة داخل القطاع، وتعتبر هذه السياسات تهديدًا للأمن القومى المصرى. ولذلك تعمل الدبلوماسية المصرية على موازنة الضغوط الأمريكية على إسرائيل لدفعها نحو التزامات واضحة فى المرحلة الثانية، والضغط على الفصائل الفلسطينية لتقديم تنازلات عملية تجنبًا لعرقلة المسار. وترى مصر أن إنجاح المرحلة الثانية شرط لبدء عملية إعادة إعمار حقيقية، وتدرك أن استمرار الوضع الإنسانى الكارثى يُنتج انفجارًا أمنيًا مستقبليًا. لذا تسعى لربط أى تمويل دولى بخارطة طريق سياسية واضحة تضمن استقرارًا طويل المدى، مع طرح نفسها كقناة مركزية لإدارة دخول المساعدات، وإعادة بناء البنية التحتية، وضمان عدم انحرافها عن الأهداف المدنية.