احتل المعبود أوزير مكانة مركزية في الديانة المصرية القديمة، ليس فقط بصفته سيد العالم الآخر، بل بوصفه رمزًا للحياة المتجددة. اقرأ أيضا | السياحة: وصول تابوت أثري إلى الإمارات للمشاركة في معرض «إكسبو دبي 2020» وقد انعكس هذا المفهوم بوضوح في الفنون والطقوس الجنائزية، حيث حرص المصريون على إظهار أوزير مرتبطًا بالنباتات والخصوبة، تأكيدًا لإيمانهم بقدرته على منح البعث لكل كائن. على الرغم من انتقال المعبود أوزير إلى العالم الآخر وغياب وجوده المادي عن عالم الأحياء في مصر القديمة، فإن المصريين كانوا يرونه حاضرًا في كل مظاهر الطبيعة. فقد رأوا فيه قوة خفية تقف وراء فيضان النيل وتجدد خصوبة الأرض ونمو المحاصيل، ولهذا السبب ظهر جسد أوزير في الكثير من الأعمال الفنية وكأنه يخرج منه نباتات أو أشجار أو مزين بحبوب القمح، تجسيدًا لدورة الحياة والموت والبعث. هذا المفهوم يفسر أيضًا سبب تصوير الملوك واقفين داخل شجرة الإشد، وكتابة أسمائهم على أوراقها باعتبارها رمزًا للخلود وتجدد الحياة الملكية. ويعكس هذا الارتباط الوثيق بين الملك والعقيدة الأوزيرية رغبتهم في ضمان بعثٍ أبدي يشبه بعث أوزير نفسه. أمامنا مثال واضح على هذا في أحد التوابيت المكتشفة في أخميم، والذي لم تُعرف هوية صاحبه حتى اليوم. يصوّر المشهد أوزير واقفًا داخل شجرة، بينما تقف الإلهتان إيزيس ونفتيس على جانبيه في وضع تعبدي. وتحمل كل منهما أربطة كتانية مستخدمة في عملية التحنيط، في إشارة إلى دورهما المقدس في حماية جسد أوزير والمشاركة في طقوس بعثه. يمثل هذا المشهد أحد النماذج الفنية الرائعة التي تكشف كيف دمج المصريون القدماء بين العقيدة الدينية ورموز الطبيعة لتأكيد إيمانهم بخلود الروح وتجدد الحياة.