حالة غريبة انتابتنى وأنا أشاهد فيلم «السادة الأفاضل».. شعور مزدوج بنفس القدر.. بين القبول والرفض.. الرغبة فى استمرار المتابعة والاستمتاع بالعمل الفنى وفى ذات الوقت الشعور بنوع من الكآبة تصدرها التيمة الأساسية للفيلم وهى فكرة الموت!.. إلا أن الغلبة فى نهاية الفيلم رجحت الدرس والعبرة المستفادة التى يسلط عليها الضوء وهى أن كل هؤلاء الأفاضل أبطال الفيلم «حرامية» وأن الكل فى سبيل الفلوس يبيع قيمه ومبادئه وكل شىء.. ويلقى فى النهاية جزاءه!.. جاءت الفكرة فى قالب من الكوميديا السوداء المعاصرة التى تعكس صورة فوضى وعبث المجتمع!.. والقصة ببساطة تدور حول أسرة فى الريف المصرى تواجه صراعات بعد وفاة الأب (بيومى فؤاد) الذى يتضح تورطه فى تجارة الآثار والديون الضخمة.. بما يجعلهم يواجهون صراعات خطيرة.. وفى مقدمتهم الابن الأكبر (محمد ممدوح) الذى كان قريبًا من الأب ويعتبر ذراعه اليمنى وسره والذى لم يكمل تعليمه لاعتماده عليه.. بينما يصطدم الابن الأصغر (محمد شاهين).. عندما يكتشف أن أباه كان يدخن الحشيش.. وتتوالى صدمته عندما يعرف أنه تاجر آثار.. وهو الابن الذى سافر إلى البندر ودرس الطب.. وصاحب طموح واسع بعد أن ترك ابنة عمه الفلاحة (ناهد السباعى) ليتقدم لخطبة بنت الذوات النصف خواجاية (هنادى مهنا).. أما الأم (انتصار) فكانت الزوجة التى قبلت أن يموت زوجها فى تمثيلية رخيصة.. (ففى واقع الأمر أنه لم يمت) حتى يتسنى لهم تهريب جثة فرعونية قيمتها تتعدى الملايين!.. ولم يختلف العم (أشرف عبدالباقى) الذى يطبع بصمة أخيه المتوفى على عقد بيع بيته ومطعمه..!.. وعلى الجانب الآخر من الفوضى نرى الشاب البسيط الطموح (طه الدسوقى) الذى يسطو على خزينة مكتب بريد القرية بمساعدة صديقيه (على صبحى وميشيل ميلاد).. كل ذلك فى إطار مواقف من الكوميديا السوداء تبعث على الضحك مع السخرية وقد أدارها بدقة متناهية وتكنيك فنى رائع المخرج كريم الشناوى واستطاع خلق عالم بصرى فوضوى غنى ومبهج وتعيس فى آن واحد!. كما أدى جميع الأبطال أدوارهم بجودة وإتقان.. وكان هناك حضور مميز لكل من أحمد السعدنى وأكرم حسنى ومحمد جمال قلبظ ودنيا ماهر وحنان سليمان.