اعتمد مجلس الأمن مشروع القرار الأمريكى بشأن غزة فى صيغته الأخيرة التى أدخلت بعض التعديلات التى كان من بينها الإشارة إلى مسار موثوق به نحو دولة فلسطينية. القرار فى مجمله مجرد خطوة على الطريق والمهم - فى هذه المرحلة الابتدائية- أن يتم تثبيت وقف إطلاق النار «الذى لم تحترمه إسرائيل حتى الآن!» وأن يتم فتح المعابر كما نص الاتفاق وتدخل المساعدات الإنسانية دون عوائق من جانب الاحتلال. والمهم أن يكون هناك موقف عربى موحد يفرض نفسه كطرف أساسى فى الحل، ويفرض أن تكون الشرعية الفلسطينية حاضرة بكل قوة فى إدارة الفترة الانتقالية وأن تكون الدولة الموحدة والمستقلة التى تضم الضفة وغزة والقدس المحتلة هى الهدف والمصير. تثبيت وقف إطلاق النار ودخول المساعدات وفتح المعابر شروط جوهرية، لكن الانتقال السريع للمرحلة التالية هو الأهم والأصعب- والرؤية المصرية من البداية كانت واضحة وحاسمة فى مواقفها فى الرفض المبكر لمخططات التهجير وحرب الإبادة، وفى خطة الاعمار المصرية التى أصبحت عربية ونالت تأييد العالم والتى كان جوهرها أن يكون الاعمار فى وجود الفلسطينيين وبمشاركتهم وأن يكون طريقاً مؤكداً إلى دولة فلسطين الموحدة والمستقلة. هذه الرؤية ينبغى أن تتأكد، وهذا الموقف العربى الموحد لابد أن يحافظ على أوراقه وأن يضع كل امكانياته لكى تكون كل الخطوات القادمة انتصارا للشرعية الدولية التى لا ترى حلاً إلا مع الاقرار بحقوق شعب فلسطين فى أرضه المحررة ودولته المستقلة. العدو الاسرائيلى - من ناحيته - لا يخفى أهدافه. يثير زوبعة حول قرار مجلس الأمن ويدعى الجنون لأن هناك إشارة الى مسار نحو دولة فلسطينية!! لكنه يدرك أن الحقائق على الأرض هى الأقوى وأنه مازال يحتل أكثر من نصف غزة ويسيطر على كل حدودها بالتأكيد لن يمتثل العدو الإسرائيلى للشرعية الدولية إلا مضطراً، ولن يضطر إلا إذا أرادت واشنطون، وأن واشنطون ستفعل ذلك حين تصبح إسرائيل عبئاً لا يمكن - حتى لأمريكا نفسها- أن تتحمل تكلفة الانحياز الأعمى له!! الصراع انتقل الى مرحلة جديدة. ربما كان فى استطاعة العرب الحصول على قرار أفضل من قرار مجلس الأمن أمس، لكن المهم أن هناك إقرارا -حتى من أمريكا- بأن الشرعية الدولية ضرورية، وهناك -فى المقابل- التزام باحترام هذه الشرعية، لا أحد فى العالم يخشى من الشرعية الدولية قدر ما يخشاها مجرمو الحرب فى إسرائيل!!