"انا مش عايز أعمل فيلم وأنا خايف".. جملة أطلقها الفنان عمرو يوسف في ندوة صحفية عن فيلمه الجديد " السلم والثعبان" ردا على سؤال صحفي بشأن احتواء الفيلم على ألفاظ خادشة للحياء ولا تعبر عن المجتمع المصري. الحقيقة أن رد عمرو يوسف على سؤال الصحفي الجرئ الزميل هشام السيوفي، كان صادما أكثر من الألفاظ التي جاءت بالفيلم، فبدلا من الاعتذار أو الوعد بالسعي إلى صناعة سينيما نظيفة، دافع عمرو يوسف بكل استماتة عن الانحدار الأخلاقي الذي جاء بالفيلم معتبرا كلمة وضيعة تطورا باللغة، حتى وقع في ال "فخ". "أنا مش عايز أعمل فيلم ونا خايف" كانت ستصبح منطقية لو شارك الفنان في أفلام مثل "كشف المستور" أو "ضد الحكومة" أو "الإرهاب والكباب"؛ كانت ستبقى جملة ثورية إذا حمل الفيلم رسالة هادفة أو طالب بحق مهدور؛ وليس للدفاع عن "الفخ" الذي وقع فيه" " كلمة ف..خ كنا مكسوفين نقولها من عشر سنين دلوقت بتتقال في كل حتة" جزيت خيرًا عن الكسوف يا عمرو، ولكن لماذا حل محله البجاحة الآن؟" هل أصبحت هناك شهادة تقدير تمنح على التطبيع مع الابتذال! هل التفاخر ب«كسر التابوهات» صار غاية في حد ذاته، حتى لو كُسرت معها قواعد الذوق واللياقة!؟. الغريب أن الدفاع لا يكون عن فكرة، بل عن لفظ، وكأن اللغة نفسها مطالبة أن تتخلى عن حيائها لتثبت أنها «مواكبة للعصر». منذ متى صار المقياس للنجاح الفني هو عدد المرات التي يقال فيها لفظ صادم؟ ومتى تحول الممثل إلى فيلسوف يبرر انحدار التعبير بأنه «تطور لغوي»؟ إذا كان التطور بهذا الشكل، فربما نحتاج إذا إلى حجر صحي لغوي، نحمي به ما تبقى من مفرداتنا السليمة قبل أن تصاب هي الأخرى بعدوى الجرأة المبتذلة. الفن في جوهره مرآة للمجتمع، لكن يبدو أن بعضهم اختار أن يصنع مرآة مشوهة، تعكس أكثر ما هو قبيح، وتبرره تحت شعار الواقعية، وتلقي في وجهنا أبشع الألفاظ بإسم الفن. المشكلة الأكبر هنا ليست في اللفظ، ولا حتى في الفيلم، المشكلة الكبرى هي محاولة اقناعنا أن الابتذال هو التعبير عن الواقع، وأن الانحدار هو رمز التطور. الجرأة مطلوبة في الفن بالطبع ولكن عندما تكون في الفكرة بحد ذاتها وليست في الألفاظ الخادشة للحياء؛ والصادمة لفطرتنا ولغتنا. دور الفن هو الحفاظ على قاموسنا، والارتقاء بالأخلاق وليس تبرير فواحش الألفاظ. أما بعد فإن الابتزال ليس إبداع، و"البجاحة" لا تمت بصلة للحرية، ولن نسقف للانحدار ونهتف "يا سلام على الواقعية" وأخيرا وليس آخرا.. لابد من وقفة حاسمة من الرقابة حتى لا نقع في فخ عمرو يوسف وصناع فيلم "السلم والثعبان".