◄الإحصاء: بلغ عدد مركبات التوك توك 10.41 مليون في 31 ديسمبر 2024 مقابل 9.95 مليون مركبة في 31 ديسمبر 2023 ◄ 186 ألفًا و918 عدد مركبات التوك توك المرخصة على مستوى الجمهورية ◄ خبير فندقي: التوك توك العدو الأكبر للسياحة في العصر الحالي وتسبب في اختفاء الأيدي العاملة ◄ المركز المصري للدراسات: مئات الآلاف من الشباب تخلوا عن الحرف الصغيرة واتجهوا إلى قيادة التوك توك في شوارع المحروسة، لا تخطو قدمك بضع أمتار، إلا ويزاحمك في خطواتك «التوك توك»، تلك المركبة التي فرضت نفسها «ضيفا ثقيلا» على الشوارع، وأصبحت تزاحم السيارات والمارة، حتى لا تسلم من إزعاجها، ولا تنجو من أنواع التلوث السمعي والبصري الذي أصاب المشهد اليومي بسببها. وبين من يراه باب رزق، ومن يراه فوضى متنقلة، كان الجدل الواسع الذي سيطر على الآراء، وشغل مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت هاشتاجات تطالب بإلغاءه، بسبب تصاعد الحوادث والجرائم والمضايقات. وكان قرار محافظ القاهرة بمنع سير التوك توك في الشوارع العامة بمثابة الفتيل الذي أشعل قنبلة الغضب الموقوتة في صدور المواطنين بسبب إزعاج التوك توك. مئات الآلاف من مركبات «التوك توك»، توغلت وانتشرت في مصر منذ عام 2005، حيث بدأ في دخول البلد، وتشير بعض التقديرات إلى وجود 5 ملايين توك توك، مابين مرخصة وغير مرخصة، ما ينذر بكارثة. وأصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نشرة حصر المركبات المرخصة في 31 ديسمبر 2024، كشفت عن وصول إجمالي عدد المركبات المرخصة بمحافظات الجمهورية 10.41 مليون مركبة في 31 ديسمبر 2024 مقابل 9.95 مليون مركبة في 31 ديسمبر 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 4.7%. وأظهرت بيانات نشرة حصر المركبات المرخصة، عن تطور ملحوظ في عدد مركبات التوك توك المرخصة على مستوى الجمهورية، حيث بلغ إجمالي عددها 186 ألفًا و918 مركبة. ووفقا للبيانات، استحوذت محافظات الوجه البحري على النسبة الأكبر من هذه التراخيص، بإجمالي 88 ألفًا و431 توك توك، تليها محافظات الوجه القبلي ب 80 ألفًا و582 مركبة مرخصة. بينما جاءت في المرتبة الثالثة المحافظات الحضرية ب17 ألفًا و633 توك توك، بينما سجلت المحافظات الحدودية أقل عدد من التراخيص بإجمالي 272 مركبة فقط. ◄ فوضى على الأسفلت «السير عكس الطريق» هو الشعار الذي يرفعه سائقوا التوك توك، في تعاملهم اليومي، ضاربين بقوانين المرور عرض الحائط. مشهد يتكرر في الحارات، والطرق الرئيسية على حد سواء، وغالبا ما ينتهي بحوادث مرورية أو شلل مروري كامل. ولم تعد القيادة العشوائية بين سائقي التوك توك استثناء، بل سلوك عام بينهم، في تحدي لقانون المرور. ◄ جرائم التوك توك عدة حوادث وقعت بسبب التوك توك، وتنوعت بين جرائم خطف وآداب، وقيادة متهورة وفوضى مرورية، وانتهاءً بالأصوات الصاخبة والضوضاء. في منطقة الشرابية، تسبب سائق توك توك في قتل طفل عمره 14 عاما، حيث صدمه أثناء عبوره الطريق، نتيجة القيادة برعونة وتعاطي المواد المخدرة. وفي محافظة المنوفية، لقي شاب مصرعه، وأصيب آخر في حادث تصادم توكتوك على طريق «بيجرم – شبرا بخوم» بمركز قويسنا. وكان الحادث الأشهر، عندما تعدى سائق توك توك على مالك سيارة خاصة بعصا خشبية، وأحدث تلفيات بسيارته، فارضا البلطجة على الشارع، ونجحت وزارة الداخلية في القبض عليه. اقرأ أيضا| اجراءات مهمة من القاهرة لتنفيذ قراري منع سير التوكتوك واسكوتر الأطفال الكهربائى ولم تكن تلك الحوادث فردية، بل أصبحت متكررة يوميا في كل الشوارع، فالحوادث الناتجة عن التوك توك، أصبحت يومية، بالإضافة إلى استخدام التوك توك في تجارة المخدرات والسرقات بحسب بيانات الداخلية وتقارير النيابة. ◄ وباء الشارع واستحق التوك توك لقب «وباء الشارع»، بعد الانتشار الواسع الذي فرضه في سنوات قليلة، حيث كان «حل سهل» لكسب لقمة العيش عند الكثير من الشباب، ولكنه تسبب في انسحاب الأيدي العاملة من صناعات كثيرة. وباعتباره وسيلة كسب سريعة، اتجه الكثير من الشباب لشراؤه بالتقسيط والعمل عليه، حيث أنه لا يحتاج إلى مهارة أو مؤهل، حتى أن المعظم يسير بدون رخص ومنهم أطفال لا يتعدى عمرهم 10 سنوات. ◄ عدو السياحة تحول التوك توك إلى عنصر منفر في المشهد السياحي، بدلا من كونه وسيلة مواصلات طريفة كما هو الحال في بعض الدول الأسيوية. فمشاهد التوك توك المتهالك، السائر عكس الاتجاه، وأصوات الأغاني والمهرجانات الصاخبة وسط المناطق الأثرية، باتت تترك انطباعا سلبيا لدى الزائرين، خصوصا في القاهرة التاريخية والجيزة والأقصر. وأكد الخبير الفندقي عادل شكري، أن التوك توك العدو الأكبر للسياحة في العصر الحالي، وأنه تسبب في اختفاء الأيدي العاملة من قطاع السياحة، مثل عمال المطاعم الذين فضلوا دخل التوك توك، مؤكدا أن الظروف الاقتصادية هل التي أجبرتهم على هذا الخيار. ◄ دعوات الحظر الجدل الدائر على مواقع التواصل الاجتماعي لك يكن وليد اللحظة، بل نتيجة غضب كبير تراكم في صدور المواطنين نتيجة معاناتهم من سلبيات التوك توك، ويعكس أزمة أعمق بين من يطالبون بالإلغاء الكامل، ومن يدعون لتقنينه. ويرى فريق «الإلغاء» أن التوك توك خرج عن السيطرة، وأن التخلص منه هو الحل الوحيد لإعادة الانضباط إلى الشوارع. بينما رأى الفريق الآخر أن المنع سيزيد من أزمة البطالة لعشرات الآلاف من الأسر، ما لم توفر بدائل حقيقية كسيارات «الفان» أو خطوط نقل عام. ◄ حلول حبيسة الأدراج وأعلنت الحكومة أكثر من مرة عن حلول وبرامج لحل أزمة التوك توك، ولكنها لم ترى النور. ففي سبتمبر 2019 أعلنت وزارة التنمية المحلية بدء برنامج لإحلال التوك توك بسيارات فان تعمل بالغاز الطبيعي، لكن التنفيذ تعثر حتى الآن، وبقيت التكاتك في الشوارع كأمر واقع يصعب تجاوزه. ◄ الهروب من الحرف إلى التوك توك ولم تقتصر سلبيات التوك توك على المرور والجرائم، بل كان سبب رئيس في تغير سوق العمل، وانسحاب الأيدي العاملة من الحرف إلى التوك توك، وبعدما كان الشباب يلجأوون إلى تعلم حرفة كالنجارة أو الميكانيكا أو السباكة، أصبحت قيادة التوك توك الخيار الأسهل والأسرع لجني المال دون أي قيود مؤهلات أو التزام بقوانين. ووفقا لتقارير التنمية المحلية والمركز المصري للدراسات الاقتصادية، تشير البيانات إلى أن مئات الآلاف من الشباب تخلوا عن الحرف الصغيرة خلال العقد الأخير، واتجهوا إلى قيادة التوك توك، بحثا عن الدخل الأكبر والأسرع. اقرأ أيضا| «قنبلة موقوتة».. «السكوتر الكهربائي» وسيلة ترفيه أم أداة للجريمة؟ ويقول أحد أصحاب ورش النجارة «زمان كنت بدرب 5 أو 6 صبيان، دلوقت محدش فاضي يتعلم، كله عاوز يشتغل على التوك توك». هذا التحول السريع حرم السوق المصري من الأيدي العاملة، وزاد من أزمة نقص العمالة في الحرف اليدوية. ◄ رمز الفوضى وبين ما نريد أن نكون عليه، وما يفرضه الواقع، يبقى التوك توك أزمة الشارع المصري، ورمز الفوضى التي استوطنت الأحياء، فارضا واقع معاندا للقوانين، يفرض السير بالعشوائية والبلطجة، حيث تحول من مخرج من البطالة إلى وسيلة للجريمة، ومن حل مؤقت إلى أزمة دائمة.