هناك فى الفيوم، تلك الأرض المزروعة بأشجار النخيل التى تنشر فروعها فى السماء، تأملت داليا سالم الأشجار الطيبة ليلهمها الجريد بفكرة تحويله إلى أثاث معاصر صديق للبيئة يحمل روح مصر القديمة، من خلال مشروعها «Peacock».. تقول داليا: «طبقت التجربة على نفسى فى البداية وجهزت منزلى وطورت فى التصميمات، وبدأت أبحث مع حرفيين ومهندسين كيف يمكننا تحويل الجريد لخامة حقيقية نستطيع أن نصنع منها أثاثا معاصرا ومستداما، لأننى أؤمن أن جريد النخيل جزء من الهوية المصرية، استخدمه أجدادنا فى البناء والأثاث منذ آلاف السنين». درست داليا تنظيم مشروعات اجتماعية فى جامعة بواتييه بفرنسا واهتمت بالتصميم والفن، وتؤكد أن المسألة بدأت بشغف شخصى بالجمال والحرفة، وبعد تأسيس المشروع عملت مع مهندسين ومصممين لاكتساب الخبرة التقنية فى تحويل الفكرة لمنتج فعلى.. وتشرح داليا: «المصنع الرئيسى فى سقارة بالقرب من مناطق النخيل، ونتعامل مع جمعيات ومزارعين فى الفيوم وسيوة والجيزة يقومون بتوريد الجريد». اقرأ أيضًا | محافظ الفيوم يتابع معدلات الأداء بملفات التقنين والتصالح والمتغيرات المكانية تستخدم داليا وفريقها مواد صديقة للبيئة بالكامل مثل الراتنجات المائية وبعض المعالجات الأخرى للحفاظ على المتانة، وتؤكد أن المشروع له أثر بيئى واجتماعى واضح، فهم يحولون نفايات زراعية يتم حرقها لخامة اقتصادية مستدامة، مما يساعد فى خفض الانبعاثات الكربونية، إضافة إلى توفير فرص عمل لأكثر من 50 حرفيا خلال الأربع سنوات الماضية. وتوضح: «نسعى للانفتاح على العالم والدمج بين التراث والعصر الحديث، بحيث تحكى القطعة حكاية مصرية لكن بلغة تصميم عالمية قادرة على المنافسة فى أى سوق».. وتحكى داليا: «بدأنا المشروع بالجهود الذاتية، قبل الحصول على دعم تدريبى واستشارى من جهات دولية مثل الEBRD والاتحاد الأوروبى فى إطار مشروعات الاستدامة». وتضيف: «نحاول الموازنة بين الجودة والاستدامة، فكل خطوة محسوبة، واستخدام الطاقة الشمسية والورش الصغيرة فى مناطق الإنتاج قلل التكاليف وساعدنا أن نحافظ على هامش سعر مناسب، ونخطط لفتح مصانع مصغرة قريبة من مناطق زراعة النخيل، وإنشاء استوديو تصميم بحثى يجمع بين الحرفيين والمصممين الشباب، وبدأنا التصدير للأسواق الأوروبية، وهناك تعاون مع مصممين من هولندا لتطوير منتجات جديدة بمواد مصرية». وعن اسم المشروع تقول: «اخترت اسم Peacock أو الطاووس لأنه رمز للجمال والخلود، ويعبر عن فكرة أن كل قطعة يمكن أن تتحول لتحفة فنية، أما أكثر قطعة قريبة لقلبى فهى كرسى Bench of Eternity، لأنه يعبر عن فكرة الخلود والهندسة المستوحاة من الأهرام، ومصنوع 100٪ من جريد النخيل». وتختم داليا سالم حديثها بتوضيح سبب تميز أثاث الجريد وتقول: «العميل يشترى أثاثا من الجريد ليس لأنه فقط صديق للبيئة، لكنه متين جدا وخفيف وسهل الصيانة، أسعاره قريبة من الخشب الطبيعى، ممكن يندمج مع الزجاج أو الحلفا أو أى خامات طبيعية مصرية، ونحن نشجع على التنوع لخلق مزيج جميل بين الطبيعة والتصميم العصرى».