«فكرة خارج الصندوق».. هذا ما ينطبق تماماً على تحويل مخلفات الأخشاب والبلاستيك وجريد النخل، إلى منتجات صديقة للبيئة، حيث استطاعت المهندسة المعمارية سارة البطوطى والمهندس المعمارى شريف على خليل، ابتكار فكرة رائعة من خلال إنتاج منتج مصرى عالى الجودة وقابل للتصدير إلى الخارج، يتم صنعه بنسبة 80 بالمائة من المخلفات أو «قاع المخلفات»، ليكون منتجاً صديقاً للبيئة. وسرعان ما انتشرت الفكرة بعد الإعلان عن إطلاق أول مجموعة منها، والتى ضمت 25 قطعة من الأثاث الخشبى تم بيعها سريعاً وبدأت تأتى طلبات من خارج مصر للتصدير. سارة البطوطى تحكى ل«أيقونة» تفاصيل وبدايات الفكرة المبتكرة، وتقول: «موبون MùBun هى كلمة صينية تعنى الخشب الجيد، والكلمة توحى بالواقعية، فما تراه أمامك هو منتج مصنوع على هيئته الأصلية دون دهانات أو مواد كيميائية، وهى فكرة بها إبداع أضاف لهذه الأشياء قيمة عالية الجودة، حتى إنك تجد نفسك أمام منتج مصرى ذكى وصديق للبيئة من الألف للياء، استطعنا من خلاله أن نصدره إلى الخارج». جاءت الفكرة ل«سارة» منذ 3 سنوات، عندما كانت تذهب إلى الورش التى تُصنِّع أثاثًا خشبيًّا، وكانت تلاحظ وجود مخلفات كثيرة من الخشب، والتى كان المصنعون يقومون ببيعها مثل الروبابيكيا». وتضيف: «قمنا بعمل تصميم لكل شىء من تلك المخلفات، فلدينا نوع خشب تكون قواطعه مقسمة لأكثر من شكل وأكثر من طول وكل واحد منها له نوع مختلف عن الآخر، لنبدأ بتجميع كل شىء منها وكأننا نقوم بعمل (puzzle) لتكون النتيجة النهائية أنه أصبح لدينا تصميم كامل بفكرة مبدعة دون أى إضافات مختلفة عن الشكل الأساسى، فالتصميمات كلها نابعة من إبداع يتشكل داخل الذهن عند استلام تلك المخلفات. تتحدث «سارة» عن شريكها فى المشروع، فتقول: «شريكى هو المعمارى شريف خليل، الذى ورث ورشة والده على خليل وهى من أقدم الورش الموجودة حاليا فى مصر ويتمتعون بفنون الحرفية بدرجة كبيرة تصل إلى إذهالك بما تصنعه الأنامل المصرية من ابتكارات». وتضيف: «نفكر أنا وشريف سويا فى كل تصميم لإخراج كل قطعة بالاسم الخاص بها وفقًا للقصة التى تحكيها كل قطعة، فنحن لا نعمل بمفهوم التصنيع من أجل التصنيع، ولكن ما نهدف له أنه عندما يأتى أى شخص لشراء قطعة ما، يكون لكل قطعة قصة خلفها، وهذا تطور طبيعى جدا للهندسة التى أقوم بعملها، فحتى العفش يمكن أن يكون خلفه رسالة للناس». ترى «سارة» أن المكسب الحقيقى لهم هو صنع قطعة أثاث تقابل استحسانا كبيرا من الناس من حيث التصميم والجودة حتى يتخذوا قرار شرائها، ليُفاجأوا بأن تلك القطعة هى من مخلفات أعيد تدويرها، فيبدأ تتغير نظرتهم نحو الأثاث الصديق للبيئة والمعاد تدويره وأنه ليس بالشىء السيئ، بل يمكن أن نخلق منه شيئا يتمتع بالفخامة وأسلوب تصميم رائع وجذاب. كان التفاعل من الجمهور مفاجئا لكل من «سارة» و«شريف»، فالتنوع من طلبيات جاءتهم من طلبة جامعات وجمهور مختلف الأعمار جعلهم يثقون فى أن روحا جديدة بدأت تدخل إلى المجتمع المصرى من خلال تشجيع منتج مصرى مبتكر. وعن التفاعل الإيجابى من جانب أصحاب المصانع، تقول «سارة»: «مصنع (مارمونيل) الذى يعتبر أكبر مُصدر للرخام فى مصر تواصل معنا لإبداء رغبتهم فى إعطائنا مخلفاتهم التى لا يتم بيعها من الرخام، وكذلك مصنع (ظنانا) للبلاستيك أرسل إلينا منتجات بلاستيك تم تصنيعها ولكن لم يستطيعوا تصديرها بسبب وجود عيوب فى جودتها ولن يتم بيعها فى السوق المحلية، وهذا هو ما أحتاجه للمشروع». بعد أن بدأ المشروع ينال إعجاب الكثيرين، تعمل «سارة» و«شريف» حالياً على إصدار منتج جديد للسوق المصرية، يخص المدارس من خلال تصنيع مناضد من الخشب يكون بها أماكن مخصصة لوضع الأدوات المدرسية للأطفال فى المدارس. وفى الخارج أيضاً لم يختلف الأمر بالنسبة لهما، فهما يقومان حالياً بتصنيع منتج لفندق صديق للبيئة فى لندن، بعد أن أبدت إدارة الفندق رغبتها فى شراء منتجات من مصر، فوقع اختيار الفندق عليهما لتكون منتجاتهما من ضمن القطع التى سيتم تصديرها إليهم.