في ليلةٍ مهيبةٍ عانقت فيها أرضُ السلام سماءَ المجد، واستيقظت فيها ذاكرةُ التاريخ، سكنت السماء وكأن النجوم انحنت احترامًا، تُصفِّق للعبقرية. اليوم أشرقت مصر من جديد، تمنح العالم درسًا، وتكتب فصلًا جديدًا من فصول المجد والخلود. اصطفت الملوك، ومن خلفها الأهرامات كحُرّاس الزمن، وتربّع أبو الهول يتنفس فخرًا، ووقف رمسيس الثاني شامخًا يتصدر البهو، وصداه يردد:"مصر.. هي التي من أجلها تشرق الشمس." ومن بين أروقة الزمن، استيقظ الملك الذهبي الشاب توت عنخ آمون، يُلبي نداءً ممتدًّا عبر أكثر من ثلاثة آلاف عام. أخذت الأضواء تتلألأ على صرحٍ لم يُبنَ بالحجر وحده، بل بعبقريةٍ وإيمانٍ وعزيمة المصريين. فمن هنا، حيث تشرق الشمس، والنيل يروي حكاياته الأبدية، وقفت مصر تُهدي العالم أعظم إنجازٍ إنساني في القرن الحادي والعشرين: المتحف المصري الكبير — صرحٌ عملاق يختزن أسرار الملوك وعبقرية الزمان والمكان، أعظم هدية من مصر للعالم، هدية توقظ ذاكرة الإنسان وتؤكد عبقرية الأجداد الممتدة إلى الأحفاد. جاء الافتتاح مهيبًا، يليق بعظمة مصر على مرّ الزمان، حيث شارك فيه 79 وفدًا رسميًا من مختلف دول العالم، من بينهم 39 وفدًا برئاسة ملوكٍ وأمراء ورؤساء دولٍ وحكومات ، فلم يكن مجرد افتتاح، بل ميلادٌ جديد للتاريخ؛ فهنا مهدُ الحضارة. في سجلات التاريخ، تسبق مصر الجميع ،فمصر هي التي علّمت العالم المعنى؛ مصر أول من خطّ الحروف وسطّر التاريخ، مصر أول من عقد معاهدةً للسلام في تاريخ البشرية، مصر أول من صان كرامة المرأة وجعلها ملكة تحكم وتشرّع، مصر أول من أقام العدالة وسنّ القوانين، ومصر أول من صنع الأجهزة التعويضية، فكانت الحضارة المصرية رحيمةً بالإنسان منذ آلاف السنين. أنظار العالم من أقصاه إلى أقصاه كانت مشدوهة، وألسنتُه تهمس بالدهشة: كيف يستطيع المصريون فعل كل ذلك؟ أهو عملُ بشرٍ عاديين أم رجالٌ من طرازٍ خاص؟! كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي التاريخية في هذا الحدث الاستثنائي جاءت عميقةً كالنيل، واضحةً كالشمس، تُجيب عن أسئلةٍ كثيرة في أذهان الحاضرين والملايين الذين تابعوا الحدث حول العالم، وكأنها تقول: "ولِمَ العجب؟". قالها الرئيس بكل ثقةٍ وإيمانٍ بوطنه: "هنا على أرض مصر وُلد الإبداع والفن، وهنا بدأ التاريخ." "من ضفاف النيل انطلقت أنوار الحكمة، ومن مصر القديمة أشرقت الحضارة التي أنارت دروب الإنسانية." وعن الإنجاز الذي سطّره المصريون، أشاد الرئيس السيسي قائلًا: "إنها شهادةٌ حيّة على عظمة الإنسان المصري؛ فهو باني الحضارات، وصانع المجد، ورسول السلام الذي ظل عبر الزمن مخلصًا لوطنه، معتزًّا بانتمائه، متمسكًا بجذوره." وامتدادًا لتأكيد الرئيس السيسي أن يكون المتحف المصري الكبير منبرًا للحوار وملتقى للإنسانية، فهنا تكمن عظمة المتحف — ليس فقط فيما يحتويه من آثار، بل في رسالته: أن مصر ما زالت قادرةً على أن تُدهش العالم كما كانت منذ آلاف السنين، وستبقى أرضًا للسلام، ومنارةً للعلم والفن والفكر والإبداع. فليكن هذا الصرح مدرسةً للأجيال، يتعلمون فيها أن العظمة لا تُشترى، بل تُبنى بالحلم والإرادة والعمل.