■ تتجه أنظار العالم إلى مصر، حيث احتفالية تاريخية تستعيد فيها أم الدنيا أنفاسها الخالدة. يستقبل المتحف الكبير زعماء الأرض فى ضيافة أعظم صرح ثقافى حديث، هدية الأحفاد إلى الأجداد، لتروى مصر حكايتها للعالم من ذاكرة الأرض، فترتفع جباه أبنائها فخرًا بمجدها القديم. فى مشهد لم تشهد له الدنيا مثيلًا، يلتقى قادة العالم عند سفح الأهرامات، ليسوا زائرين عاديين، بل حجاجًا إلى معبد الحضارة الأول. «المتحف المصرى الكبير» ليس مجرد مبنى ضخم، بل جسر زمنى يربط الماضى بالحاضر، ورسالة للبشرية بأن مصر، التى سبقت التاريخ، لا تزال قادرة على إبهار الوجود. هذه الأرض التى تمتلك نصف آثار الدنيا، نطقت بحجرها وورقها البردى قبل أن تعرف الأمم أبجدياتها. هنا نشأت أول دولة نظامية، وولد القانون، وشُيدت أولى الصروح العظيمة. لم يبن الأجداد أهراما من حجر فقط، بل شيدوا قيم الجمال والمعرفة، فأورثوا العالم تراثًا خالدًا. النظر إلى تمثال رمسيس الثانى أو مجموعة الملك الذهبى توت عنخ أمون أو مركب خوفو ليس رحلة فى الماضى، بل وقفة إجلال لعظمة إنسانية تملأ قلب كل مصرى فخرًا بكونه سليل هؤلاء العظماء. هذا الفخر ليس غرورًا، بل هو إدراك للهوية، واستلهام من الماضى لبناء مستقبل يليق بهذا الإرث. فى لحظة الافتتاح، لن نرى فقط قاعات فاخرة أو تحفًا نادرة، بل سنرى مصر «التِى تُعِيدُ صُنْعَ التَّارِيخْ.. وَتَنْحَنِى لَهَا الدُّنْيَا بِإِجْلاَل». حضور الزعماء اعتراف بأن جذور الحضارة لا تزال حية هنا، فى أرض الكنانة. هذا الصرح بيان ثقافى وسياسى يؤكد أن مصر كانت، ومازالت، وستظل «جوهرة الدنيا ودرة العرب والأفارقة». فمصر ليست مجرد أرض نعيش عليها، بل هى ذاكرة حية للإنسانية لأنها مهد للحضارات القديمة، أرشيف تاريخى عالمى يحتضن آثارًا ومعالم ومركزًا للحضارة والثقافة والفكر عبر العصور. الاحتفاء بهذا الإنجاز هو احتفاء بأنفسنا. تذكير بأننا أبناء حضارة عظيمة تقدم درسًا فى الصمود والإبداع. ووقوف العالم مبهورًا أمام تراث أجدادنا يخبرنا أن عظمة مصر إرث حى يتجدد، ومنارة تضىء طريق الأجيال القادمة لفهم هويتهم وإمكاناتهم. فلنرفع هتافنا معًا: «أنَا مِصْرُ»، ونقول للعالم: قف، فأنت فى حضرة المصريين.