بين أهرامات الجيزة الخالدة، يقف المتحف المصري الكبير كأيقونة حضارية منافسًا لمتاحف عريقة مثل اللوفر في باريس والمتحف البريطاني في لندن، لم يعد الأمر مجرد مشروع أثري، بل رؤية حضارية تهدف إلى جعل مصر وجهة رئيسية لعشاق التاريخ والفن حول العالم. "عندما يلتقي التاريخ بالحداثة"..المتحف المصري الكبير بدأت فكرة إنشاء المتحف في تسعينيات القرن الماضي، ووُضع حجر الأساس عام 2002 في موقع فريد يطل على أهرامات الجيزة، فاز بتصميمه المبتكر مكتب Heneghan Peng Architects الأيرلندي، الذي استلهم هيكل المبنى من أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الثلاثة. يمتد المتحف على مساحة تتجاوز 300 ألف متر مربع، ليكون أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة، يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، أبرزها كنوز الملك توت عنخ آمون التي تُعرض لأول مرة كاملة منذ اكتشافها عام 1922، ومجموعة الملكة حتب حرس أم الملك خوفو، بالإضافة إلى متحف مراكب الملك خوفو. اقرأ أيضا|«رحلة الملك رمسيس الثاني» من قلب منف إلى عرش المتحف المصري الكبير كما يضم مركزًا عالميًا لترميم الآثار، ومناطق ثقافية وترفيهية، ومركزًا تعليميًا ومؤتمرات وسينما وحدائق عامة، مما يجعله مدينة متحفية متكاملة لا تقتصر على عرض الآثار فحسب، بل تُعيد إحياء روح الحضارة المصرية القديمة بأسلوب حديث وتفاعلي. متحف اللوفر من جهة أخرى، يحتفظ متحف اللوفر بمكانته كأحد أعرق المتاحف في العالم، تأسس عام 1793 في قصرٍ يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر، ليصبح لاحقًا مركزًا للفن الإنساني عبر العصور. يضم المتحف اليوم 9 أقسام رئيسية تشمل الحضارات المصرية، واليونانية، والرومانية، والإسلامية، إلى جانب الفنون الأوروبية الحديثة. تُعرض فيه أكثر من 30 ألف قطعة فنية من أصل نصف مليون عمل فني، أشهرها الموناليزا وفينوس ميلو ونصر ساموثراكي، وفي عام 2023، جذب اللوفر نحو 8.9 مليون زائر، مما يجعله أكثر المتاحف زيارة في العالم، ورغم أنه متحف فرنسي، إلا أن روحه عالمية، تجمع بين عبق التاريخ والفن الإنساني بمختلف ثقافاته. المتحف البريطاني أما المتحف البريطاني في لندن، الذي تأسس عام 1753، يضم أكثر من 8 ملايين قطعة أثرية تمثل ما يقرب من مليوني عام من التاريخ الإنساني. يُعرف بتنوع مقتنياته التي تشمل حجر رشيد الذي ساعد على فك رموز الهيروغليفية، ورخام إلجين المأخوذ من معبد البارثينون، وتمثال جزيرة الفصح الشهير. ورغم عظمته المعمارية وتاريخه الطويل، فإن المتحف البريطاني يواجه جدلاً متكررًا حول أحقية امتلاك بعض القطع الأثرية التي نُقلت من بلدانها الأصلية خلال فترات الاستعمار، ومن بينها آثار مصرية ويونانية. بين اللوفر الذي يحتفي بالفن العالمي، والمتحف البريطاني الذي يوثق تاريخ الإنسانية، يأتي المتحف المصري الكبير ليُعيد التوازن من قلب مصر، جامعًا بين الأصالة والابتكار. فبينما يعتمد المتحفان الأوروبيان على الإرث التاريخي العريق، يقدّم المتحف المصري تجربة معاصرة تجمع بين التكنولوجيا الحديثة والهوية الثقافية المحلية، ليصبح مركزًا حضاريًا عالميًا من الطراز الأول. ومع اقتراب افتتاحه الرسمي، تشير التوقعات إلى أن المتحف المصري الكبير سيضع مصر في مقدمة الدول المالكة لأضخم وأحدث المتاحف في العالم، جامعًا بين الماضي المجيد والمستقبل المشرق.