منذ الصغر، نُلقَّن أن وجبة الإفطار هي الأهم في اليوم، ولكن ماذا يعني إذا كنت لا تستطيع حتى تخيّل تناول الطعام قبل الغداء؟.. لطالما اعتُبر الإفطار الصحي الغني بالبروتينات والكربوهيدرات والدهون الصحية الخطوة الأولى نحو حياة متوازنة، إذ يساعد الجسم على الحفاظ على مستوى ثابت من السكر في الدم، ويغذي الدماغ والطاقة، ويمنع تناول الوجبات الخفيفة السكرية وعالية السعرات الحرارية. ورغم أن نمط حياتنا السريع يجعل من الصعب الجلوس لتناول إفطار متكامل، فإن وجبة إفطار عالية البروتين يمكن أن تُبقيك شبعانًا لفترة أطول، مما يجنّبك الشعور بالجوع في منتصف اليوم؛ في المقابل، تؤدي حبوب الإفطار السكرية إلى ارتفاع مفاجئ في مستويات السكر في الدم، ما يجعلك أقل تركيزًا في الصباح؛ بحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية. لماذا لا تشعر بالجوع في الصباح؟ تقول ناتالي بروز، خبيرة التغذية العلاجية، لمجلة Stylist: "سؤالي هو: لماذا لا تشعر بالجوع خلال أول ساعتين من استيقاظك؟" وتشير إلى أن كثيرين يكتفون بفنجان قهوة بدلاً من الإفطار، وهو ما قد يكون خطيراً على المدى الطويل. اقرأ ايضا|أفكار فطور سريعة وصحية لأطفالك قبل المدرسة وأضافت: "إذا كنت تُخفي شعورك بالجوع بتناول القهوة، فهذه ليست بداية جيدة ليومك؛ فالكافيين لا يمنح خلايا الجسم طاقة حقيقية، بل يثير الجهاز العصبي لإفراز الأدرينالين، ما يعطي إحساسًا زائفًا بالنشاط." وتوصي بروز بتأجيل تناول القهوة إلى ما بعد الإفطار، لدعم تنظيم هرموني الأدرينالين والكورتيزول بشكل طبيعي. تخطي الإفطار قد يعيق خسارة الوزن يلجأ كثيرون لتجاوز وجبة الإفطار في محاولة لإنقاص الوزن، لكن النتيجة قد تكون عكسية؛ ففي دراسة حديثة أجراها باحثون إسبان، وُجد أن من يرغبون في خسارة الوزن يجب أن يحصلوا على 20 إلى 30% من إجمالي السعرات اليومية في وجبة الإفطار؛ أي ما يعادل نحو 500 إلى 750 سعرة حرارية للرجال، و400 إلى 600 للنساء. الإفطار يحسّن المزاج والصحة النفسية الاهتمام بتغذية الصباح لا يدعم الجسم فقط، بل العقل أيضًا؛ فقد كشفت دراسة نُشرت في فبراير أن تناول الإفطار قبل الساعة التاسعة صباحًا قد يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالاكتئاب. وأظهرت النتائج أن الذين يتناولون وجبتهم الأولى بعد التاسعة صباحًا أكثر عرضة بنسبة 28% للإصابة بانخفاض المزاج ومشاكل الصحة النفسية مقارنة بمن يأكلون قبل الثامنة صباحًا؛ كما أظهرت الدراسة أن تخطي الإفطار بالكامل له تأثير سلبي مشابه على الصحة النفسية. العلاقة بين الشهية الصباحية والإيقاع الحيوي إذا كان السبب في تخطي الإفطار هو الشعور بالتعب أو ضيق الوقت، فقد تكون المشكلة مرتبطة ب الإيقاع اليومي أو ما يُعرف ب "الساعة البيولوجية"، المسؤولة عن تنظيم النوم والطعام والطاقة. توضح بروز: "إذا كنت تستيقظ متعبًا أو تخرج مسرعًا دون وقت لتناول الطعام، فركّز على ضبط إيقاعك الحيوي؛ احرص على التعرض لضوء النهار خلال أول 30 دقيقة من الاستيقاظ، ونظّم روتين نومك ليلًا." وأضافت: "إذا شعرت بالغثيان عند شرب الماء صباحًا، فذلك بسبب أن جسمك ما زال ينتقل من هيمنة هرمون الميلاتونين إلى الكورتيزول أثناء الاستيقاظ." الكورتيزول والميلاتونين: توازن حرج تشرح كارا روز، أخصائية التغذية العلاجية، أن الجسم يدير توازنًا دقيقًا بين هرموني الكورتيزول والميلاتونين؛ "خلال النوم، يعتمد الجسم على مخزون الجلوكوز في الكبد للحفاظ على توازن السكر في الدم. وعندما تنفد هذه المخزونات بعد حوالي 8 ساعات، يفرز الجسم الكورتيزول لمساعدة الجسم على إنتاج الطاقة." وتضيف أن الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن الاسترخاء والنوم، ينخفض تدريجيًا بعد الاستيقاظ، وقد يستغرق ذلك من ساعة إلى ساعتين حتى يصبح الأكل مريحًا للجسم. فقدان الشهية الصباحية قد يشير إلى التوتر المزمن تقول روز: "الاستيقاظ دون شهية قد يعني أنك تعيش حالة توتر مزمنة، حيث يعتمد جسمك على الكورتيزول كمصدر للطاقة." وقد ربطت دراسات سابقة الإجهاد المزمن بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والاكتئاب. وتوصي روز في هذه الحالة بشرب ماء دافئ مع الزنجبيل والليمون في الصباح لتحفيز وظائف الكبد وتنشيط الجسم. الإفطار وسيلة فعالة لمواجهة التوتر تضيف بروز أن الإفطار نفسه يمكن أن يساعد في تخفيف التوتر:"ابدأ بخطوات بسيطة: تناول وجبة خفيفة في الصباح دون كافيين، واسمح لجسمك بإعادة توازنه العصبي تدريجيًا." كما تنصح بممارسة التنفس العميق فور الاستيقاظ، لأن ذلك يساعد في خفض مستويات الكورتيزول وإخراج الجسم من حالة "القتال أو الهروب". وتوصي بطريقة "التنفس الصندوقي" أو Box Breathing، عبر: الشهيق لأربع ثوانٍ حبس النفس لأربع ثوانٍ الزفير لأربع ثوانٍ ثم حبس النفس مجددًا لأربع ثوانٍ هل من الضروري الإفطار دائمًا؟ إذا لم تكن تعاني من التوتر، بل ببساطة لست من محبي الإفطار، فلا داعي للقلق؛ تشير بروز إلى أن شعوب حوض البحر الأبيض المتوسط غالبًا ما يتناولون إفطارًا خفيفًا أو متأخرًا، ضمن نمط غذائي معروف بفوائده في تعزيز العمر الطويل. وتوضح أن النظام الغذائي المتوسطي يبطئ عملية إفراغ المعدة من الطعام، مما يجعل الشخص يشعر بالشبع لفترة أطول وبالتالي بانخفاض الشهية صباحًا.