نال العميد أركان حرب إبراهيم الرفاعى الشهادة التى كان ينتظرها ويتمناها فى 16 أكتوبر 1973، 52 عاماً مرت على استشهاد من كتب اسمه بحروف من نور فى سجلات البطولة التى أرعب بها العدو الصهيونى طوال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة التى نفذها بالمجموعة « 39 قتال « التى حملت شعار «رأس النمر»، وأطلقت عليه العسكرية المصرية لقب «أسد سيناء»، وتناول المراسل العسكرى الأديب جمال الغيطانى بطولاته مع مجموعته التى قامت بعملياتٍ فدائية خلف خطوط العدو، ويقول الغيطانى الذى خلّد أسد سيناء فى رواية «الرفاعى» التى وصفه فيها بقوله: - «جاء إلى الدنيا ليقاتل دفاعًا عن كل الذين مرّ بهم وعرفهم أو مشوا معه وكل من يعيشون فى المساحات التى طار فوقها بالهليكوبتر والأنتينوف وبالأليوشن، إنه العميد أركان حرب إبراهيم الرفاعى مؤسس وقائد المجموعة « 39 قتال» الاستثنائية فى تاريخ العسكرية المصرية» . التحق البطل إبراهيم الرفاعى بسلاح المشاة عقب تخرجه فى الكلية الحربية وشارك فى الدفاع عن بورسعيد أثناء العدوان الثلاثى، والتحق بعدها بفرقة المظلات وأصبح مدرساً بمدرسة الصاعقة وتولى قيادة أول فرقة صاعقة ساهم فى تشكيلها عقب نكسة 67 للقيام بعملياتٍ نوعية خلف خطوط العدو فى عمق سيناء، وفى 5 أغسطس 1968 شكلت قيادة القوات المسلحة مجموعة صغيرة من أبطال الصاعقة باسم فرع العمليات الخاصة التابعة للمخابرات الحربية والاستطلاع، وتولى إبراهيم الرفاعى قيادة المجموعة 39 قتال التى قامت بتكليفاتٍ خاصة بثت الرعب فى قلوب العدو خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، بدأها الرفاعى مع مجموعته بنسف مخازن الذخيرة التى خلفتها القوات المصرية وراءها فى سيناء، ونسف قطار للعدو فى الشيخ زويد، وأصبح الرفاعى معروفاً للعدو بلقب «المرعب». فى مطلع 1968 نشرت إسرائيل مجموعة من الصواريخ لإجهاض عملية البناء التى تقوم بها القوات المصرية وكانت تخفيها باحترافية، وكلف الفريق عبد المنعم رياض البطل إبراهيم الرفاعى بإحضار صاروخ منها لدراسته، فعبر القناة مع رجال مجموعته الذين عادوا بثلاثة صواريخ، وعُزل بعدها القائد الإسرائيلى المسئول عن قواعد الصواريخ، وفى 9 سبتمبر 1969، قام العدو بسرقة رادار مصرى من منطقة الزعفرانة، وتم تكليف الرفاعى ومجموعته بتطهير الطريق الأسفلتى من الألغام التى زرعها العدو ونجح فى ذلك مما جعل اسم الرفاعى ومجموعته بمثابة كابوس مزعج للعدو، وعُرف الرفاعى فى كل وحدات الجيش المصرى، بأسطورة الصاعقة، وأشجع رجال عبد الناصر الذى كلفه بالثأر السريع صباح استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، وظل الرفاعى يخطط للانتقام إلى أن عبر برجاله فى اليوم الأربعين إلى موقع المعدية 6 التى أطُلقت منها القذائف على الشهيد عبد المنعم رياض، وقام بتدمير الموقع بكامله وإبادة 44 ضابطاً وجندياً، وأحست إسرائيل بفزع دفعها لتقديم احتجاج رسمى لمجلس الأمن قالت فيه: إن جنودها تم ذبحهم بوحشية، وتناسى العدو الوحشية التى تعامل بها مع الأسرى فى 5 يونيو 1967، وإمعاناً فى إذلال العدو رفع البطل إبراهيم الرفاعى العلم المصرى على حطام المعدية، وظل العلم يرفرف على الموقع ثلاثة أشهر لم يجرؤ العدوعلى الاقتراب منه، وقد أذاق الرفاعى بمجموعته الهزائم المريرة فى أكثر من 40 عملية خاصة طوال حرب الاستنزاف التى نجح خلالها فى قطع خطوط الإمداد والاتصالات عن القوات الإسرائيلية وعزلها عن قيادتها وشل قدرتها على المناورة، وتمكنت مجموعته من تدمير عددٍ كبير من الدبابات والمدفعية الإسرائيلية لتحقيق التفوق النارى للقوات المصرية. وكان للرفاعى ومجموعته دور كبير فى العمليات التى قامت بها فى إطار الخطة الموضوعة لحرب أكتوبر إلى أن تم استدعاؤه للقاهرة يوم 18 أكتوبر 1973 بعد عملية ضرب مطار الطور، لمقابلة الرئيس السادات والفريق أول أحمد إسماعيل لمناقشة ثغرة الدفرسوار، وطلب منه أن يضع خطة لنسف وتدمير المعبر الذى يستخدمه العدو، ويقول اللواء محسن طه أحد أعضاء المجموعة 39 قتال فى مذكراته: إن الرفاعى تلقى تعليمات من الفريق سعد الدين الشاذلى يوم 19 أكتوبر بضرورة التحرك إلى موقع تقاطع «سرابيوم» عند قرية «نفيشة» والتمسك به لمنع قوات العدو من التقدم لاحتلال الإسماعيلية، وفوجئت عناصر الاستطلاع بالمجموعة بتقدم دباباتٍ إسرائيلية فى اتجاه مواقع الصواريخ المضادة للطائرات، فأمر الرفاعى بنشر كمائن على يمين ويسار الطريق لمنع تقدم العدو وتدميره، وتقدم ومعه الرائدان رفعت الزعفرانى ومحسن طه والرقيب أول مصطفى إبراهيم والعريف محمد الصادق عويس، وهم من أمهر رماة القاذف الصاروخى «آر بى جى 7» والمدفع 84 ملى، ووصلوا إلى أعلى نقطة بالموقع ليكون الضرب مباشراً بالأسلحة المضادة للدبابات المحمولة على الكتف، ونتج عن الاشتباك تدمير دبابتين فتوقف قول دبابات العدو، واستمر الاشتباك بالصواريخ المضادة للدبابات، وفجأة سقط البطل إبراهيم الرفاعى عندما اخترقت شظية صدره، وفشلت كل محاولات إسعافه لوقف النزيف، فحمل الأبطال جثمانه فى عربة جيب إلى قيادة المجموعة، وطلبت القيادة العامة إرسال جثمان الطاهر للقاهرة لتشييع جنازته بما يليق ببطولاته التى اختتمها بالدماء الزكية فى قتالٍ مع العدو الذى كان يشعر بالرعب لمجرد سماع اسمه، واستشهد فى سنة 1973، وحصل الشهيد البطل إبراهيم الرفاعى على نوط الشجاعة العسكرى من الطبقة الأولى، وميدالية الترقية الاستثنائية، ووسام النجمة العسكرية، ونوط الواجب العسكرى، ووسام نجمة الشرف، ووسام نجمة سيناء، ووسام الشجاعة الليبى، وحصل اسمه على سيف الشرف عام 1979. «كنوز»