رئيس محكمة النقض يُهنئ رئيس مجلس الشيوخ    البيئة تشكل لجنة تفتيش عاجلة لفحص انبعاثات محطة خلط خرسانة بالمنوفية    مصر تشارك في فعاليات مراسم التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية    حزب العمال الكردستاني: الإفراج عن أوجلان ضروري لنجاح عملية السلام مع تركيا بفاعلية أكبر    «الجثث».. ورقة إسرائيل الأخيرة لإشعال غزة |الاحتلال يُحَوِّل القطاع لمكب نفايات.. و«مليون طفل» يُواجهون أهوالًا يومية    نقيب الصحفيين: المرأة الفلسطينية عمود رئيس في النضال وسلاح للدفاع عن القضية    أحمد أبوالغيط: إسرائيل المستفيد الوحيد من 2011 والربيع العربي    الشوط الأول| المصري يتقدم على الاتحاد الليبي    بالصور.. انقلاب سيارة نقل بمقطورة بالطريق الزراعي السريع بطنطا    الأرصاد تحذر من شبورة كثيفة وأمطار خفيفة على بعض المناطق.. وتدعو السائقين لتوخي الحذر    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب كمية من مخدر الحشيش    وجوه مختلفة لعمرو يوسف في الإعلان الرسمي ل"السلم والثعبان لعب عيال" (فيديو)    مدبولي من السويس: تطوير الصحة أولوية رئاسية.. و73% من سكان المحافظة تحت مظلة التأمين الشامل    "شقوير": رقمنة السجلات وتحديث الرعايات ضمن خطة تطوير المؤسسة العلاجية    الجيش الإسرائيلي يقول إنه قضى على تاجر أسلحة في عمق لبنان    مهرجان القاهرة للطفل العربي يطلق دورته الثالثة 10 نوفمبر    عرض مسلسل «جولة أخيرة» بطولة أحمد السقا على mbc.. قريبًا    أول تعليق من محمد سلام بعد مشاركته في احتفالية «وطن السلام»: عاشت فلسطين حرة عربية (فيديو)    وزير الشباب والرياضة يتلقي خطابًا من رئيس الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة بشأن الجهود الدولية لمكافحة التجنيس    تشكيل المصري - دغموم وصلاح ومنذر يقودون الهجوم ضد الاتحاد في الكونفدرالية    5 أبراج تهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلاحظ كل شيء.. هل أنت منهم؟    وزير المالية: إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة والتعليم خلال السنوات المقبلة    محافظة المنيا تحقق الترتيب الرابع على محافظات الجمهورية في ملف التقنين    هل رمي الزبالة من السيارة حرام ويعتبر ذنب؟.. أمين الفتوى يجيب    ضبط المتهم بإصابة 3 أشخاص في حفل خطوبة بسبب غوريلا.. اعرف التفاصيل    طاهر الخولي: افتتاح المتحف المصري الكبير رسالة أمل تعكس قوة الدولة المصرية الحديثة    البابا تواضروس يكلف الأنبا چوزيف نائبًا بابويًّا لإيبارشية جنوب إفريقيا    «تقبل انتقادات جماهير ليفربول».. ماكمانامان يوجه رسالة نارية ل محمد صلاح    وزير الخارجية يتابع استعدادات افتتاح المتحف المصري الكبير    بسبب خلافات بينهما.. إحالة مدير مدرسة ومعلم بالشرقية للتحقيق    محافظ المنوفية يتفقد عيادات التأمين الصحي بمنوف    مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين جراء هجمات روسية على منطقة خاركيف    إطلاق مبادرة "افتح حسابك في مصر" لتسهيل الخدمات المصرفية للمصريين بالخارج    محافظ المنوفية يتفقد إنشاءات مدرسة العقيد بحري أحمد شاكر للمكفوفين    القوات المسلحة تدفع بعدد من اللجان التجنيدية إلى جنوب سيناء لتسوية مواقف ذوي الهمم وكبار السن    الأمن يكشف حقيقة فيديو فتاة «إشارة المترو» بالجيزة    كنز من كنوز الجنة.. خالد الجندي يفسر جملة "حول ولا قوة إلا بالله"    نقابة الصحفيين تعلن بدء تلقى طلبات الأعضاء الراغبين فى أداء فريضة الحج    تجهيز 35 شاحنة إماراتية تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة    مستوطنون يهاجمون المزارعين ويسرقوا الزيتون شرق رام الله    لأول مرة في جنوب سيناء.. افتتاح وحدة علاج الأورام والعلاج الكيماوي بمجمع الفيروز الطبي    الزمالك يوضح حقيقة عدم صرف مستحقات فيريرا    المرشح أحمد حسام: "شرف كبير أن أنال ثقة الخطيب وأن أتواجد ضمن قائمته"    كيف تتعاملين مع إحباط ابنك بعد أداء امتحان صعب؟    الشوربجى: الصحافة القومية تسير على الطريق الصحيح    الرئيس الفلسطيني يصدر قرارًا بتولي نائبه رئاسة فلسطين حال خلو منصب الرئيس    مهرجان القاهرة يهنئ أحمد مالك بعد فوزه بجائزة أفضل ممثل في «الجونة السينمائي»    منح العاملين بالقطاع الخاص إجازة رسمية السبت المقبل بمناسبة افتتاح المتحف    حسام الخولي ممثلا للهيئة البرلمانية لمستقبل وطن بمجلس الشيوخ    رئيس الوزراء يستعرض الموقف التنفيذي لأبرز المشروعات والمبادرات بالسويس    مركز الازهر العالمي للفتوى الإلكترونية ، عن 10 آداب في كيفية معاملة الكبير في الإسلام    مصدر من الأهلي ل في الجول: فحص طبي جديد لإمام عاشور خلال 48 ساعة.. وتجهيز الخطوة المقبلة    هيئة الرقابة المالية تصدر قواعد حوكمة وتوفيق أوضاع شركات التأمين    د. فتحي حسين يكتب: الكلمة.. مسؤولية تبني الأمم أو تهدمها    تداول 55 ألف طن و642 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    مصرع شخص في حريق شقة سكنية بالعياط    بث مباشر الأهلي وإيجل نوار اليوم في دوري أبطال إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأساة منسية
فواصل
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 21 - 10 - 2025

انظر حولك فى أى شارع، أو فى منطقة سكنك، لتعرف - عزيزى القارئ - أن هناك شعبا شقيقا، لدولة عظيمة، تملك من القدرات والإمكانيات والثروات الطبيعية، ما يؤهلها لتكون إحدى أهم الدول على الصعيد الاقتصادى فى إفريقيا، ولكنه وعلى نفس المستوى، يعيش مأساة إنسانية كبيرة، نستشعر جزءاً بسيطاً منها، وهو الخاص بأشقائنا الذين اختاروا مصر سكناً لهم، هرباً من حرب مستمرة منذ عامين ونصف، وهم بالملايين، أتحدث عن الشعب السودانى، الذى يعانى مرتين، من (الغربة) و(نسيان مأساته)، فى ظل حالة عدم اكتراث دولي، فقد طغت حروب أخرى، لا تقل فداحة، على المأساة التى يعشها، سواء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، والحرب فى أوكرانيا، اللذان تصدرا المشهد الدولى، رغم أن حجم المأساة فى السودان يفوق الأضرار التى لحقت بالمنطقتين، بينما تراجع الاهتمام بالملف السوداني، وشواهد المأساة، لا تحتاج لدليل، (والأرقام لا تكذب ولا تتجمل)، فقد وصفت الأمم المتحدة الوضع بأنه (أكبر مأساة إنسانية فى العالم المعاصر)، مع مقتل أكثر من 150 ألف شخص، أى أكثر من ضعف ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة، وأكبر عملية نزوح فى التاريخ، ما يقارب 12 إلى13 مليون شخص، وتهجير أكثر من 3 ملايين شخص، وما يقرب من 25 مليوناً يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة ولك أن تتصور أن تكلفة إعادة الإعمار ما بين723 ملياراً إلى تريليون دولار.
والمأساة مازالت مستمرة، فحصار الفاشر عاصمة إقليم دارفور، منذ أشهر قليلة من قبل قوات الدعم السريع، نتج عنه معاناة مليون ونصف المليون سودانى، لدرجة أن البعض أطلق عليها (غزة إفريقيا)، فجرائم قوات الدعم السريع، تمثلت فى الحصار على المدن والقرى، والتجويع ومنع الغذاء والدواء، لتركيع السكان وتجويعهم، والقيام بعمليات نهب منظم، والاستيلاء على ممتلكات المواطنين، والتدمير الممنهج للبنية التحتية، وكأنهم يحاربون شعباً آخر، أو عدواً خارجياً وليسوا شركاء وطن، فالنجاح الوحيد الذى أحرزه محمد حمدان دقلو قائد الدعم، تحويل قواته إلى آلة إبادة، والغريب أنه يرفع شعار (تحرير السودان من العسكر)، وينسى أن الطرف الآخر فى المواجهات، هو الجيش الوطنى السودانى، والذى لا يختلف فى مهماته عن جيوش العالم، باعتباره (عمود الخيمة)، والذى يحافظ على وحدة البلاد، وسلامة أراضيه، وراح يتجمل، عندما قام بإعلان ما يسمى (الحكومة الموازية)، وكأنها ستعطى له شرعية مفقودة، أو تغير طبيعة قواته، وقد اعتبرتها جهات عديدة، وفى القلب منها مصر ومجلس السلم والأمن الإفريقي، تعقيداً للأزمة، وعرقلة أى جهود لحلها، ولهذا لم يعترف بها أحد. وحقيقة الأمر، أنه رغم تعدد المبادرات السياسية من جهات عديدة، فإن المواجهات العسكرية على حلها، وقد بدأت بمنصة مدينة جدة السعودية فى مايو 2023، برعاية سعودية أمريكية، والتى أفضت إلى توقيع (إعلان جدة) الذى نص على التزامات واضحة من الطرفين بحماية المدنيين، ولكنها انهارت بعد قرار إقالة حميدتى من منصبه، ومع ذلك تم التوصل إلى وقف مؤقت قصير لإطلاق النار، إلا أن قوات الدعم السريع قامت بخرق الهدنة، مما دفع الجيش إلى تعليق مشاركته فيها، وعلى نفس المستوي، طرح الاتحاد الإفريقى (خارطة طريق) فى نفس التوقيت، شملت وقفاً دائماً لإطلاق النار، وتحويل الخرطوم منطقة منزوعة السلاح، وتجميع القوات المتحاربة على بعد50 كيلو متراً، مع نشر قوات إفريقية لحماية المؤسسات الحيوية، وتأمين المرافق العامة، وبعدها بشهرين دخلت منظمة (إيجاد) على الخط، فى يوليو2023 فى أديس أبابا، وبحضور كينيا وجنوب السودان وجيبوتي، ولكنها فشلت فى ظل اتهام الجيش الوطنى السودانى لكينيا، بالانحياز إلى قوات الدعم.
ويظل الأمل الأخير، فى نجاح الآلية الرباعية الدولية، التى تضم مصر وأمريكا والسعودية والإمارات، والمقرر لها اجتماع خلال الأيام المقبلة فى واشنطن، والتى سبق لها أن طرحت خريطة للحل منذ فبراير الماضي، وتتضمن هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تتطور إلى وقف دائم لإطلاق النار، تمهيداً لعملية انتقال شاملة وشفافة تستغرق تسعة أشهر، وتنتهى بتشكيل حكومة مدنية، لا تخضع لسيطرة أى طرف عسكري، وآخر بيان لها كان في11 من سبتمبر الماضي، أكد على التمسك المبدئى والثابت بوحدة الدولة السودانية، ورفض أى حل عسكرى للأزمة، وقد يفسر ذلك طبيعة الزيارة التى قام بها قائد الجيش السودانى الفريق عبدالفتاح البرهان إلى القاهرة، الأربعاء الماضي، ولقائه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، والذى شهد تطابقاً واضحاً فى وجهات النظر بين البلدين، حول ضرورة إنهاء الحرب فى السودان، خاصة مع وضوح وثبات الموقف المصري، والذى جاء على لسان الدكتور بدر عبدالعاطي، والذى يتلخص فى استبعاد أى حل عسكرى للأزمة، والحفاظ على الدولة الوطنية السودانية، باعتباره أمراً جوهرياً، وضرورة عدم التدخل فى الشئون الداخلية له، واحترام سيادته الكاملة، والتمسك بمبدأ (دولة واحدة، وسلطة واحدة، وسلاح واحد)، ويأتى فى نفس الإطار، التنسيق مع الجانب الأمريكي، من خلال تواجد مبعوث ترامب الخاص إلى إفريقيا مسعد بولس فى القاهرة، خلال زيارة البرهان.
وأخيراً من المهم التأكيد على أن الحل سيبقى فى نهاية الأمر سودانياً - سودانياً، مما يستلزم توافر إرادة سياسية لإنجاز ذلك من كل أطرفها، سواء كانوا طرفى الصراع العسكرى - مع التأكيد أننا أبداً لا نساوى بين جيش وطني، وجماعة مسلحة - ناهيك عن القوى المدنية المنقسمة على نفسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.