فى مؤتمره العام.."الحرية المصرى" ينتخب 5 نواب لرئيس الحزب وأمينا عاما    رئيس الوزراء يشهد افتتاح «رصيف عباس» بميناء غرب بورسعيد بعد تطويره    محمود عباس يشكر مفتي روسيا على مواقفه الداعمة للفلسطينيين    السودان.. 21 قتيلا في هجوم للدعم السريع على سجن بشمال كردفان    «عواد يطلب إراحته لنهاية الموسم».. أحمد حسن يكشف    وزير التعليم: إجراءات تأمينية مشددة لضمان سير امتحانات الثانوية العامة بشكل ناجح ومنظم    الأرصاد: طقس غداً الأحد شديد الحرارة نهاراً معتدل ليلاً    الداخلية تتابع استعدادات تفويج حجاج القرعة وتخصص حافلات مزودة بGPS لمتابعة خط السير    منى زكي بعد حصدها جائزة أحسن ممثلة بمهرجان المركز الكاثوليكي: وسام أعتز به في مسيرتي    حجز محاكمة 19 متهم من أعضاء " خلية تزوير المرج " للنطق بالحكم    بوسي شلبي بعد أزمتها مع أبناء محمود عبد العزيز: "شكراً لكل الأصدقاء"    أبو بكر القاضي ل "البوابة نيوز": الاحتفال بيوم الطبيب سيكون برعاية الرئيس    المشدد 3 سنوات لعاطل تعدى بالضرب على صديقه في القليوبية    بعد تحقيق مكاسب سياسية.. اتهامات التطرف ومعاداة الإسلام تطارد الإصلاح البريطانى    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    استعدادا لموسم الصيف..محافظ مطروح يتفقد مستشفى رأس الحكمة    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    "بسبب ماس كهربائى" مصرع وإصابة ثلاثة أشخاص إثر نشوب حريق داخل حوش مواشى فى أسيوط    قانون الإيجار القديم... التوازن الضروري بين العدالة الاجتماعية والحقوق الاقتصادية    جدول مواقيت الصلاة في محافظات مصر غداً الأحد 11 مايو 2025    "الشناوي وسيحا وشوبير وحمزة".. يلا كورة يكشف تطورات ملف حراسة مرمى الأهلي    عوض تاج الدين: الدعم الرئاسي أحدث طفرة واضحة للمنظومة الصحية    وصول جثمان زوجة محمد مصطفى شردى لمسجد الشرطة    مهرجان SITFY-POLAND للمونودراما يعلن أسماء لجنة تحكيم دورته 2    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    قرار تأديب القضاة بالسير في إجراءات المحاكمة لا يعتبر اتهام أو إحالة    مديرية أمن القاهرة تنظم حملة تبرع بالدم بمشاركة عدد من رجال الشرطة    بيتر وجيه مساعدا لوزير الصحة لشئون الطب العلاجى    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    محافظ أسوان: توريد 170 ألف طن من القمح بالصوامع والشون حتى الآن    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    فيلم سيكو سيكو يواصل تصدر الإيرادات    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    «لوفتهانزا» الألمانية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى تل أبيب    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    جيروساليم بوست: ترامب قد يعترف بدولة فلسطين خلال قمة السعودية المقبلة    أبرز ما تناولته الصحف العالمية عن التصعيد الإسرائيلي في غزة    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    تنظيم ندوة «صورة الطفل في الدراما المصرية» بالمجلس الأعلى للثقافة    المتحف المصري الكبير يستقبل فخامة رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    تحرير 16 محضرا لمخالفات تموينية في كفرالشيخ    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    تعرف على مواعيد مباريات الزمالك المقبلة في الدوري المصري.. البداية أمام بيراميدز    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    استثمارات 159 مليون دولار.. رئيس الوزراء يتفقد محطة دحرجة السيارات RORO    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    خبر في الجول - زيزو يحضر جلسة التحقيق في الزمالك    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    بكام الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق الشرقية السبت 10 مايو 2025    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    حبس لص المساكن بالخليفة    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد عامين من المواجهات العسكرية.. السودان بين بشائر النصر والتوافق على خريطة اليوم التالى
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 12 - 04 - 2025

إبراهيم مصطفى ومروى حسن حسين وسميحة شتا وأسامة عجاج
هى كارثة إنسانية غير مسبوقة، وأسوأ أزمة نزوح فى العالم و»أكبر أزمة جوع فى العالم»، عن الوضع فى السودان أتحدث بعد مرور عامين من المواجهات بين قوات الجيش الوطنى السودانى وميليشيا قوات الدعم السريع والتى بدأت فى الخامس عشر من أبريل 2023، والتوصيف ليس نتاج تقارير صحفية قد تتسم بالمبالغة، ولا مراقبين ينحازون لأحد طرفى النزاع، ولكنها جاءت ضمن تقارير رسمية صادرة من منظمات دولية معنية وفى مقدمتها الأمم المتحدة، والبداية كانت فى محاولة من الجيش الوطنى السودانى لتصحيح خطأ تاريخى وقع فيه قادة السودان منذ السنوات الماضية، عندما تم السماح بتشكيل ميليشيات عسكرية موازية للجيش صاحب الدور التاريخى فى الحفاظ على أمن واستقرار السودان والأمين على وحدته، فراحت تعيث فى طوال البلاد تخريبًا ونهبًا وسلبًا.
توابع الأزمة كشفت عن انقسام سياسى واضح داخل المكونات والأحزاب السودانية، أغلبها اصطف مع الجيش السودانى بالدعم والمساندة والمشاركة للدفاع عن الشرعية حتى تمكن الجيش خلال الأشهر القليلة الماضية من استعادة زمام الأمور ونجح فى تحرير إقليم العاصمة الخرطوم ودخل القصر الجمهورى ومؤسسات الدولة السيادية العديدة مع تراجع واضح لقوات الدعم السريع بعد هروب عناصرها من ساحات المواجهات، وقليل منها اختار الجانب الخطأ وراح يتبنى مواقف ستؤدى فى النهاية إلى تقسيم الدولة والتشجيع على الانفصال تحت شعارات منها حق تقرير المصير أو تبنى خيار الكونفيدرالية.
اقرأ أيضًا | وزير الخارجية يؤكد لرئيس مجلس السيادة السوداني على موقف مصر الثابت والداعم للسودان
كما كشفت توابع الأزمة - ثانيًا - عن عجز المجتمع الدولى والإقليمى فى لعب دور فى وقف العمليات العسكرية رغم تعدد الوساطات والمبادرات ولكن بعضها حكمته مصالح ومواقف سياسية مسبقة من الصراع، بالإضافة إلى موقف مبدئى من الجيش السودانى برفضه التعاطى وفقًا لرؤى بعض الوساطات بالتساوى مع ميلشيات خارجة عن القانون.
ويبقى أخيرًا أن الجيش السودانى لم يكتفى بانتصاراته، بل سعى إلى البحث عن توافق حقيقى مع القوى السياسية المختلفة عن خريطة طريق للتسوية الشاملة.. من خلال مبادرة تم تقديمها للفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالى القائد العام للقوات المسلحة، تضمنت فترة انتقالية طويلة يحظى فيها الجيش بكل الدعم الشعبى لإنهاء حالة السيولة الأمنية والعمل على تشكيل هياكل انتقالية لإدارة شئون البلاد لحين التوافق الوطنى على نظام الحكم ودور المكون المدنى فيه.. وفى هذه التقرير محاولة لمزيد من التفاصيل حول ماجرى خلال عامين من المواجهات فى السودان:
ثوابت الموقف المصرى ..وحدة البلاد «خط أحمر» والمشاركة الفَعَّالة فى إعادة الإعمار
مثلما يصعب أن يكتب تاريخ السودان دون ذكر مصر، أبت القاهرة أن تترك الخرطوم فى أصعب مرحلة تاريخية تمر عليها، فمنذ اندلاع الحرب قبل عامين لم يتوقف الدور المصرى الداعم لمؤسسات الدولة السودانية لتحقيق الاستقرار، فى مواجهة ميليشا الدعم السريع التى عملت على تفكيك البلاد وارتكبت جرائم موثقة أمميًا بحق الشعب السودانى.
منذ اللحظات الأولى للنزاع، سعت مصر إلى احتواء التصعيد عبر مبادرات دبلوماسية تهدف إلى وقف إطلاق النار وإيجاد حل سياسى للأزمة، فى يوليو 2023، استضافت القاهرة «قمة دول جوار السودان» بحضور قادة من دول الجوار والمنظمات الإقليمية، بهدف تنسيق الجهود لإنهاء الصراع ومنع تداعياته الإقليمية، حيث أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ضرورة الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه.
كما دعت مصر إلى حوار شامل يضم جميع الأطراف السودانية، بما فى ذلك الفصائل المدنية والعسكرية، للوصول إلى تسوية سياسية، وهو الخطاب الذى تبنته مصر على مدار العامين الماضيين، خاصة خلال استقبال الرئيس السيسى لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عدة مرات.
كما عملت مصر على توحيد الصف السودانى عبر جهود مكثفة كان أهمها فى يوليو من العام الماضى، بتنظيم مؤتمر للفصائل السياسية والمدنية السودانية، حيث أكد وزير الخارجية بدر عبدالعاطى، أن أى حل سياسى يجب أن يكون «بقيادة سودانية خالصة»، مع دعم دور الجيش كضامن لاستقرار البلاد.
الشعب السودانى الذى واجه أكبر أزمة نزوح فى العالم، حدد وجهته صوب الشقيقة الكبرى مصر، التى أحسنت استقبال أكثر من 1.2 مليون سودانى، وفق تقرير للأمم المتحدة، كضيوف وليسوا لاجئين مثلما يؤكد دائمًا الرئيس السيسى، حيث يحصلون على كافة الخدمات المقدمة للمواطن المصرى، كما كانت مصر الدولة الوحيدة التى سمحت بعقد امتحانات الثانوية السودانية على أراضيها، وهو ما استفاد منه 28 ألف طالب العام الماضى.
الدعم الدبلوماسى المصرى لموقف السودان كان حاضرًا فى كافة المحافل الدولية والإقليمية، حيث تستند التحركات المصرية إلى أكثر من مبدأ، منها: الحفاظ على وحدة وسلامة أراضى السودان وهو أمر غير قابل للتفاوض، والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية السودانية، وفى ظل وجود مبادرات دولية معنية بالشأن السودانى لا تمثل فيها الحكومة السودانية، تعمل مصر على رفض أية إملاءات على الشعب السودانى، كما أنه على الصعيد الإنسانى فإن بعض الدول تسعى لفرض شروط معينة على دخول المساعدات إلى السودان، ولكن مصر تقف ضد هذه المسألة وتؤكد ضرورة دخول المساعدات بدون شروط.
وعلى صعيد الاتحاد الأفريقى الذى جَمَّد عضوية السودان، تبذل مصر جهودًا حثيثة لتمثيل صوت السودان الرسمى، أبرزها زيارة وفد مجلس السلم والأمن الأفريقى تحت الرئاسة المصرية إلى بورتسودان، ولقاء الوفد مع رئيس مجلس السيادة، وقد كانت زيارة إيجابية وبداية حقيقية لانخراط الاتحاد الافريقى مع الحكومة فى بورتسودان.
الخطاب المصرى يضع وحدة الأراضى السودانية على رأس الثوابت التى لا تحمل المساومة، وهو ما ظهر مؤخرًا فى رفض محاولات تشكيل حكومة موازية، وعقب بيان مصر صدرت بيانات من دول أخرى مثل السعودية وقطر والكويت لرفض «ميثاق نيروبى» باعتباره تحركًا كتمهيد لتقسيم السودان ويدخلها فى حلقة على خطى السيناريو الليبى.. وظهر الترحيب الشعبى والرسمى بالدور المصرى فى السودان فى مواقف عديدة، منها تصريح وزير الخارجية السودانى السفير على يوسف أحمد الشريف، أنه لولا الموقف المصرى القوى لنجحت مؤامرة تقسيم السودان، كما انتشر فيديو لضباط بالجيش السودانى عقب تحرير الخرطوم يوجهون فيه الشكر للقاهرة قائلين: «مصر يا أخت بلادى يا شقيقة».. ومع تقدم الجيش السودانى ميدانيًا خلال الأسابيع الأخيرة وسيطرته على المدن الكبرى وآخرها العاصمة الخرطوم، استجابت مصر لرغبة الجانب السودانى فى التعاون لوضع خطة لإعمار السودان ما بعد الحرب، حيث تم تشكيل لجنة مشتركة مصرية سودانية لبحث الاحتياجات التنموية فى البلاد ووضع أفضل الخطط لتلبيتها.
ثلاث محطات مهمة فى مسار المواجهات الأخيرة بين الطرفين
توتر شديد عاشه السودان خلال الستة أعوام السابقة، وتحديدًا بعد إسقاط نظام عمر البشير فى أبريل من عام 2019، والذى تم بمشاركة واسعة وانحياز واضح من القوات المسلحة السودانية إلى مطالب الجماهير المعتصمة بالميادين العام وأمام المؤسسات المهمة ومنها القصر الجمهورى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، ولكن هذا التطور لم يكن كافيًا لتهدئة الأوضاع بعد تضخم دور قوات الدعم السريع التى تم تشكيلها فى خطا استراتيجى مازالت البلاد تدفع ثمنه حتى الآن/ خاصة وأنه تحول إلى كيان موازٍ رفض كل مخططات الاندماج داخل الجيش الوطنى النظام مما دفع الجيش إلى تصحيح هذا الخطأ، فلجأت قوات الدعم السريع إلى تصعيد الصراع والذى اتخذ مسارًا تصاعديًا منذ أبريل 2023 ونستطيع أن نرصد ثلاث محطات أساسية من المواجهات خلال العامين الماضيين وهى كالتالى:
المحطة الأولى: والتى تمثل التطورات فى عام 2023 وتحديدًا فى نصف أبريل من العام نفسه، حيث اندلعت الاشتباكات فى العاصمة الخرطوم إثر تصاعد التوتر بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتى»، كانت الشرارة الأولى فى محيط القصر الرئاسى ومطار الخرطوم، ثم امتدت إلى باقى أنحاء العاصمة ومدن أخرى كبرى مثل دارفور، بحرى، أم درمان، ومدنى.
استخدم الطرفان مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والطيران والقذائف، مما تسبب فى دمار واسع ووقوع آلاف القتلى والجرحى، معظمهم من المدنيين، حيث أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على عدد من المقار الحكومية والمطارات، بينما رَكَّز الجيش على استعادة السيطرة عبر الطيران الحربى والقصف المدفعى، كما شهدت الفترة من أبريل حتى يونيو، اشتباكات عنيفة بالعاصمة، حيث سيطرت قوات الدعم السريع على عدد من المنشآت الاستراتيجية منها: مطار الخرطوم، القيادة العامة «بشكل جزئى»، بعض الأحياء السكنية فى الخرطوم وأم درمان وبحرى، وفى الفترة من مايو إلى يوليو تمدد الصراع إلى إقليم دارفور، حيث وقعت معارك طاحنة فى نيالا والفاشر والجنينة، سجلت تقارير واسعة عن انتهاكات إنسانية وعرقية خاصة غرب دارفور، وتصاعدت المواجهات فى كردفان من أغسطس إلى أكتوبر بعد تقدم
قوات الدعم السريع فى جنوب كردفان وتهديد مدينة الأبيض، ما يفتح جبهة جديدة ضد الجيش فى المناطق الوسطى مما دفع الجيش إلى الانسحاب من بعض المواقع فى الخرطوم، وأفادت تقارير بسيطرة الدعم السريع على مناطق استراتيجية جديدة بالعاصمة، وسط اتهامات باستخدام الطيران الحربى من قبل الجيش لقصف مواقع مدنية، وقد يعود ذلك إلى الدعم العسكرى الكبير الذى وصل إلى قوات حميدتى والإمدادات من بعض الدول الاقليمية الدولية التى وجدت مصالحها مع غياب استقرار السودان وأمنه واستمرار التمرد، التى تم تهريبها عبر الحدود من بعض دول الجوار.
المرحلة الثانية: والتى بدأت مع أوائل عام 2024، حيث بدأ عمليات الجيش فى شن هجمات مضادة بدعم بعض الفصائل المسلحة «مثل حركة تحرير السودان» فى محاولات لاستعادة الخرطوم وفك الحصار عن مناطق فى دارفور وكردفان، ونجح فى سبتمبر بعد هجمات جوية وبرية على مواقع قوات الدعم السريع بالخرطوم، استخدام المدفعية الثقيلة والطيران الحربى فى محاولة لاستعادة السيطرة على مناطق استراتيجية داخل العاصمة.
المحطة الثالثة: والتى بدأت منذ الأيام الأولى من هذا العام، حيث نجح الجيش فى كسر حصار الذى دام عامًا على مدينة الأُبَيِّض، الواقعة جنوب وسط السودان، مما عزز خطوط الإمداد الحيوية للجيش، لاستعادة مدينة الأُبَيِّض والسيطرة على مدينة ود مدنى، عاصمة ولاية الجزيرة، والتى كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع لأكثر من عام، تُعتبر هذه الخطوة ضربة كبيرة لقوات الدعم السريع.
ولعل الانتصارات الأخيرة منذ مارس الماضى أحد التحولات المفصلية فى مسار الأحداث بعد النجاح فى طرد عناصر الدعم السريع من العاصمة الخرطوم واستعادة القصر الجمهورى ذى الرمزية الكبيرة ومعها مؤسسات الدولة السيادية مع بدء مخططات لاستمرار العمليات باتجاه معقل الدعم السريع فى دافور وغيرها من المناطق المحدودة التى مازالت تحت سيطرته.
مبادرات وساطة دولية وإقليمية.. دون إحراز أى تقدم
دعونا نشير إلى آخر الوساطات الدولية لحل الأزمة السودانية ستأتى هذه المرة من بريطانيا التى تعتزم تنظيم مؤتمر منتصف هذا الشهر بمشاركة 20 وزيرًا من الدول المعنية، وقالت وزارة الخارجية فى بيان لها منذ أيام أن تحركها يهدف لبناء توافق فى الآراء بشأن الكيفية التى يمكن من خلالها للمجتمع الدولى فى دعم جهود الوساطة، الجهد البريطانى جزء من مسار طويل فى جهد دولى وإقليمى فى إنهاء هذه المأساة عبر أكثر من عشر مبادرات.
كما تشير العديد من التقارير خلال العامين الماضيين، وكانت نقطة البداية من المبادرة السعودية الأمريكية فى مايو 2023 والتى يطلق عليها منصة جدة التى أثمرت فى التوصل إلى ترتيبات أمنية وسياسية، والتى استضافت وفودًا عسكرية من الطرفين بهدف تخفيف التوتر وتهيئة الأرضية للحوار والتوافق على هدنة تدفع نحو وقف داعم لإطلاق النار وتيسير دخول المساعدات الإنسانية ولكن كان هناك صعوبة فى الالتزام ببنود المبادرة خاصة أن الجيش وجد أنه من الصعب التعامل بينه وبين ميليشيات متمردة على قدم المساواة كما أن قوات الدعم السريع، كانت تحقق تقدمًا فى هذا الإطار وهو نفس ما تكرر فى أغسطس من العام الماضى بجنيف، عندما حاولت بعض الجهات الجمع بين ممثلين من الجيش السودانى وقوات الدعم السريع وقاطعها الجيش لنفس السبب ولكن الأمر اختلف فى مباحثات العاصمة البحرنية المنامة والتى تتولى رئاسة القمة العربية لهذه الدورة فى يناير من العام الماضى بين نائبى قائد الجيش السودانى وقوات الدعم السريع تضمن 22 بندًا ولكن لم يتم الالتزام بما تم الاتفاق عليه.
وكان الاتحاد الافريقى قد تقدم بمبادرة أخرى فى نهاية نفس الشهر من عام 2023 ودخلت إثيوبيا على الخط وكذلك الجامعة العربية أطلقت عدة مبادرات سلام، وعقدت اجتماعات فى جدة وأديس أبابا وباريس وجنيف ونيروبى والقاهرة وجيبوتى، بالإضافة إلى ذلك، نُظمت ورش عمل وندوات من قِبل الحكومات الأوروبية والأمريكية فى فرنسا وسويسرا والسويد وفنلندا وكينيا، ومع ذلك، لم تحظَ هذه المبادرات السلمية إلا بقدر ضئيل من الزخم، وقد يعود ذلك للعديد من العوامل منها هو غياب التوافق حول أسباب الحرب وآليات الانتهاء منها ومرحلة مابعدها نتيجة تعقد القضايا وتداخل الأطراف السودانية والأخرى المعنية بذلك مما يلقى بظلاله على الالتزام بالتوصل إلى تسوية وقد كشف نائب القائد العام للجيش السودانى، الفريق إبراهيم جابر، فى أكتوبر الماضى عن مقاربة الجيش ولخصها فى أن محادثات السلام قد تستمر، لكن الجيش لن يوقف القتال، سبب آخر هو أن المتدخلين الأجانب لا يتحملون التكاليف المدمرة للحرب، مما يجعلهم أقل ميلًا للسعى إلى السلام، وعلى العكس من ذلك، فإنهم يواصلون ضخ كميات كبيرة من الأسلحة إلى البلاد، مما يقلل من فرص التوصل إلى حل سلمى، السبب الثالث هو منصات الوساطة العديدة والمتنافسة، حيث تتخذ منصات محادثات السلام ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرارات وتوقع الاتفاقيات وتطلق التوصيات دون أى خطوات عملية لتنفيذها، وأبرز دليل على ذلك ماحدث فى العشرين من مارس الماضى، حيث شهدت العاصمة الإثيوبية أديس أبابا اجتماعًا موسعًا بين عشر من مبعوثين وممثلين دوليين منهم الاتحاد الافريقى والأوروبى والاتحاد الافريقى بمبادرة من منظمة الايجاد الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق افريقيا، حيث تم التوافق على تنسيق الجهود وتوحيدها وتعزيز التعاون من أجل حل سودانى سودانى، وحدد خطوات ملموسة لدعم الشعب السودانى فى تحقيق سلام دائم ومستدام ووضع خريطة طريق لتنفيذ إعلان جدة وتعزيز التواصل مع المجتمع المدنى، واعترف البيان بأن سبب فشل الوساطات فى تعدد المنابر، ومع ذلك تتطلب عملية السلام بالسودان، ثلاثة عناصر: القوى المدنية بحاجة إلى المصالحة، حيث إن انتشار الجهات الفاعلة يسبب الارتباك، ثم يجب منحهم دورًا فى محادثات السلام لضمان ألا تكون التسوية عسكرية فقط، والثانى وقف تدفق الأسلحة إلى البلاد،يجب محاسبة موردى الأسلحة، ثالثًا: اختيار تسوية سلمية شاملة بدلًا من حصر النقاش فى المجالات الثلاثة: وصول المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، ووقف الأعمال العدائية.
البحث عن حل دائم.. وسيناريوهات ما بعد سكوت المدافع
يبدو أن سؤال وماذا بعد مرور عامين على الحرب فى السودان مشروع ويحتاج إلى إجابة، فليس هناك حروب للأبد، كما أن الأسابيع الأخيرة شهدت ملامح تغيير مهم فى موازين القوى باتجاه قدرات الجيش السودانى على حسم الصراع لصالحه ضد ميليشيات الدعم السريع، حيث نجح فى فترة بسيطة فى فرض سيطرته على ثلثى البلاد، فهو موجود فى أغلب المناطق الشمالية والشرقية والجنوبية الشرقية، وكذلك ولايات الشمال البحر الأحمر ونهر النيل والخرطوم وكسلا والقضارف والجزيرة وسنار والنيل الأزرق والنيل الأبيض وجنوب كردفان، بينما اقتصر وجود الدعم السريع فى أجزاء من دارفور ومناطق متفرقة من كردفان فى الشمال والغرب فى ظل وجود دعوات داخل الجيش لمواصلة القتال حتى دارفور معقل قوات الدعم السريع رغم حاجة ذلك إلى خطوط إمداد ومعارك ضارية فى ظل وجود عوامل عديدة فى صالح هذا الخيار، ومنها وجود انشقاقات داخل قوات الدعم السريع وأهمها كان فى أكتوبر الماضى منذ إعلان القائد العسكرى لقوات درع السودان والمتمركزة فى ولاية الجزيرة وسط السودان ابو عاقلة محمد أحمد كيكل، إنهاء وجوده ضمن صفوفه، اصطفافه يُضاف إلى ذلك أن إقليم دارفور لم يعد مواليًا تمامًا للدعم السريع كما كان بالسابق له، فهناك قطاعات عريضة من سكانه لم تنس جرائمه السابقة فى حقهم، ودعونا نتفق على حقيقة مهمة أن المستقبل القريب للسودان مرهون بثلاثة مكونات أساسية فى مقدمتها الجيش بدوره التاريخى منذ إعلان استقلال البلاد فى خمسينات القرن الماضى، أما الطرف الثانى فهو قوات الدعم السريع، أما الثالث والأخير فهو المجموعات المدنية من أحزاب وتيارات والأمر يحتاج لمزيد من التفاصيل حول كل طرف من هذه الأطراف.
أولًا: الجيش الوطنى السودانى، وسيذكر التاريخ له أنه سعى لتصحيح الخطأ الكارثى الذى تكرس فى زمن عمر البشير فى السماح بظهور وتضخم قدرات الدعم السريع التى تحولت إلى قوة موازية، فالدول لاتسمح بحمل السلاح إلا لجيوشها الوطنية للعمل على دورها الأساسى فى الحفاظ على الأمن القومى للبلاد وحماية استقرارها وأمنها، وقد نشأت شراكة هشة بين الطرفين لفترة وجيزة بعد دورهما معًا فى الإطاحة بالبشير فى أكتوبر 2021، وسرعان ما بدأت المواجهات بين الطرفين فى أبريل 2023، بعد رفض الأخير للجدول الزمنى للاندماج داخل الجيش خلال عامين كما كان مقررًا، مع مطالبة قوات الدعم السريع بأن تكون المهلة عشر سنوات، وحقيقة الأمر أن هناك قوى عديدة انحازت إلى خيار الشرعية الدستورية الذى يجسده الجيش واعتبرته يخوض معركة الكرامة، حيث تشكلت ضمن ما يُسمى المقاومة الشعبية وهى من المتطوعين ومنها بعض الكتائب المنظمة ومنها البراء بن مالك وكتيبة البنيان المرصوص وعناصر من كيان غاضبون بلا حدود وكتبية المطمورة بولاية القضارف شرقى البلاد، ووجودهم كأفراد داعمة للجيش الوطنى دون أن يكون جماعات تابعة لتنظيمات يُضاف إلى ذلك جماعات حليفة تحت اسم القوات المشتركة مثل قوات حركة تحرير السودان برئاسة منى اركو مناوئ وقوات حركة العدل والمساواة بقيادة جبريل ابرهيم وجماعات أخرى، وقد يفسر ذلك النجاحات التى تحققت خلال الأشهر الأخيرة.
الطرف الثانى: ميلشيات الدعم السريع ومن المؤكد أنه من الصعوبة بمكان تصور أى دور لها على المستوى السياسى والعسكرى فى المرحلة القادمة بعد عدد من التطورات منها الانشقاقات داخلها وأهمها كان فى أكتوبر الماضى منذ إعلان القائد العسكرى لقوات درع السودان والمتمركزة فى ولاية الجزيرة وسط السودان ابو عاقلة محمد احمد كيكل خروجه منها، كذلك كما فشلت محاولتها خلط الأوراق على الصعيد السياسى عندما وقعت فى نهاية شهر فبراير الماضى بالعاصمة الكينية نيروبى وثيقة تحالف السودان التأسيسى، مع جماعات سياسية ومسلحة لتشكيل مازعمت أنه حكومة سلام ووحدة، وفتحت الطريق إلى انقسام السودان تحت زعم الاعتراف بحق تقرير المصير لشعوب السودان مع ملاحظة أن المشاركين فى التوقيع لايحظون بأى تأييد شعبى كبير أو قوات نشطة على الأرض، ومن بين الموقعين عبدالعزيز الحلو، ولعل أخطر مايمكن توقعه لجوء قوات الدعم السريع فى مواجهة انتصارات الجيش السودانى إلى حرب استنزاف فى ظل الانتشار الواسع لقوات الجيش فى المساحات التى استعادتها وشن هجمات سريعة وخاطفة لإنهاك القوات المسلحة السودانية أو فتح الطريق أمام إحياء نزاعات انفصالية او تدخلات إقليمية.. الطرف الثالث: المكون المدنى والذى يمثله الأحزاب القديمة والتحالفات والحركات السياسية التى تم تشكيلها مؤخرًا والتى ظهرت أو شاركت فى إسقاط نظام البشير وفرضت نفسها على الساحة فى الفترة التى استمرت حتى أكتوبر 2021، وقد تباينت مواقفها تمامًا من المواجهات بين الجيش الوطنى وميليشيات الدعم السريع مما زاد من انقسامها، فهناك قوى انحازت إلى جانب الحيش السودانى، وأخرى دعمت ميليشيات الدعم السريع، وأخرى فَضَّلت الحياد، وإن كانت المواجهات سببًا فى الخلافات داخل العديد من الأحزاب على سبيل المثال لا الحصر ذلك الانقسام داخل حزب الأمة القومى واتخاذ قرار الاسبوع قبل الماضى من رئيس الحزب المُكلف فضل الله برمه ناصر، بإقالة نوابه ومساعديه أبرزهم مريم المهدى خاصة بعد توقيع رئيس الحزب على وثيقة تحالف السودان التأسيسى مع قوات الدعم السريع وحركات مسلحة أخرى فى 22 فبراير الماضى بالعاصمة الكينية نيروبى، والتى نَصَّت على الاعتراف بحق تقرير المصير لشعوب السودان وعلمانية وفيدرالية نظام الحكومة والتى اعتبرته مؤسسة الرئاسة فى الحزب والتى تضم نواب الرئيس ومساعديه، خروجًا عن مبادئه وقامت بإقالته وتعيين نائبه محمد عبدالله دومة مكانه، وهو نفس ماحدث داخل الأحزاب الكبرى ومنها الحزب الاتحادى وجزء منه وَقَّع على ميثاق نيروبى وانضم إلى تحالف تأسيس وهو نفس حال الحزب الشيوعى والحركة الإسلامية.. وبعد فإنه يمكن الإشارة إلى ثلاثة سيناريوهات الفترة القادمة فى التالى:
الأول: الحسم العسكرى الكامل لأى من أطراف الصراع وفرض أجندته وشروطه.
الثانى: تدخل قوى ثالثة أكبر تستطيع إيقاف المعارك وتفرض رؤيتها وقد تجاوزت الأحداث مثل هذا الاحتمال.
الثالث: وقف الحرب عبر التفاوض المباشر، وهذا صعب لرفض الجيش طوال عامين الجلوس على مائدة تفاوض مع قوة غير شرعية أو التعامل بينهما بالمثل، وقد تعهد قائد الجيش السودانى عبدالفتاح البرهان وقال: لا تفاوض ولا مساومة، كما رفضت أيضًا قوات الدعم السريع وقال حميدتى: لا تفاوض ولا اتفاق لا يوجد نقاش غير البندقية.. وبعد فقد أحسن الجيش السودانى صُنعًا عندما تعامل بشكل إيجابى مع خارطة الطريق التى تم الكشف عنها فى العاشر من فبراير الماضى عندما طرحت قوى سياسية ومجتمعية، وثيقة ودينية وجماعات مسلحة مساندة للجيش بعد مشاورات انتهت منها فى بورتسودان والتى تضمنت التأكيد على الثوابت ومنها وحدة السودان وسيادته الوطنية والالتزام بالديمقراطية وحكم القانون واستقلالية المؤسسة العسكرية أقرت فترة تأسيسية انتقالية يتم خلالها حوار وطنى سودانى والذى سيحدد مدة المرحلة الانتقالية يتم خلالها صياغة دستور للبلاد وإقراره عبر استفتاء شعبى مع التشديد على مشاركة القوات المسلحة فى السلطة لحماية الفترة الانتقالية مع استمرار مجلس السيادة وتشكيل حكومة وحدة وطنية وكفاءات من دون محاصصة، وأكد البرهان أثناء تسلمه الوثيقة، عزمه على تشكيل حكومة حرب أو حكومة تصريف أعمال لاستكمال مهام الانتقال ومساعدة الجيش ووعد بتشكيل حكومة كفاءات مستقلة وكشف أثناء لقائه مع المبعوث الألمانى الخاص إلى منطقة القرن الافريقى هيكو نتشكا منذ أيام، أن الجيش يعمل على تهيئة الظروف المواتية لتولى حكومة مدنية منتخبة مقاليد السلطة بالبلاد، معربًا عن عدم رغبة القوات المسلحة الانخراط فى العمل السياسى.
ودعونا نتفق فى نهاية الأمر أن حاجة السودان إلى مرحلة انتقالية طويلة تنقله إلى دولة مدنية فى السودان، غير ذلك فهى رفاهية سياسية فى ظل السيولة الأمنية، خطط البعض لإدخال البلاد إلى آتون حرب أهلية أو دعم حركات انفصالية.
أكبر أزمة إنسانية وأوسع حالة نزوح فى العالم
تسبب الصراع بالسودان فى أكبر أزمة إنسانية، وأكثرها تدميرًا فى العالم، الآن وبعد مرور عامين على الحرب الطاحنة بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، يحتاج 30 مليون شخص - أى أكثر من ثلثى إجمالى السكان- إلى المساعدة الصحية والغذائية وغير ذلك من أشكال الدعم، أدى الصراع إلى انهيار اقتصادى هائل أسفر عن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأساسية، كما يعانى أكثر من نصف السكان من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائى وخطر انتشار المجاعة الأمر الذى يتطلب استجابة إنسانية عاجلة ورغبة دولية فى إنهاء الحرب والبدء فى عملية إعادة الإعمار.
أدى الصراع فى السودان إلى نزوح أكثر من 9 ملايين شخص داخليًا، وفرار حوالى 2.34 مليون شخص إلى دول مجاورة مما جعل السودان أكبر أزمة نزوح داخلى فى العالم، بالإضافة لذلك يُواجه حوالى 26.6 مليون شخص، انعدامًا حادًا فى الأمن الغذائى مع اقتراب 755 ألف شخص من حافة المجاعة، بالإضافة إلى احتياج 16 مليون طفل لمساعدات إنسانية عاجلة، مع تعرض 1.3 مليون طفل لخطر المجاعة.
تسبب الصراع فى خسائر بشرية واقتصادية هائلة، وتتفاوت التقديرات حول عدد القتلى، حيث أشارت مصادر إلى مقتل حوالى 20 ألف شخص، بينما ذكرت مصادر أخرى أن العدد ربما يصل إلى 150 ألف قتيل بالإضافة إلى تعرض آلاف الأطفال للقتل أو الإصابة مع تزايد حالات العنف الجنسى.. وقالت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لليونيسف عن المأساة الإنسانية، «إن أطفال السودان يكابدون «معاناة لا تُصدق وعنفًا مروعًا»- بما فى ذلك الاغتصاب والعنف الجنسى والمجاعة وسوء التغذية وغير ذلك من الانتهاكات لحقوقهم الأساسية - فيما أنتج الصراع فى البلاد على مدار قرابة عامين، «أكبر أزمة إنسانية وأكثرها تدميرًا فى العالم»، وأضافت فى كلمة لها أمام جلسة لمجلس الأمن مؤخرًا عن الوضع فى السودان: «هذه ليست مجرد أزمة، بل هى أزمة متعددة الجوانب تؤثر على كل القطاعات، من الصحة والتغذية إلى المياه والتعليم والحماية»، وشددت راسل على أن حجم وخطورة هذه الأزمة يتطلبان تهدئة عاجلة للنزاع، واستئناف حوار سياسى يُنهى النزاع نهائيًا، ووصولًا إنسانيًا غير مقيد عبر الحدود وخطوط النزاع لمكافحة المجاعة والتخفيف من حدتها، وتلبية الاحتياجات العاجلة لملايين الأشخاص الضعفاء.. ومن جانبه قال كريستوفر لوكيير الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود عن الأزمة، إن الجيش السودانى وقوات الدعم السريع لا تفشل فقط فى حماية المدنيين «بل إنها تفاقم معاناتهم بنشاط»، وشدد على أن الحرب فى السودان «هى حرب على الناس- وهذه حقيقة تزداد وضوحًا يومًا بعد يوم»، وقال لوكيير إن الآثار المدمرة للحرب تتفاقم بسبب القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية سواء كانت مفروضة عمدًا أو نتيجة للشلل البيروقراطى أو انعدام الأمن أو انهيار الحكم والتنسيق.. وبالنسبة للخسائر الاقتصادية، تضررت عدد من القطاعات الحيوية بشكل كبير، حيث فقد القطاع الصناعى حوالى 75٪ من وحداته الإنتاجية وتعرض قطاع الخدمات لخسائر بنسبة 70٪، والزراعة بنسبة 65٪، كما دمرت العديد من المرافق الحيوية مثل الجسور والسدود وشبكات الكهرباء والمياه، بالإضافة لذلك خرج أكثر من 80٪ من المستشفيات فى المناطق المتأثرة بالنزاع عن الخدمة، ما أدى إلى انهيار النظام الصحى وانتشار الأمراض مثل الكوليرا والحصبة، مع تقديرات تشير إلى الحاجة لنحو 11 مليار دولار لإعادة تأهيل القطاع الصحى، وبالنسبة لقطاع التعليم، فقد توقفت العملية التعليمية تمامًا منذ بداية الصراع مما أثر على حوالى 19 مليون طالب مع تدمير العديد من المدراس والجامعات.
وعلى الرغم من حجم المأساة الإنسانية التى تزداد كلما ازداد أمد الحرب، لم تنجح الجهود الدولية على مدار الشهور الماضية فى وقف الحرب الطاحنة، كما أطلقت الأمم المتحدة عدة نداءات إنسانية منذ بداية الصراع كان آخرها فبراير الماضى، حيث أطلقت الأمم المتحدة نداءين إنسانيين لجمع 6 مليارات دولار من المانحين الدوليين لمواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة بالسودان، ويوضح الرقم حجم المأساة الإنسانية والاقتصادية التى يواجهها السودان مما يستدعى استجابة عاجلة لدعم جهود الإغاثة وإعادة الإعمار، وبدورها، أعلنت مصر عن استعداد الشركات المصرية للمساهمة فى إعادة الأعمار فى السودان من أجل تحقيق التعافى المبكر وتحسين الأوضاع فى أقرب فرصة ممكنة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.